بعد حوالي ثلاثة عقود من تجميد العلاقات وما تلا ذلك من توتر الى حد التصعيد التقى أمس السفير الامريكي ببغداد مع نظيره الايراني في اول محادثات على هذا المستوى بين الولاياتالمتحدةالامريكيةوايران. وتناولت المباحثات بالخصوص الوضع الامني في العراق والسبل الكفيلة بتطويقه بالتعاون مع حكومة نوري المالكي. ورغم روح التفاؤل التي سادت بين الجانبين خلال هذه المحادثات فان جبل الجليد المتراكم منذ 1979 سنة قطع العلاقات الثنائية بين البلدين قد خلّف ظلالا على هذه المحادثات اذ بدا ان عودة الثقة المفقودة بين الطرفين مازالت بعيدة المنال كما ان الريبة والتوجس من هذا الطرف تجاه الاخر قد سجلت حضورها بشكل او بآخر خصوصا عند التطرق الى «مسؤولية تسليح الميليشيات في العراق وزعزعة الأمن الاقليمي.. وعدم استعداد الولاياتالمتحدة تغيير سياساتها الفاشلة في العراق والمنطقة». لقد اثار المسؤول الامريكي مع نظيره الايراني مسألة القلق المتزايد الذي يساور الولاياتالمتحدة والعراق بشأن «التصرفات الايرانية ودعمها للميليشيات» وطالب بان تقرن طهران اقوالها النافية لذلك بالافعال مشيرا في الوقت ذاته الى ان واشنطنوطهران متفقتان على ان عراقا آمنا ومستقرا وديموقراطيا يعيش في سلام مع جيرانه هو من مصلحة البلدين. بينما يرى الجانب الايراني ان مثل هذه المحادثات الثنائية قد تنجح اذا غيّرت واشنطن سياستها في العراق والمنطقة واتخذت مواقف واقعية، فيما اشار وزير الخارجية العراقي الى ان مثل هذه المحادثات تعد خطوة اولى هامة للحوار «رغم عدم توقع حدوث معجزات». وفي عملية تنازل متبادلة مقارنة مع المواقف المتشددة سابقا تراجعت واشنطن من جانبها عن رفض اي لقاء مع المسؤولين الايرانيين بدون شروط مسبقة كما لم يتم التطرق خلال هذه المحادثات الى الملف النووي الايراني فيما اعتبرت ايران ان هذا اللقاء جاء تلبية لطلب العراق وهو فرصة لتذكير ادارة بوش بواجباتها ومسؤولياتها حول أمن المنطقة. وهذا اللقاء المباشر رغم اهميته الشكلية بعد جفاء قارب الثلاثة عقود فانه في نظر عدد من المحللين فرصة ضعيفة لاحراز تقدم فعلي سواء تعلق الأمر بالعلاقات الثنائية او بمسألة الامن العراقي والاقليمي. ومن المؤشرات التي تعزز هذا الاعتقاد العزلة المتزايدة التي تعيشها ايران نتيجة العقوبات الاممية والغربية خصوصا بسبب برنامجها النووي.. يضاف لذلك الحضور العسكري الملفت للقوات الامريكية في الخليج العربي في هذه الآونة.. والاحتجاجات الايرانية المتزايدة ضد ما وصفتها طهران بشبكات التجسس الامريكية التي «تسعى لعمليات اختراق وتخريب في ايران».