تونس الصباح "عيد بأية حال عدت يا عيد... " صدر بيت جمع تحت كلماته من اختار زيارة الأقارب والأصهار محافظين بذلك على عادات دأب عليها الأجداد وتوارثها الأحفاد. ومنهم من تجاوز هذه العادات وابتدع أساليبه الخاصة في معايدة أقاربه وتهنئة عائلته بالعيد اعتمادا على وسائل الاتصال الحديثة. فكانت لكل واحد طرقه ولكل واحد أساليبه وإن تنوعت فإن القصد واحد التهنئة بالعيد قبل كل شيء والاستمتاع بلمة العائلة هو القاسم المشترك. اختلفت وسائل المعايدة وتنوعت وكانت زيارة العائلة والتعويل على وسائل الاتصال السمة الأبرز فيها. السيد رضا العوان موظف أكد أن لا مناص هذه السنة وككل سنة من الاحتفال بالعيد مع العائلة المضيقة بحكم بعد المسافة بين بقية أفراد العائلة ولخص ذلك بقوله: "... أجواء لم الشمل في العيد لا تظاهيها أية أجواء أخرى... لكن بما أن ذلك غير متاح دائما فلا مفر من الاكتفاء بتقضية أجواء العيد محليا مع العائلة المضيقة وفي ذلك متعة وطرائف وأجواء خاصة...". حرص السيد رضا العوان على "اللمة" ولو "محليا" شاطرته السيدة رجاء صوة موظفة وأضافت: "... صحيح أن فرحة الاحتفال بالعيد في منزلي بين أطفالي لا توازيها فرحة ولكنها تبقى منقوصة ما لم أزر عائلتي وعائلة زوجي لتكتمل الفرحة ويلتم الشمل وفي ذلك أجواء خاصة بكل المقاييس ما كنت سأعيشها لو لم أتنقل لزيارة العائلة والأحباب... هي عادة حسنة اعتدت عليها وهكذا توارثناها أنا واخوتي وزوجاتهم منذ الصغر فتعود الأبناء على اتباعها... أضف إلى ذلك أن نسق الحياة ووتيرتها الروتينية جعلت من استغلال فرصة العيد لزيارة العائلة متنفسا للجميع...". السيد محمد فوزي بالغ موظف لم ينف أهمية الالتقاء ولكنه ربطه بحضور من هم أكبر سنا في العائلة وبغيابهم لا سيما الوالدين عادة ما تضمحل تلك الرابطة أو تضعف وأشار إلى أن "... سابقا كان الاجتماع مرتبطا بحضور الوالدين في المنزل ورغم بعد المسافة باعتباري أصيل الشمال الغربي لم يمنع ذلك من الالتقاء وتبادل التهاني بالعيد لتتخطى بذلك الروابط كل الحدود... أما حاليا فأصبح الأمر مقتصرا على العائلة النواة...". لتكنولوجيات الاتصال حضور إرساليات قصيرة للأصدقاء واتصالات هاتفية بالعائلة الممتدة وزيارة العائلة المصغرة طرق ثلاث جمعها السيد محمد الذي أكد أهمية دور الهاتف في مثل هذه المناسبات لتخفيف وطأة اللوم على من لم يستطع زيارة أصدقائه وأقاربه لكنه أوضح أيضا أن: "... الاتصال الهاتفي لا يظاهي معايدة العائلة مباشرة ودون حدود...". تكنولوجيات الاتصال نافذة فتحتها السيدة عزة لحمر ربة بيت فعبرت عن شوقها لابنها أحد مواطنينا بالخارج ولم تخف أن الانترنات منفذ لا غنى عنه لتقريب المسافات وتجاوز الحدود الجغرافية فتأتيك صورة من اتصلت به وصوته لا تنقص في خضم ذلك كله سوى الاتصال الحي والمباشر "... الذي لا يعوض... ". ولذلك تراها تقضي ساعات وساعات أمام شاشة الحاسوب تتحاور مع ابنها وتتابدل مع أحفادها تهاني العيد وتلك هي الطريقة التي تتبعها منذ سفره. طرق مبتكرة تشد الانتباه مثلما شدت السيدة عزة إلى شاشة حاسوبها وشدت أذنها سماعة الهاتف الذي أغناها عن الترحال لرؤية ابنها وإن كانت هذه الطرق لا تعوض ذلك مثلما أشارت قائلة: "... صحيح أن تكنولوجيات الاتصال جعلت من الخيال متاحا ونقرة واحدة على زر كفيلة بأن تكفيني شر التشوق لابني ومعاناته... لكن ذلك لا يغنيني عن رؤيته...". «صلة الرحم..» السيدة ربيعة بن كرم شددت على قيمة صلة الرحم وربطت العيد بذكريات عقود ظلت مرتبطة بذاكرتها وتسترجع أعياد تلك العقود فتذكر:"... في اليوم الأول من العيد تضل النسوة في المنزل بينما يخرج الأزواج والأبناء لتبادل التهاني على ان تقوم المرأة هي الأخرى في اليوم الثاني من العيد بزيارة الأجوار والأقارب...". وتؤكد السيدة ربيعة أن التزاور في العيد عادة وتربية تغرس في الأبناء ويربون عليها قبل كل شيء... فالكل متفقون على الاجتماع في مثل هذه المناسبات هكذا درجت العادة...". السيدة منيرة بكوش والسيدة سيدة ونيش شقيقتان عابتا على أجيال الحاضر نوعا من التقصير في زيارة الأقارب وتحدثت السيدة سيدة ونيش من منطلق تجربتها مع أبنائها فهي تجرهم جرا لمعايدة الأهل تشاطرها في ذلك السيدة منيرة بكوش التي أكدت أيضا أن حضور والدتها في منزلها جعل من الالتقاء عندها لا يخلو من أجواء تعيشها كل عيد ليكون الالتقاء بكافة أفراد العائلة مبرمجا مسبقا. وفي غمرة الاحتفال بفرحة العيد ترى جموع العائلات وقد تنوعت أساليب المعايدة التي ولئن تنوعت فإن زيارة العائلة بقي القاسم المشترك بين هؤلاء التونسيين الذين دأبوا على الالتقاء وزيارة بعضهم بعضا ليؤكدوا أيضا قيمة اللحمة بينهم خلال العيد محافظين على عادات توارثوها أبا عن جد فيصدق عجز البيت "... أبما مضى أم لأمر فيك تجديد".