سليانة الاسبوعي: طبيعي ان يرن جرس الموت في كل بيت اذا حل موعده. وطبيعي ان تكتوي كل العائلات دون استثناء بلوعة الفراق القسري الذي لا حول لها فيه ولا قوة. وطبيعي ايضا ألاّ يفرق الموت بين صغير وكبير. لذلك تقبلت عائلة الحبيب بن حسونة المانسي خبر اختطاف يد المنون لابنها حسام في ربيع عمره بكل ايمان وفي كنف الصبر والتجلد والسلوان ظاهريا وهو الذي لم يتجاوز سن السادسة عشرة. وكم كانت لوعة الفراق حارقة عندما علموا بظروف الوفاة. رحلة ترفيهية تحولت الى مأساة ذهب حسام من مسقط رأسه في منطقة مرج عوام من معتمدية برقو ولاية سليانة للاستجمام في رحلة ترفيهية الى الحمامات. ودعاه البحر ليضمه الى احضانه ولم يقدر حسام على رفض هذه الدعوة الكريمة.. وكانت دعوة زيارة بلا رجعة.. دعوة للموت البطىء بين احضان الامواج المتلاطمة الهائجة. لهث حسام وعلا صياحه مستغيثا طالبا النجدة.. ولكن لا حياة لمن تنادي. قارع الموت بكل ما اوتي من قوة.. وكانت الغلبة في هذه المعركة غير المتكافئة للبحر.. وللموت.. وتصوروا لوعة العائلة التي انتظرت عودة حسام من رحلته الترفيهية ليصف لها مفاتن البحر وروعة السباحة بين امواجه واحضانه، وليقص عليها حيثيات هذه التجربة الفريدة بالنسبة لشاب قادم من اعماق الريف سنحت له فرصة التباري مع الامواج العاتية لليم..لكنه عاد اليها في صندوق.. جسدا بلا روح.. عاد جثة في صندوق لم تصدق العائلة خبر الموت وظلت تنتظر تكذيبا رسميا لهذا الخبر المشؤوم وتشبثت بخيوط الامل الى آخر رمق مع كل اطلالة شاحنة «باشي» او سيارة اجرة في محيط مرج عوام يلوح امل عودة الابن المسافر واشراقة الشباب تنير ملامحه.. لكنه كذب كل هذه التخمينات والانتظارات وعاد اليها في صندوق. من المسؤول الموضوعية طبعا تقتضي عدم تحميل «البحر» وحده مسؤولية هذه الفاجعة ولسائل ان يتساءل: كيف تم تنظيم هذه الرحلة؟ من المسؤول عنها؟ وهل اخذ هذا المسؤول (او المسؤولين) كامل الاحتياطات لتفادي المأساة؟ عسى ان تكشف الايام المقبلة حقيقة ما جرى..