مر قبل ايام خبر استئناف العلاقات بين اسرائيل وجمهورية المالديف اصغر دولة مسلمة في العالم دون ان يثير ادنى اهتمام يذكر في مختلف الاوساط السياسية والديبلوماسية والاعلامية. وذلك رغم ان قرار استئناف العلاقات المجمدة جاء من نيويورك على هامش اشغال الجمعية العامة للامم المتحدة في اعقاب اللقاء الذي جمع بين وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان ومسؤول عن المالديف ضمن اخبار عن سلسلة من اللقاءات التي جمعت في الكواليس المسؤول الاسرائيلي بعدد من نظرائه العرب املا في قطع المزيد من الخطوات باتجاه التطبيع معها... ولولا ان الخارجية الاسرائيلية حرصت على بث الخبر وترويجه والتاكيد على استئناف علاقاتها مع هذا البلد بعد انقطاع دام سنوات طويلة لما كان بلغ الاسماع... ولا شك ان في حرص الجانب الاسرائيلي على كشف الخبر ورفع التعتيم من حوله ليس بالبراءة التي يتوقعها البعض وليس بالحدث المجاني او بهدف خدمة الاعلام وانارة الراي العام، فالامر ابعد من كل ذلك ولايخلو من حسابات دقيقة ورسائل لا تخفى على مراقب فالمالديف ليس بلد مجاور لاسرائيل ولا يعد باي حال من الاحوال لاعبا اقليميا مهما كما هو الحال بالنسبة للاردن او مصر اوتركيا والارجح ان اغلب الاسرائيليين لا يعرفون القليل او الكثير عن هذا البلد ولا عن موقعه او لغته ناهيك عن موقعه او خصوصياته ولا شيء يمكن ان يبرر نشوة الاسرائيليين بهذا القرار باستثناء ما يمكن ان يحمله في طياته من اغراءات للدول المسلمة ذات الامكانات الضعيفة والثروات المحدودة بقطف ثمار التطبيع او محاولات لاحراج الدول العربية والاسلامية لاسيما تلك التي لا تزال تتصدى لضغوطات رفع المقاطعة وترفض الانقياد وراء دعوات واغراءات الخارجية الامريكية بتوخي الليونة والقبول بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي بدعوى تشجيع الحكومة الاسرائيلية الراهنة على المضي قدما باتجاه تجميد مؤقت للاستيطان وهو ايضا ما يمكن ان يساعد بالتالي رصد وفهم المزيد من توجهات المسؤولين الاسرائيليين الذين يرون في هذه الخطوة انتصارا جديدا يحسب للديبلوماسية الاسرائيلية وخرقا اضافيا للخارطة العربية والاسلامية بل وبوابة جديدة يمكن ان تكون معبرا لتلميع صورتها في اسيا الوسطى وتحقيق المزيد من عمليات التطبيع في منطقة لا تغيب عن انظار الدول الكبرى لا بسبب موقعها الاستراتيجي فحسب ولكن بسبب مواردها وثرواتها من النفط والغاز... اكثر من سبب اذن من شانه ان يبرر سعي اسرائيل لتطبيع العلاقات مع هذا البلد النائي المسلم الواقع في المحيط الهندي وهو الذي لا يزيد عدد سكانه عن بضعة الاف قد لا تربطهم مصالح استراتيجية تذكر بالدولة العبرية باستثناء انها بوابة العبور الى الفوز برضا البيت الابيض ومساعداته المالية المهمة بالنسبة لبلد مثل المالديف خاصة بعد ان ظل رئيسه السابق مامون عبد القيوم وعلى مدى سنوات حكمه الطويلة يرفض خيار التطبيع مع اسرائيل ويعرض عما يوصف بالاغراءات الاسرائيلية على عكس الرئيس الحالي محمد نشيد الذي منح اسرائيل فرصة التباهي باضافة المالديف الى كل من اذربيجان وتركيا عضو الناتو التي تربطها علاقات عسكرية واستراتيجية مهمة مع اسرائيل... قد لا تكون المالديف في نظر الكثيرين اكثر من وجهة سياحية مغرية بالنسبة لاصحاب الملايين واللاهثين وراء رحلات الاستجمام وعمليات التجميل ولكن المالديف تعني اكثر من ذلك في قاموس الدولة العبرية التي وجدت اليها منفذا مهما بعد كارثة تسونامي التي حلت بها فكان ان سارعت بتقديم خدمات المساعدة للمنكوبين الذين لم تبلغ نداءاتهم اذان الدول العربية والاسلامية المقتدرة فيما كانت اعين الاسرائيليين ومنذ البداية متجهة الى العلاقات المقطوعة بين البلدين بما يؤكد ان قطارالتطبيع الاسرائيلي لا يتوقف ولا يعترف بالحواجز وهو مصر على المضي قدما باتجاه التطبيع المجاني ...