تونس الصباح نجمان تونسيان سطعا من مكانين مختلفين في سماء الفن... الأول في باريس والثاني في سوريا.. في مسرح «لا سيغال» الباريسي، أدار فيصل القروي (38 سنة) المولود لأب تونسي وأم فرنسية رقاب المولعين بموسيقى أوروبا الشرقية ذات التوجه الغجري، عندما قاد ببراعة ملفتة «أوركستر بوبيارن الفرنسي» في استعراض موسيقي احتضنه الفضاء المذكور تحت تسمية «رابسودي». سمّار الأوبرا السورية اكتشفوا صوت وحضور درصاف الحمداني في حفل طربي وصفوه ب«تنهيدة تونسية تلفح الجمهور السوري بهواء طربي».. وقفة مع إطلالة النجمين. بين «بوبيارن» ونيويورك يوحي فيصل القروي، لفرط براعته في تقديم موسيقى الغجر، أنه ينتمي إلى دولة أوروبية شرقية في الأساس، إلا أن موهبته التي تفتحت منذ الطفولة وقدرته على التأقلم مع أشكال الموسيقى العالمية بلا استثناء، قاداه إلى المرتبة التي هو عليها الآن، والتي تجاوزت في الأصل حدود باريس لتصل إلى نيويورك. قبل وصوله إلى أوركسترا «بوبيارن» التابع لمسقط رأسه في الريف الفرنسي، درس القروي الموسيقى وأحيا حفلات في المدارس والجامعات والسجون.. ولم يكن يتوقع أن تتجاوز شهرته حدرد الأوركستر الفرنسي، ولو أنه يعد من أشهر الفرق الموسيقية ويأتي مباشرة بعد أوروكستر باريس، لتصل إلى نيويورك وتحديدًا إلى فرقة بالي مدينة نيويورك ذات الصيت العالمي، الذي أولته الإدارة الموسيقية للفرقة كلما قدمت عروضها قي نيويورك أو خارجها، علمًا أن البالي يطوف العالم ببرامجه الاستعراضية في شكل دوري. صولات درصاف لم يسبق حفل درصاف الحمداني الذي أحيته في الأوبرا السورية دعاية كالتي تلقاها بعض الفنانات كلما حططن الرحال في هذا الفضاء أو ذاك، ولكن الذين حضروا حفلها وعددهم كبير وقفوا على إمكانيات صوت حبس أنفاس الحاضرين بمسرح الدراما في دار الأوبرا الدمشقية، وقدم كل فنون الغناء العربي بأناقة واقتدار.. صوت رهيب كما وصفه النقاد السوريون استخدم كل مساحته الواسعة وصال وجال من القرار إلى الجواب في أصعب المقطوعات.. صوت عمّقت خبرته الثقافة والدراسات المعمقة في التراث الموسيقي والغنائي التونسي والعربي. رحلة ساعتين من الزمن تنقلت فيها درصاف بين مختارات من الأغاني التونسية «طير الحمام»، «ربي عطاني»، وروائع الكلاسيكيات المصرية لإسمهان ومحمّد عبد الوهاب وأم كلثوم... درصاف الحمداني اسم سيتذكره السوريون طويلاً، وصوت كاف للإجابة عن السؤال الذي طرحه النقاد بعد الحفل وهو: «هل انتقل مركز الطرب العربي الأصيل إلى المغرب العربي وبشكل خاص إلى تونس والمغرب؟».