شكل اقتراح الرئيس الأمريكي عقد مؤتمر دولي للسّلام في الشرق الأوسط محور أعمال وزراء الخارجية العرب المجتمعين في مقر الجامعة العربية بالعاصمة المصرية قصد بلورة موقف عربي موحد تجاه هذا الاقتراح المعلن منذ فترة وجيزة. ولئن علقت بعض الأطراف الإقليمية آمالا على هذه الدعوة الأمريكية لتحريك مسار السّلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أساسا فإن الأمين العام للجامعة العربية قد حذّر من المسعى الإسرائيلي إلى تفريغ هذا المؤتمر المنتظر من مضمونه وخفض سقف التوقعات منه ودعا الدول العربية إلى التصدي لهذا الإتجاه «تجنبا لتدهور آخر في الوضع الإقليمي.» وتأتي هذه الدعوة العربية إلى التمسك بموقف واضح وصارم يلبي الحقوق الفلسطينية في بناء الدولة المستقلة كرسالة موجهة إلى الطرف الإسرائيلي الذي يسعى منذ دعوة الرئيس بوش إلى عقد هذا المؤتمر الدولي للسلام إلى التسويف والمماطلة عبر مؤشرات واضحة الدلالة تصب في خانة تعويم هذا الاقتراح الأمريكي وافراغه من مضامينه. لقد تعددت المواقف الإسرائيلية سواء أثناء لقاءات عبّاس وأولمرت أو في تصريحات معلنة لوزيرة خارجية إسرائيل التي ترفض التعرّض إلى عدّة مسائل جوهرية مطروحة بما في ذلك وضع القدس وحق العودة والحدود والمعتقلين.. ضمن توجه يرمي إلى تهميش هذه الحقوق واكتفى الطرف الإسرائيلي بتسويق مواقف سياسية بلا مضمون وعديمة الجدوى. إنّ الطرف الفلسطيني المتمسك باسترجاع حقوقه مدعوما في ذلك بمواقف عربية واضحة ومؤكدة في أكثر من قمّة عربية مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتمسك بوحدة الصف والكلمة على درب تحقيق المصالحة الوطنية بعد أن تعرّضت إلى شرخ عميق نتيجة الصراعات القائمة بين «فتح» و«حماس»، وهذا أمر يستدعي الالتزام بالشرعية القائمة ونبل القضية التي قدّم من أجلها آلاف الفلسطينيين أرواحهم فداء لها. ولعل توصيات لجنة تقصي الحقائق العربية بشأن الاقتتال في غزّة والتي تعرض على وزراء الخارجية العرب في هذا الاجتماع قد تشكل أرضية صلبة لمعالجة هذه الأزمة الفلسطينية الحادة والإحاطة بتداعياتها على أمل تجاوز الخلافات حتى يشارك الجانب الفلسطيني في هذا المؤتمر الدولي معزز الموقف.