لا يعيش اليمن السعيد هذه الأيام سعادته كاملة بالنظر إلى المواجهات الدموية التي تعصف به وتهدد استقراره ووحدته خاصة وأن الشعب اليمني شعب مسلح (أكثر من 60 مليون قطعة سلاح في تصرف اليمنيين) بما يحتم ضروة التعجيل بالانخراط في عملية حوار شامل بعيدا عن لغة السلاح والمكابرة وتأخذ في الاعتبار الأزمة بكل جوانبها ومعطياتها وملابساتها وبمساهمة كل الأطراف الضالعة فيها. فالعنف لا يولد إلا العنف، وهذه حقيقة تنطبق على اليمن وعلى خارج اليمن حيث تتواجد بؤر التوتر العنيف والدموي. فاليمن في خطر حقيقي ويعيش أوقات حرجة بل قد تكون مفصلية في تاريخه الحديث. إذ تتواتر الأنباء بخصوص تسرب حوالي 160 ألف مقاتل وانتحاري الى اليمن من الصومال المجاورة حيث الأوضاع الأمنية أكثر انفلاتا ما من شأنه أن يدعم حلم بن لادن وتنظيم القاعدة في تحويل اليمن إلى قاعدة مركزية جديدة لاسيما بالنظر لموقعها الجغرافي الاستراتيجي. وهناك دون شك اطماع جهوية أخرى تتربص الدوائر باليمن المضطر لتحويله لجبهة جديدة قد تساهم في تمييع قضايا المنطقة الجوهرية وتشتيت الاهتمام بها. كما أن الجنوبيين في اليمن الموحد ومنهم عدد غير قليل من المتطرفين المتحالفين موضوعيا مع تنظيم بن لادن، اليمن الأصل والجذو، يتحركون بعنف مدعوم لتقسيم اليمن مما يعني انهياره ككل وإشاعة الفوضى والاضطراب في مختلف ربوعه. التحدي الثالث، بعد الانفصاليين في الجنوب وتنظيم القاعدة، يمثله الحوثيون الذين يسيطرون على مناطق حدودية مع السعودية ويشكلون بما يملكون من عتاد عسكري وعدة ودعم خارجي خطرا حقيقيا على الوضع اليمني واستقراره رغم افتقارهم فيما يبدو الى قاعدة شعبية واسعة. كل ذلك إضافة إلى تعمد بعض القبائل اليمنية اللجوء الى حمل السلاح في مواجهة بعضها البعض بدفع من هذا الجانب أو ذاك بما يهدد بنشوب حرب طائفية لا تبقي ولا تذر. الوضع كما يبدو، هو دون ريب، قاتم، لكن الأمل يبقى قائما في وضع حد لهذا الوضع المتدهور عن طريق الحوار وبالاحتكام لعقلاء اليمن، وهم كثر، بحثا عن الحلول الجذرية وان بدت صعبة وقاسية في بعض جوانبها. كما أن حل الأزمة اليمنية المتفاقمة اليوم يستوجب تدخلا عاجلا وفاعلا وحكيما من طرف بلدان مجلس التعاون الخليجي أساسا بعيدا عن المنطق التنافسي، والمعنية بالأساس بالحالة اليمنية وحفاظا على أمن الخليج العربي واستقراره ككل. ان الحلول المرجوة للأزمة اليمنية وجب أن تكون سياسية وشاملة وبعيدة المدى لافشال كل آمال المتربصين باليمن وفي مقدمتهم الجهات المتطرفة التي لا يسعدها اطلاقا أن تعود السعادة لأشقائنا في اليمن السعيد.