بعد جولة أوروبية ناجحة مثّل فيها الموسيقى التونسية وقاد خلالها أعرق الاركسترالات العالمية مؤكدا الكفاءة التونسية وتميزها يعمل المايسترو شادي القرفي وموزع الألحان هذه الأيام على إعداد أوبيرات جديدة باللغة العربية من ألحانه وكلمات عدد من الشعراء هذا ما صرّح به المايسترو شادي عندما التقته "الصباح" سائلة عن أصداء تمثيله لتونس في واحدة من أهم التظاهرات الموسيقية العالمية وعن أسباب عدم مشاركته في المهرجانات التونسية لصائفة 2012 رغم انه اعد مشروعا جديدا وتقدم به الى الجهات المعنية من اجل الحصول على عرض في مهرجان الحمامات الدولي فكان الحوار التالي: تربيت في فرقة مدينة تونس على الموسيقى التونسية الأصيلة وتربت أذنك على تعدد الأصوات ولكنك لم تكتف بهذا ولم تقبل ان تلبس جلباب الوالد فكيف بدأت المسيرة ؟ - أنتمي إلى عائلة موسيقية ساعدتني على أن أتعلق بالموسيقى وأمارسها كهواية حيث أنني كنت احضر بروفات الموسيقيين في البلماريوم منذ كان عمري ثلاث سنوات ولكن لم اكتف بذلك وإنما درست في المعهد الوطني للموسيقى بشارع باريس ثم بالمعهد العالي للموسيقى بدمشق حيث درست البيانو كآلة رئيسية وتقنيات الكتابة الاركسترالية والتوزيع الاركسترالي وقيادة الاركسترا وبعدها التحقت بالمعهد الوطني للموسيقى بباريس حيث تحصلت على شهادة عليا في ختم الدروس الموسيقية اختصاص قيادة اركسترا وتوزيع اركسترالي وتتلمذت على نيكوللا بروشو شاف اركسترا مونتي كارلو ودرست عند هنري كلود فونتابيي قائد اركستر راديو فرنسا والعازفين المنفردين بباريس. ثم تحصلت على شهادة كفاءة وموهبة مما ساعدني على الإقامة في فرنسا وساعدني على التقدم أشواطا في أطروحة الدكتوراه في العلوم الموسيقية من جامعة العلوم الإنسانية في مدينة روان. هذا بالنسبة إلى التكوين الأكاديمي.. والانطلاقة الفنية كيف كانت؟ - منذ كنت ادرس قدمت حفلات في سوريا ومنها حفل افتتاح دار الاوبيرا بدمشق في افريل 2004 وفي تونس في إطار مهرجان المدينة وعديد المهرجانات الجهوية ومن أهم العروض التي قدمتها اذكر عرض شوق مع الفنانة السورية لبانة قنطار في موسم 2010 / 2011 وقدمته في مهرجاني موسيقيون من تونس ومهرجان ليالي قرطاج. في أي إطار تتنزل مشاركتك في فرقة شباب البحر الأبيض المتوسط؟ احتاجت فرقة شباب البحر الأبيض المتوسط إلى قائد اركستر وفتحت مناظرة فبعثت ملفا وعلى أساسه تم اختياري وتمكنت من تقديم عرضين الأول في اكس إين بروفانس بفرنسا والثاني بمرسيليا. هل تصف لنا شعورك وأنت تتحمل مسؤولية كبيرة بهذا الحجم وتحمل علم تونس وتجابه كل ذاك الجمهور والعازفين العالميين في ذاك الحفل. - لم يكن أمامي من حل عندها إلا الإقناع والنجاح حيث كانت المسؤولية عظيمة جدا خاصة بعد ان اطلعت على الأسماء التي تقدمت بملفات من العازفين العرب وخاصة المصريين ولحظة وقوفي لأتحدث وأتشاور مع خيرة عازفي العالم الذين كنت لا أراهم إلا على شاشة التلفزة والذين كان التقرب منهم حلما يراود خيرة الموسيقيين والعازفين فهمت ان كل شيء تغير في حياتي وانه علي ان انظر إلى الأمام وان أنسى العراقيل وأهلها. أما ما بقي في ذهني من تلك التجربة فهو عدم تصديق العازفين تونسيا حيث صرح لي بعضهم أنهم لم يتخيلوا يوما ان يقف قائد اركسترا عربي في ذاك المكان ويقودهم. لقد كان من المقرر ان ابقى لمدة أسبوعين ولكن في آخر أيام الرحلة أعلمني المدير الإداري للاركسترا ان المهرجان والاركسترا السنفوني مع الفيلهارمونيك دي برلين أكبر وأعرق اركسترا في العالم والذي سبق ان قاده بريان فان كاريير أما ما يحزّ في نفسي بعد هذه التجربة فهو الصمت شبه الكامل للإعلام التونسي رغم التغطية الإعلامية الأوروبية والثناء على أدائي في الجرائد العالمية علما بان تجربتي العالمية هذه تزامنت مع المهرجانات ولكن تجاهلتها الوزارة رغم انها كانت وقتها بصدد تكريم الفنانين العرب والتونسيين ولكن هنا لا بد ان اذكر جريدة "الصباح" التي كرمتني وتابعت هذه التجربة العالمية. وهذا الحفل سيبث اليوم 8 سبتمبر على قناة فرانس موزاييك. بم يذكرك هذا النجاح؟ - الحقيقة أنني شاركت قبل هذا في عروض عالمية وأنا لا أنسى تجربتي مع لامين قويدر الفرنسي من أصول جزائرية حيث كنت قائدا مساعدا له في "الفيلارموني" الدولي بباريس أصدقاء اليونسكو. كذلك اذكر تجربتي مع المايسترو فيصل القروي في مدينة فرنسا والذي يشغل حاليا منصب المدير الفني لاركسترا بالي نيويورك وقائد اركسترا باريس وهو قائد عظيم رغم تجاهل التونسيين له ولتجاربه العالمية. لماذا لم نجدك في المهرجانات الم يكن لديك عمل تعرضه؟ - أنا لا استطيع أن أفسر غيابي عن المهرجانات حيث أنني قدمت ملفا يستجيب لكل الشروط التي وضعتها وزارة الثقافة وطلبتا عرضا في مهرجان الحمامات الدولي رغم أنني اعتليت ركح قرطاج منذ كان عمري 16 سنة كعازف بيانو ولمدة خمس سنوات متتالية في عروض أصوات الحرية ثم زخارف عربية. ومن بين ما تضمنه مشروعي الموسيقي فقرة للسورية لبانة قنطار وأخرى للفنان نور الدين الباجي وحسب ما رواه لي عبد الكريم صحابو الذي كان احد أعضاء لجنة الفرز فقد تم إسنادي عرضا في الحمامات ولكنني سافرت لتمثيل تونس في تظاهرة عالمية كبرى ولا اعرف ما الذي حدث بعد ذلك حتى تم اقصائي. ما رأيك في سياسة تعليم الموسيقى في بلادنا؟ - طبعا لنا معاهد موسيقية ليس فيها كل الاختصاصات وإذا قارنا أنفسنا بسوريا ولبنان وعمان والجزائر والمغرب نجد انه ليس لنا عازف آلات إيقاع في تونس كما انه ليس لنا عازف اوبوا ولا عازفي آلات هوائية وان وزارة الثقافة تسند ديبلوم الموسيقى العربية لا يصلح لشيء ولا يأهل للتدريس به كما ان محتوى البرامج التي تدرس لم يتم تحيينها منذ أواخر الخمسينات بل تراجع. ان الهدف الأساسي من شهائد المعاهد العليا للموسيقى هو تمويل الساحة بأساتذة تربية موسيقية في المعاهد الثانوية والمدارس الابتدائية والحضانات وبباحثين في مجال العلوم الموسيقية وهذان ليس مطلوبا منهما ان يكونا من خيرة العازفين ومثل هذه المنظومة غير موجودة لا في أوروبا ولا في البلدان العربية.