تونس - الصباح يُعد السيد خالد العقربي ، رئيس الغرفة النقابية لمنتجي الافلام التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، أحد قدماء الوجوه الناشطة في الحقل السينمائي، بل هناك من يُطلق عليه اسم «المناضل» لأنه نذر نفسه لخدمة قطاع السينما منذ سبعينات القرن الماضي.. فقد تقلّب في عدة مواقع ونشط في أكثر من مجال.. في نوادي السينما وفي الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة.. وفي غيرها.. في هذا اللقاء يحدثنا السيد خالد العقربي بصفته رئيسا للغرفة النقابية الوطنية لمنتجي الافلام عن ملامح المشهد السينمائي في تونس راهنا وعن جوانب من مشاغل القطاع والمهنيين.. جولة مع «العقربي»... بدأ السيد خالد العقربي حديثه إلينا بالتأكيد على أن قطاع الانتاج السينمائي بحاجة أكيدة وضرورية لعملية غربلة تعيد إليه نضارته بل وحتى سمعته وذلك بعد أن تهافت عليه الدخلاء واختلط فيه الحابل بالنابل وأصبح بعض «تجار الشنطة» والعبارة له - يقدمون أنفسهم على أنهم منتجو أفلام وأنهم يديرون شركات إنتاج سينمائي.. مما أحدث خلطا كبيرا وتداخلا شوّش المشهد السينمائي في جانبه المهني بحيث لم يعد هناك فرق في أذهان البعض «وهذه مصيبة» على حد تعبيره - بين المنتجين السينمائيين الحقيقيين الكبار والمحترفين من أمثال عبد العزيز بن ملوكة وحسن دلدول ونجيب عياد والحبيب بلهادي ورياض ثابت وحتى من الجيل الجديد مثل المنتج عماد مرزوق الذين ينتجون أفلاما وأشرطة سينمائية سواء كانت طويلة أو قصيرة وبين متطفلين ينشطون في مجال الانتاج السمعي البصري (الومضات الاشهارية- أشرطة وثائقية..). «الكثرة وقلّة البركة» في ظل هذه الوضعية (وضعية شركات الانتاج السينمائي) -مثلا- التي نراها من وجهة نظرنا كغرفة نقابية تتسم على المستوى القانوني بشيء من التساهل على اعتبار أن القانون ينص على أن لكل مواطن الحق في بعث شركة إنتاج سينمائي شريطة توفير رأس مال أدنى (10 آلاف دينار) والامضاء على كراس شروط، مما جعل عدد شركات الانتاج يصل راهنا الى أكثر من 500 شركة، مما أنتج «أوضاعا غير صحية» في القطاع وكشف عن عديد التجاوزات من قبل بعض الدخلاء وهي تجاوزات أضرّت حقيقة بمصداقية المنتج السينمائي التونسي لدى جهات الانتاج الاجنبية وحتى لدى بعض المؤسسات التونسية الرسمية المتدخلة مثل مؤسسة التلفزة.. لذلك تحركنا كغرفة نقابية لتصحيح الوضعية.. تحركنا، لا من منطلق العداء للمبادرة الخاصة، وإنما من منطلق الحرص على السمعة وعلى المردودية. فكان أن طالبنا مثلا ولازلنا نطالب بضرورة مراجعة التراتيب المتعلقة بهذه المهنة.. كضرورة تصنيف شركات الانتاج السينمائي حسب رأس المال والخبرة ومجال التدخل حتى نحافظ على مصداقية المهنة وعلى سمعة رموزها لدى المنتجين الاجانب الذين يرغبون في تصوير أفلامهم في بلادنا... إننا نصرّ هنا تحديدا -يضيف السيد خالد العقربي -على ألاّ يتم إسناد رخصة شركة إنتاج سينمائي الا للباعث المستثمر الذي يحمل بطاقة مهنية كمدير إنتاج.. المطالبة بمركز وطني... وفي باب المطالب يضيف السيد العقربي ايضا «نطالب بضرورة بعث مركز وطني للسينما على غرار ما هو موجود في كافة البلدان الأوروبية وحتى في بعض البلدان العربية مثل مصر وسوريا والمغرب والجزائر.. مركز يكون في هيئة مؤسسة عمومية ذات صبغة ادارية يعوض ويحل محل إدارة الفنون السمعية والبصرية التابعة لوزارة الثقافة والمحافظة على التراث ويكون من مهامه الأساسية اقتراح التشريعات المنظمة للقطاع ودراسة ملفات الدعم ومنح الرخص ومتابعة القرارات ومراقبة تطبيق القانون في المجالات الراجعة اليه بالنظر وتنظيم وتطوير الشراكة وطنيا ودوليا وغيرها من المهام التي نقدر أنه لا يمكن لادارة فرعية في صلب وزارة أن تضطلع بها بمفردها على أكمل وجه.. قلنا له: عفوا، أراك الآن قد سربت كلمتين خطيرتين لابد من الوقوف عندهما وذلك عندما قلت تحديدا أنكم كغرفة نقابية تريدون من وراء بعث مركز وطني للسينما أن يكون من مهامه «دراسة ملفات الدعم ومراقبة تطبيق القانون».. فهل معنى ذلك أن عملية اسناد الدعم كما هي عليه لا تبدو لكم مقنعة وعادلة؟ وهل معنى ذلك أيضا أن القانون لا يبدو مطبقا بالكامل فيما يتعلق بقطاع الانتاج السينمائي؟ تبسم السيد العقربي وقال: أجيبك بوضوح وصراحة: نعم أحيانا تبدو لنا مقاييس اسناد الدعم على الانتاج غير عادلة وغير منطقية.. إذ كيف يعقل -مثلا- أن يتقدم مخرج مثل نوري بوزيد بمشروع فيلم جديد يطلب من خلاله دعما على الانتاج فلا تقع الاستجابة لطلبه.. أقولها بكل وضوح إن نوري بوزيد وعبد اللطيف بن عمار ورضا الباهي - على سبيل الذكر -يجب ان يكونوا خارج التصنيف وألا تتردد أية جهة أو لجنة في منحهم ما يطلبون من دعم لأنهم رموز في السينما التونسية بأتم معنى الكلمة.. بل أكثر من ذلك إنني لا أتردد في القول في أنه لو كان الأمر بيدي، لأجبرت نوري بوزيد - مثلا - على ألاّ يتقاعس وعلى ألاّ يبقى طويلا ينتظر بين اخراج فيلم وآخر لأن ذلك ليس في مصلحة السينما التونسية.. إن من مصلحة السينما التونسية أن يكون نوري بوزيد وعبد اللطيف من عمار ورضا الباهي أبناء مدللين لدى القائمين على قطاع الانتاج السينمائي في بلادنا. هذا فيما يخص ملف الدعم.. وماذا عن قولك «مراقبة تطبيق القوانين»؟ - في هذا الباب تحديدا أعطيك مثالا .. ففي الفصل 19 - مثلا- من المرسوم رقم 717 - 2001 الصادر بتاريخ 19 مارس 2001 والذي يضبط شروط وآليات تقديم منح الدعم على الانتاج السينمائي، هناك تنصيص على ضرورة بل وجوبية أن تستدعي لجنة اسناد الدعم في حال رفضها لملف من الملفات، أن تستدعي باعث المشروع وأن تعلمه بما يتعين عليه اضافته حتى يحصل على منحة الدعم.. مثل هذا الفصل لا يبدو مطبقا للأسف.. مكاسب ومطالب تحققت السيد خالد العقربي رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي الافلام راح في نهاية هذا اللقاء -وبعد أن تحدث عن النقائص والشوائب التي تحف بالقطاع - يعدد المكاسب التي تحققت للمهنيين ولقطاع الانتاج السينمائي بفضل ما قال أنه انفتاح كامل من سلطة الاشراف خاصة في عهد السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث على المهنيين ومطالبهم من ذلك - والكلام له - أن الغرفة النقابية لمنتجي الافلام أصبحت عضوا ضمن اللجنة الاستشارية المكلفة بابداء الرأي في منح البطاقة المهنية في الميدان السينمائي وتجديدها وسحبها كما أنها (الغرفة) دعيت كذلك لتكون عضوا في لجنة شراء الحقوق غير التجارية.. للافلام التونسية.. وهي كلها -يضيف السيد خالد العقربي -مكاسب تعكس تفاعل سلطة الاشراف مع مطالب المهنيين وأهل القطاع...