تونس الصباح اختتمت اللجنة الوطنية للاستشارة حول الكتاب والمطالعة أعمالها بتقديم نتائج الدراسة الميدانية التي اشتغلت على عينة ممثلة لمختلف الشرائح العمرية والفئات الاجتماعية للمجتمع التونسي لتقف على «علاقة التونسي بالكتاب والمطالعة». واهم ما جاء في نتائج هذه الدراسة هو اقتناع 65 فاصل 43 بالمائة من بين المستجوبين بأهمية المطالعة... ولكن بقية النتائج أثبتت أن بين التونسي و»الكتاب» قطيعة... عرض لنتائج الدراسة الميدانية. بين الاستجواب الذي اعتمدت عليه هذه الدراسة الميدانية والتي عرض نتائجها الموجزة موقع إلكتروني تونسي، أن ثلاثة من بين أربعة تونسيين لم تطأ أقدامهم قط مكتبة عمومية، ان 22.74 بالمائة من بين ال 1029 مستجوبا وضعتهم الصدفة أمام سابري الآراء في الفترة الفاصلة بين 25 ديسمبر2009 و5 جانفي 2010 لم يطالعوا طيلة حياتهم كتابا مهما كان نوعه. وهو رقم مفزع إذا أخذنا بعين الاعتبار إجبارية التعليم في تونس قبل ومنذ الإستقلال ونسبة المتعلمين القادرين على المطالعة وعدد المكتبات العمومية الموزعة في كامل أنحاء الجمهورية وعددها 378 والمكتبات المتجولة التي بلغ عددها 30 تغطي 1800 تجمع ريفي لخلق عادة المطالعة مع سهولة الحصول على الكتاب... قديما كان أو جديدا. أما ال 26.76 بالمائة، وهي النسبة الباقية، فقد سبق لهم مطالعة كتاب وحيد و31.88 منهم طالعوه سنة 2009 لأنها وعلى ما يبدو شهدت التئام الاستشارة الوطنية للمطالعة ونجاح تنظيم معرض تونس الدولي للكتاب والصدى الإعلامي الذي ناله تركيز محور أهم ندواته على الاستشارة الوطنية للكتاب... علاقة المطالعة بالتعليم ومن أهم ما بينته هذه الدراسة ان النساء في تونس يطالعن أكثر من الرجال بنسبة 7 فاصل 51 بالمائة وان قرابة 6 قراء من بين 10 يطالعون أقل من 5 كتب كل سنة وان 23 فاصل 17 يطالعون ما بين 6 الى 10 كتب في السنة باللغتين العربية والفرنسية خاصة إما بحثا عن الثقافة العامة او بسبب العادة أو الهواية. وان نسبة رضا هؤلاء عما طالعوا بلغت 25,45 بالمائة أي بمعدل 7 من 10 وهؤلاء الراضون أغلبهم من النساء والقاطنين بالعاصمة واحوازها ممن لهم مداخيل مالية أعلى من غيرهم. المطالعة في اغلبها من اختصاص الشباب بصفة عامة. ولعل سبب هذا هو ربطها بالتعليم. وهذا في حد ذاته سلاح ذو حدين، إذ بقدر ما ينتفع منها التلميذ أو الطالب، بقدر ما يبتعد عنها بعد إتمام دراسته. والحل في اقتناع الجميع بأن المطالعة مكون من مكونات الشخصية بصفة عامة وليس فقط بالحصول على الشهائد العلمية. ولعل تخلي الجميع عن المطالعة في سن 25 سنة يؤكد تمشي ربطها بسنوات الدراسة. لا علاقة للسعر بالعزوف كما تناولت هذه الدراسة الميدانية الميزانية التي تخصصها العائلة التونسية لشراء الكتاب. فتبين ان قرابة 44 بالمائة من المطالعين ينفقون أقل من 30 دينارا في السنة (أي بمعدل دينارين ونصف الدينار في الشهر، أي 80 مليما في اليوم، أقل من نصف سعر ال»باغيت») وهو مبلغ قد تنفق العائلة أكثر منه بكثير يوميا لشراء السجائر والقهوة و»البيتزا» والمشروبات وريادة ملاعب كرة القدم أسبوعيا... وقد تخصص أضعافه لشراء اللعب التي لا تستحق ثمنها في اغلب الأحيان ولا يمكن ان ترقى منفعتها إلى نفس مستوى ما يستفيد منه الطفل اذا اشترى له والداه الكتب سواء كان ذلك من الكتبيات التي يلتجئ لها 70 بالمائة من مستهلكي الكتب أو من معرض تونس الدولي للكتاب الذي يشتري منه 50 بالمائة من المطالعين. اهتمت هذه الدراسة أيضا بالأماكن التي يطالع فيها التونسيون ما يقع بين أيديهم من كتب فتبين ان 94 فاصل 19 بالمائة يطالعون في منازلهم وان 22 يطالعون في مقرات عملهم و18 فاصل 04 يطالعون في المؤسسات التعليمية الابتدائية والثانوية والجامعية وان 13 فاصل 15 فقط يرتادون المكتبات العمومية من اجل المطالعة حيث بينت هذه الدراسة، ان تونسيا فقط من بين أربعة يرتاد المكتبات العمومية لان 48 فاصل 71 يعتقدون ان المكتبات العمومية هي فضاءات لمراجعة الدروس، لا غير. معيقات مطالعة الكتب ومن بين الأسئلة التي تضمنها الاستجواب في هذا البحث الميداني ما تعلق بمعيقات مطالعة الكتب والتي جاء فيها ان 57 فاصل 71 بالمائة لا يطالعون لضيق وقتهم وان قرابة 21 بالمائة لم يكتسبوا عادة المطالعة ولا يمكن لهم ان يفكروا فيها حتى وان توفر لهم الوقت والإطار المناسب وهناك أيضا 18 بالمائة من المستجوبين لا يحبون المطالعة أصلا ولا علاقة لهم بالكتب لا من قريب ولا من بعيد... هذه النسب وهذه الصراحة (ان صدق هؤلاء المستجوبون) تبين الخطأ الذي يقع فيه البعض ممن يعتقدون أن التونسيين لا يطالعون بسبب ارتفاع سعر الكتاب وهو ما يؤكده ضعف نسبة من تعللوا به. هذه النسبة لم تتجاوز8 فاصل 43 بالمائة. علما بأنه ليس من عادات التونسي ولا عقليته مقاطعة ما يحب بسبب ارتفاع ثمنه حسب اعتقادنا. وإلا كان قاطع ملاعب كرة القدم بسبب ارتفاع ثمن تذاكر اغلب المباريات. جاء كذلك في هذه الدراسة الفريدة والمفجعة نتائجها في آن، إن 68 فاصل 87 يطالعون كتابهم الأول قبل أن يتجاوز عمرهم 9 سنوات وان 70 بالمائة من المطالعين يشترون كتبهم بأنفسهم وهذا ينفي عنا عادة إهداء الكتب في مناسبتنا الشخصية والعائلية وهي عادة يمكن ان تطور النظرة الى الكتاب وترسخ عادة مطالعته. هذا الوضع رهين إيجاد حلول ناجعة لإشكالية توزيع الكتاب وطريقة إخراجه والرفع من مستوى ما يرد فيه من أفكار مع العمل على الحد من نسبة ما يتصف به من أخطاء مشينة... إضافة إلى مراجعة جذرية لسياسة الدولة في الثقافة والتربية والتعليم الإبتدائي والثانوي والعالي... دون أن ننسى الحياة العامة.