خلال أيام قرطاج المسرحية لاحظنا تعطّش الجمهور إلى أب الفنون وكان الازدحام على أشدّه أمام القاعات وكان الكل يبحث عن موطئ قدم ليشاهد هذا العمل أو ذاك، اقتنعنا إذن أن التونسي تصالح مع الرصيد المسرحي جملة وتفصيلا. كل هذه المقوّمات ايجابية ولكن الأهم هو انتشار المسارح هنا وهناك في كل مكان وفي كل ركن من أركان البلاد، ولقد كانت المبادرات في هذا السياق هامة وكلّنا يتذكر ما أنجزه توفيق الجبالي أو نور الدين الورغي أو كذلك جمال العروي والعاتي وابن طارة، كل هؤلاء تعبوا حتى وجدوا فسحة يقدهمون فيها أعمالهم هؤلاء اقترضوا وتداينوا وصمدوا ليكون لكل واحد منهم فضاء خاص به وما أحلى الظفر بعد التعب. هؤلاء لم يستجدوا ولم يطلبوا حسنة بل عوّلوا على ذواتهم. عكس ما وقفنا عليه خلال أيام قرطاج المسرحية من طلبات أراها غير منطقية مضمونها «أريد فضاء»؟؟!! إن الأكيد أن الدولة تقدم مساعدات إلى أصحاب المبادرات الخاصة في قطاع المسرح لكن الخطوة الأولى كانت منهم كانت من ذواتهم، إن المسرحيين اليوم أصبحوا بالآلاف ووزارة الثقافة والمحافظة على التراث لا يمكن ومن المستحيل أن تلبّي كل الرغبات، من أين للدولة أن تحقّق لكل واحد حلمه في امتلاك فضاء نعم! أن الدعم هام وكبير لقطاع الثقافة والمثقفين وصحيح أن ميزانية وزارة الثقافة تتطوّر من سنة إلى أخرى بحرص رئاسي خاص يكرم المبدع ويحقّق له كل ظروف النجاح، ولكن من الضروري التعويل على الذات أولا وأساسا وما على المسرحيين الراغبين في فضاء إلا التقدم خطوة حتى تتقدّم معهم سلطة الإشراف خطوات، ويجب أن يُطرح كذلك إشكال آخر فمتى يعي الخواص بضرورة الاستثمار في القطاع الثقافي حتى تتمكّن من تحقيق ثورة إبداعية تنضاف إلى إنجازات طاقاتنا الثقافية. نبيل الباسطي للتعليق على هذا الموضوع: