- أبحث عن فريق تونسي أحس فيه بالراحة - لم يتجاوز هتان البراطلي ربيعه التاسع عشر، ومع ذلك أدار إليه الرقاب بعدما تنبأ له العارفون بمستقبل واعد في عالم الجلد المدوّر. أندية كثيرة رغبت في انتدابه مذ كان بالأداني والأصاغر، وخاصة النجم الساحلي الذي مايزال متمسكا به الى اليوم. دقيق ومركّز في حديثه، يحسن الاستماع وينتقي الردّ، فيفاجؤك بهذا النضج الفكري المماثل للنضج الكروي رغم صغر السّن، وقد يعود ذلك إلى تجربته الهامة مع المنتخب في أصنافه الشابة المختلفة، ممّا جلب إليه عدّة عروض، أما إشكالات تجديد عقده مع ناديه الأم النادي البنزرتي. فقد شغلت الشارع الرياضي ببنزرت وفي هذا الحديث يفك الغموض. س: من علّمك أبجديات كرة القدم وكيف التحقت بالنادي البنزرتي؟ ج: هو والدي، كنّا بالسعودية، و كان في أوقات الفراغ يحرص على أن أمارس كرة القدم معه، ومع الأيام ازداد تعلقي بهذه اللعبة. ثمّ لما عدت إلى تونس وجدت نفسي في حي شعبي ننام ونصحو على الكرة. كنت أنظم «التكويرات» في الحومة وأتولى قيادة فريقي. س: لذلك لم تنتهج طريق أخوالك؟ ج: كيف ذلك؟ س: لأنّ أخوالك حرّاس مرمى ماهرون، فمسطاري قمقوم من أبرز الحرّاس بستير جرزونة وفتحي قمقوم كان حارسا ممتازا بألمانيا قبل إصابته، وعبد الرزاق أيضا كان حارسا واعدا... ج: يضحك، ويقول نعم، اتبعت أبي وأعمامي أي عائلة البراطلي، والمهم أن الجميع كوارجية. س: كيف كانت ظروف التدريب في الأصناف الشابة؟ ج: كنا نتدرب على الأرضية الصلبة المحاذية للأرضية المعشبة داخل ملعب البصيري. كانت الظروف صعبة للغاية، ولم تكن ملائمة لصقل المواهب وتهذيبها، لذلك أدين بالفضل للمدربين رضا المعاطي ومراد الغربي وخاصة أحمد عون فهو غير عادي وجدير بكل معاني الاحترام والتقدير والعرفان بالجميل. س: ما هي المنتخبات التي انتميت إليها؟ ج : كانت البداية مع الأصاغر، وعلى فكرة، عندما تمت دعوتنا إلى منتخب الأصاغر كنّا 95 لاعبا، اختاروا منا 20 لاعبا، مع المدرب جلال القادري، وكنت من ضمنهم، ثم انتميت إلى الأواسط مع علي بومنيجل والآن مع المنتخب الأولمبي، مع عمار السويّح بعد سامي الطرابلسي. س: كيف كان التحاقك بأكابر البنزرتي؟ ج: كان مع المدرب العربي الزواوي، بعد مقابلتين أو 3 مع الآمال. علما بأنني لم ألعب بالأواسط إذ انتقلت مباشرة من الأصاغر إلى الآمال. س: تدّربت في فترة قصيرة على أيدي 3 مدربين الأخوين الزواوي وبوشار. فما الفرق؟ ج: شخصيا أكن كلّ التقدير لسي العربي الزواوي لأنّه عاملنا مثل أبنائه، وكان يهتم بتفاصيل حياتنا الخاصة وعلاقتنا الإجتماعية لبناء شخصية متوازنة، فضلا عن تدريبنا على أصول وقواعد رياضية علمية صحيحة. ثمّ لما جاء بوشار تغيّرت المعطيات، أحسسنا بأنه يعامل ابنه معاملة خاصة، وبدأت البلبلة تتفشى في المجموعة، لأننا فريق ملتحم متكامل، لا نكسب إلاّ عندما نتّحد، لذلك لما جاء سي يوسف سررنا كثيرا، وكنت شخصيا سعيدا بذلك لأنني سمعت عنه الكثير كمدرب كبير، وصاحب ألقاب وتتويجات متعدّدة، فكان أوّل ما قام به أن أعاد الأمور إلى نصابها، وفرض سياسة الانضباط والجدية، وحرص على بدء البناء من حيث انتهى سي العربي، فأعاد إلينا النكهة التي افتقدناها مع بوشار، وبدأ الفريق يستعيد عافيته ويتحسّن تدريجيا. س: مع من تنسجم من اللاعبين بالبنزرتي والمنتخب؟ ج: أنا بطبعي أنسجم مع المهاجم الذي يجيد طلب الكرة، خلال العملية الهجومية لذلك أتفاهم كثيرا مع هيثم بن سالم بالبنزرتي ومع خالد العياري ومصعب ساسي بالمنتخب الأولمبي. س: كثر الحديث هذه الأيام عن إمكانية تجديد عقدك من عدمها، ما الحكاية؟ ج: أنا متعاقد حاليا مع النادي البنزرتي حتى نهاية الموسم كما يعرف الجميع، ولذلك عليّ أن أركز على المقابلات لأقدّم أفضل عطاء للفريق لتحقيق الأهداف التي نسعى إليها، ولذلك لا أريد أن أشغل بالي بموضوع العقد. س: علمنا أنك كنت على وشك إمضاء العقد فما الذي حدث؟ ج: ذلك صحيح أيضا. كنت عازما صباح يوم الإثنين، وبعد مباراة الكأس بجندوبة على تجديد العقد دون أن أعلم أحدا وفي الأثناء تلقيت اتصالا هاتفيا يعلمني بأن مضمون العقد يختلف عن المتفق عليه ولمّا استفسرت عن الأمر تأكدت من صحته. لذلك تغيّر الموقف. س: هل تفاوضت على قيمة مالية معينة. ثمّ وجدت مبلغا أقل؟ ج: نعم، وهو ما أقلقني، مع العلم أني لم أطلب مبلغا ضخما كما يتردّد بالشارع الرياضي، فالبنزرتي فريقي الأمّ، وأنا متيّم به كمحب قبل أن أكون لاعبا، وفي الوقت نفسه عليّ أن أفكر في مستقبلي لأنّ لي طموحات كجميع الناس، أسعى إلى تحقيقها. س: أي أنك تتوق إلى الاحتراف بالخارج؟ ج: نعم، وهو حلم كل لاعب س: أين تنوي أن يكون هذا الاحتراف؟ ج: بألمانيا، فأنا أعشق الكرة الألمانية كثيرا، ثمّ إن لي الكثير من أفراد العائلة هناك، مما سيساعدني على التأقلم. س: وفي الأثناء؟ ج: تظل الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات فأنا راغب بالبقاء بالبنزرتي، وإن انتميت إلى فريق آخر بتونس، فيجب أن يكون ناديا أشعر فيه بالراحة لا غير، وتبقى الأولوية دائما للنادي البنزرتي. س: هناك من يقول إنّك تعمدت أسلوب المماطلة حتى ينتهي الموسم، وتتحوّل إلى ناد آخر دون أن ينال النادي الذي ترعرعت فيه شيئا؟ ج: هذا الكلام مردود على أصحابه والدليل أنني كنت عازما على تجديد العقد وهذا يؤكد حبّي للفريق ورغبتي للبقاء به رغم أن وكيل أعمالي قدّم لي عروضا أفضل وأكبر، ولكنني توجهت لإمضاء العقد بمفردي دون أن أعلم أي فرد من عائلتي إلاّ أن التعديل الذي أشرت إليه سابقا أدّى إلى تغيير الموقف. س: كلمة أخيرة ؟ ج: أريد أن أقول للأحبّاء إنّ حبّي للبنزرتي يعرفه القاصي والداني، وإنني وفيّ له، لذلك قلت إنّ مسألة تجديد العقد تظلّ مسألة مفتوحة. "وإن شاء الله اللّي فيه الخير ربّي يسهّل فيه".