تونس الصباح يتزامن شهر الصيام هذه السنة مع العودة المدرسية التي بدورها تأتي في اخر صفحات الصيف بما يحمله من مصاريف تكاد لا تنتهي. لذلك، يجد الولي نفسه مكبلا بالمصاريف. التي قد لا تتناسب مع مداخيله المتواضعة فيلتجئ لحلول فورية وعاجلة علها تخلصه من وقوع مشاكل مادية قد تكون عواقبها وخيمة. الاقتراض والضغط على المصاريف، تقاسم المسؤوليات بين افراد العائلة واللجوء في اقصى الحالات لزيارة الاقارب، زيارات قد تصل الى ايام او اسابيع، حلول تحدث عنها التونسي بمرارة احيانا، وبابتسامة احيانا اخرى تخفي وراءها أمل لا ينطفئ. السيد مبروك البوغانمي متزوج واب لولدين كبلته أغلال الديون التي قال عنها: «أنا أقترض اذن أنا موجود، هو شعار التونسي اتسلم «الشهرية» في الاسبوع الاول من الشهر وبعد اقل من عشرة ايام اقترض من أحد الاقارب أو الأصدقاء ما ينقذني من مخالب العجز المادي، وذلك طوال اشهر السنة ما ان استخلص ديوني حتى اعود واقترض من جديد». ويضيف مبررا «غلاء المواد الغذائية لا يحتمل واسعار الملابس الجاهزة «نارية» والكماليات اصبح اغلبها من الضروريات.. والاب يقف امام كل هذا بيد فارغة واخرى لا شيء فيها ما يدفعه احيانا لان يستجدي عطف الآخرين عساه يتخلص من مخالب الخصاصة». الاقتصاد نصف المعيشة للآنسة منال العبيدي (21 سنة) رأي آخر حيث قالت: «ما من مشكل ليس له حل، والحل الذي من شأنه ان ينقذ الاب من الوقوع في مشاكل مادية خاصة في هذه التفرة هو ان يحاول تجنب الاسراف في المصاريف، كأن ينفق امواله في الكماليات متناسيا ان المناسبات والأعياد تفتح ذراعيها للميزانية». وتضيف: «من الحلول الأخرى الكفيلة بالتصدي للمشاكل المادية، ان يتقاسم افراد العائلة المسؤولية، كأن يلتحق الأبناء بالعمل في الفترة الصيفية، وهذا ما فعلته وما تفعله حتى الصغرى علنا بذلك نساعد ابي على المصاريف الباهظة و غلاء الأسعار».. الأزمة العالمية لم تمنع الاكتظاظ امام المحلات الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع اسعار البترول ساهمت بشكل مباشر في ارتفاع اسعار المواد الغذائية والملابس الجاهزة ما جعل العيش أكثر صعوبة والناس في حيرة من امرهم. هذا ما جاء على لسان الآنسة زينة الدريدي طالبة علوم اقتصادية، ثم استدركت «ولكن المتجول في اسواقنا خلال هذه الايام يلحظ التهافت على الملابس الجاهزة والطوابير الطويلة امام محلات الحلويات ما يجعل الملاحظ يرجح ان معدل الدخل الفردي الخام للتونسي تضاعف عشر مرات. ولكن ما ان تلقي السؤال على أحدهم حتى يقول ويؤكد «اقترضت» ولكل واحد طريقته في ذلك، إما من احد الاقارب او الاصدقاء او من البنك ولئن اختلفت طرقهم في ذلك فقد توحد هدفهم وهو ارضاء الاطفال والاحتفال بشهر رمضان والعودة المدرسية على الطريقة «التونسية». لا بد للأولياء ان يتجنبوا متاهات الرفاهية التي لا جدوى منها وان يتخلصوا من مرض التفاخر والتباهي على حساب الميزانية ومستقبل الابناء. هذا كل ما قاله السيد عمار البنزرتي. أخشى أن أكون شاقيا ومحتاجا! ناجح عاقلي شاب في مقتبل العمر يبدو أنه احس بالضغوطات المادية التي تحاصر الاب من كل جانب فأشاح بوجههه عن مغريات البحر ونداءات المهرجانات وسحر الحفلات والراحة التي ينشدها الجميع في ظل ارتفاع الحرارة الذي لا يحتمل تخلى عن كل ذلك والتحق بالعمل، محاولا بذلك تغطية مصاريف عودته المدرسية ومساعدة الاب على مصاريف رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك. وكما قال: «أؤمن بمقولة «شاقي ولا محتاج» ولكن اخشى ان أكون شاقيا ومحتاجا في الآن ذاته!!