ما أبداه وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بنيامين اليعازر من نفاق واضح تجاه تركيا تجسّد في الحديث عن تقاسم قيم ديموقراطية مشتركة و«شراكة استراتيجية» يعكس ما يشبه عودة الوعي لدى الجانب الإسرائيلي الذي خسر صداقة تركيا منذ اللحظات الأولى التي شنت فيها إسرائيل الحرب على قطاع غزة. ولكن يبدو أنّ ما انتبه له الإسرائيليون جاء متأخّرا لأنه أصبح من الصعب الرهان على تركيا لتتولى دور الوسيط خاصة أن حرب غزة كانت بمثابة الخنجر في ظهر الجانب التركي. ورغم ردود الفعل العنيفة في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية بخصوص ما يمكن تسميته بالتوجهات التركية الجديدة في الشرق الأوسط تبدو الحكومة الإسرائيلية في أمس الحاجة إلى «غطاء» تركي أكثر من الحاجة إلى دور تركي فعّال نظرا لما تتميّز به الديبلوماسية التركية من مصداقية لدى أطراف عديدة في المنطقة. ولعل «الغطاء» الذي نسجته مخيلة الحكومة الإسرائيلية يتمثّل بالتّأكيد في التعويل على تركيا قصد تليين مواقف الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية لتمرير مخطّط الدولة الفلسطينية في مفهومها الضيق في سياق عملية سلمية محورها الرضوخ لشروط إسرائيل والتخلص نهائيا من الملفات الشائكة مثل القدس واللاجئين... أما فيما يتعلق بسوريا فيكفي إسرائيل «جرها» لمفاوضات مباشرة. .. لكن تركيا أردوغان التي خبرت إسرائيل وممارساتها ستحاول الابتعاد قدر الإمكان عن شبح القطيعة مع تل أبيب دون أن يعني ذلك التضحية بالصداقات الجديدة في المنطقة.