تونس الصباح لم يمر على استقبال التلاميذ الثلاثية الثانية سوى شهر حتى سجّلت عطلة نصف الثلاثي الثاني حضورها هذه الأيام (بدءا من الغد إلى غاية الأحد) حضوريمكن القول إنه باغت المتمدرسين أنفسهم بحكم قصر المدة الفاصلة بينه وبين عطلة الشتاء المطولة وعدم تفطن العديد منهم لىتواجدها ضمن الروزنامة الرسمية إلا عشية انطلاقها وهو مايجعلها مغيبة من قاموس انتظاراتهم ومن أجندا البرمجة لمناسبات الراحة التي يترقبها عادة الشباب التلمذي بفارغ الصبر بما ينزع عنها هذه المرة كساء النجاعة والحاجة البيداغوجية والذهنية وحتى الفيزيولوجية فالمفروض أن تؤمنها هذه المحطات في عمر السنة الدراسية ويجردها من كل هدف وظيفي ويجعل منها مجرد عطلة مسقطة لا وجاهة أو مبررمنطقي لها كما يذهب إلى ذلك بعض الملمين بالشأن التربوي سلبياتهاأكثر من مزاياها على التلميذ وعلى عملية التعلم برمتها بل و قد تتحول إلى أداة عرقلة وتشويش لوتيرة الإيقاع الدراسي المختل أصلا. ويذكر أن أيام الدراسة السنوية لا تتجاوز168 يوما في تونس وهي الأقصر مقارنة بعديد البلدان الغربية التي يتراوح فيها هذا المعدل بين 180و200 يوم وتتجاوز أيام العطل الرسمية الأربعين يوما". في هذا السياق يرى طارق بالحاج محمد رجل التربية المختص في علم الاجتماع التربوي «أن المنطق أو الحكمة من إرساء نظام العطل انقلبت رأسا على عقب بعد أن أصبحت القاعدة الطاغية تستند إلى مبدإ انتظار العطلة ليتسنى للتلميذ مواصلة الدراسة فيما كان يفترض أن يدرس الشاب ويسعى للعلم والمعرفة ثم يترقب العطلة كمكافأة وانصاف لجهوده وليس العكس". وبموجب هذا المنطق المقلوب تتحول الدراسة إلى جسر أومعبر للعطلة وتصبح الراحة وجهة وغاية في حد ذاتها. على أن المتحدث شدد على تلازم نظامي العطل والتقييم في تشخيص السلبيات والبحث عن الحلول الناجعة لتدارك الإخلالات.مؤكدا أن المعالجة لا يمكن أن تتم بمعزل عن الترابط القائم وهو سبب البلية. فإلى جانب أن الثلاثي الثاني يعد من أقصر الثلاثيات «عمرا» وأقلها ضغطا على التلاميذ خلافا للثلاثي الأول يزيد نظام الامتحانات المعتمد في التقليص من أيام الدراسة الفعلية المخصصة لاستيفاء البرنامج الرسمي باقتطاع أسبوع أول لإجراء فروض الأسبوع ما قبل المغلق يليه قضم أسبوع ثان لانجاز الفروض المغلقة هذه المرة -ولله در من جادت قريحته بهذه التسمية-ليشفع بثالث مخصص للإصلاح وتسليم الأعداد قبل أن تتوج كل هذه المحطات بعطلة الربيع المطولة بدورها. علما وأن نظام التقييم القديم كان يعتمد منهج السداسيتين وبالنظر إلى ثقل تمطط المرحلتين واستنزافهما لطاقة التلميذ تم اقرار عطلة بأسبوع في الخريف ومثلهافي الربيع مع التمديد في عطلة الشتاء بأسبوعين وهكذا يرى الباحث التربوي أن مراجعة نظام العطل وثيق الارتباط بإعادة النظر في نظام التقييم عودة إلى عطلة فيفري انتقد المتحدث اقرارها خاصة وأنها تأتي في وقت غير مناسب بالمرة عادة مايكون فيه التلميذ في أوج استعداده و عطائه وفي قمة تأقلمه مع النسق الدراسي ليجد نفسه في قطيعة مباغتة وعطلة غير منتظرة لن تساهم إلا في بعثرة جهوده وتشتيت تركيزه. وحمّل بلحاج محمد مسؤولية هذه الوضعية المرتبكة إلى القرارات الإدارية التي كثيرا ما تصدر بعيدا عن تشريك واستشارة أهل الذكر والإختصاص.