رئيس الجمهورية يأذن بعرض مشروع نتقيح الفصل 411 من المجلة التجارية على مجلس الوزراء بداية الأسبوع المقبل    عضو هيئة الانتخابات: حسب الاجال الدستورية لا يمكن تجاوز يوم 23 أكتوبر 2024 كموعد أقصى لإجراء الانتخابات الرّئاسية    تونس حريصة على دعم مجالات التعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( أحمد الحشاني )    مسؤول باتحاد الفلاحين: أضاحي العيد متوفرة والأسعار رغم ارتفاعها تبقى "معقولة" إزاء كلفة الإنتاج    تونس تشارك في الدورة 3 للمنتدى الدولي نحو الجنوب بسورينتو الايطالية يومي 17 و18 ماي 2024    المنستير: إحداث اول شركة أهلية محلية لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين بجرجيس مخبأة منذ مدة (مصدر قضائي)    الترجي الرياضي يكتفي بالتعادل السلبي في رادس وحسم اللقب يتاجل الى لقاء الاياب في القاهرة    كاس تونس - النجم الساحلي يفوز على الاهلي الصفاقسي 1-صفر ويصعد الى ربع النهائي    الحرس الوطني: البحث عن 23 مفقودا في البحر شاركوا في عمليات إبحار خلسة من سواحل قربة    طقس... نزول بعض الأمطار بالشمال والمناطق الغربية    المنستير : انطلاق الاستشارة لتنفيذ الجزء الثالث من تهيئة متحف لمطة في ظرف أسبوع    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    مهرجان «بريك المهدية» في نسخته الأولى: احتفاء بالتّراث الغذائي المحلّي    عمر الغول.. الولايات المتحدة تريد قتل دور مصر بالميناء العائم في غزة    ملتقى وطني للتكوين المهني    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    عاجل/ صفاقس: انقاذ 52 شخصا شاركوا في 'حرقة' وإنتشال 4 جثث    عاجل/ ضبط 6 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم في 4 ولايات    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    الإنتخابات الرئاسية: إلزامية البطاقة عدد 3 للترشح..هيئة الإنتخابات تحسم الجدل    آمر المركز الأول للتدريب بجيش الطيران صفاقس: قريبا استقبال أول دورة للجنود المتطوّعين    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    ليبيا: اشتباكات مسلّحة في الزاوية ونداءات لإخلاء السكان    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    حفل تكريم على شرف الملعب الإفريقي لمنزل بورقيبة بعد صعوده رسميا إلى الرّابطة الثانية    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديموقراطية والنهوض بحقوق الإنسان والحريات العامة خيارنا
حديث الرئيس بن علي إلى مجلة «أرابيز»
نشر في الصباح يوم 06 - 11 - 2007

نرفض الأحكام المفرطة التي لا صلة لها بواقع تونس والتي ترمي قطعا إلى تشويه صورة البلاد
تونس ( وات ) نشرت المجلة الشهرية للمجموعة الصحفية «ارابيز» التي تصدر بباريس حديثا خصها به الرئيس زين العابدين بن علي تناول فيه ما حققته تونس من اصلاحات وانجازات على امتداد عشرين سنة من التحول شملت مختلف المجالات والميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
واكد رئيس الدولة ان هذه الانجازات مكنت من اعادة ارساء القيم الجمهورية وجعلت من تونس اليوم دولة قانون تتمتع بمؤسسات عتيدة تؤمن للبلاد ما تحتاجه من استقرار لتواصل مجهود التنمية بكامل الطمانينة ويسرت بروز مجتمع متوازن ومتناسق يتميز بالحيوية والتضامن ويتقدم على طريق الحداثة. وفي ما يلي النص الكامل لحديث رئيس الدولة:
* سيادة الرئيس.. مع 7 نوفمبر 2007 تكون قد مضت 20 سنة على ارتقائكم الى اعلى هرم السلطة.. على اى صعيد في رايكم تغير المجتمع التونسي منذ ذلك التاريخ وكيف ترون مستقبله؟
لقد عملنا منذ فجر التغيير على اعادة الثقة وارساء روح المصالحة والوفاق من منطلق وعينا بانه لا يمكن تحقيق اى شيء دون اسهام فاعل من قبل الشعب ودون انخراط المواطنين فرديا وجماعيا. وعملنا على اعادة ارساء القيم الجمهورية التي تعد في المقام الاول شرطا للتقدم والعدل. ان المجتمع يتقدم على طريق الحداثة وهو يتميز بالحيوية والتضامن. ولقد طورنا روح المبادرة ورسخنا حب العمل والجهد من اجل تحرير الطاقات الحية التي تخلق الثروة وتصنع النمو. كما اضحت ادارتنا اقل ثقلا.
من ناحية اخرى اقمنا التعددية ووسعنا مجال الحريات والممارسة الديمقراطية. وتاخذ رؤيتنا للديمقراطية بعين الاعتبار تاريخ وثقافة بلادنا اى خصوصياتها وتدمج في نفس الوقت مقتضيات التعددية والحرية والدفاع عن حقوق الانسان باعتبارها قيما كونية. وقد كانت بالنسبة الينا مهمة ذات بال اذ انها اتاحت لنا على الصعيد السياسي وضع اصلاحات ارست اسس نظام تعددى تتعايش فيه اليوم تسعة احزاب سياسية ذات اتجاهات مختلفة. وقد اعدنا السيادة للشعب الذي اصبح يختار بكل حرية قادته من خلال انتخابات شفافة ومنتظمة تجرى كل خمس سنوات.
وجدير بالذكر انه خلال هذين العقدين بالذات تم لاول مرة في تاريخ تونس تنظيم انتخابات رئاسية تعددية ودخول احزاب المعارضة الى مجلس النواب كما تم تعزيز السلطة التشريعية عبر احداث غرفة ثانية هي مجلس المستشارين.
ولاول مرة ايضا اتيح للشعب ان يمارس سيادته بصورة مباشرة عبر الاستفتاء من خلال ابداء رايه في اصلاح الدستور. كما اذكر بالقرارات التي تم اتخاذها في مجال تمويل الاحزاب السياسية ومساعدة صحافة الاحزاب وبالتعديلات المدخلة على القانون الانتخابي وبعديد الاصلاحات والاجراءات الهادفة للنهوض بشروط الممارسة الديمقراطية وتنمية مسارها.وهكذا جعلنا من تونس اليوم دولة قانون تتمتع بمؤسسات عتيدة تؤمن للبلاد الاستقرار الذي تحتاجه حتى تواصل مجهود التنمية بكامل الطمأنينة.
وفي الميدان الاقتصادي تعكس مختلف المؤشرات مدى التقدم الذي توفقنا الى احرازه في ظرف عالمي صعب. وهذه النجاحات تبرهن على اننا قد انتقلنا من طور البلد النامي الى طور البلد الصاعد. ان حيوية اقتصادنا تعد قطعا احدى نقاط قوة تغيير 7 نوفمبر. فتونس التي تحتل المرتبة الاولى في افريقيا والمرتبة التاسعة والعشرين في العالم من حيث القدرة التنافسية هي من بين الدول الثمانين الاكثر تقدما في العالم.
لقد نجحت بلادنا فضلا عن النزول بنسبة التضخم الى مستوى جد متدن والضغط على عجز الميزانية للابقاء عليه في حدود 9،2 بالمائة في ان تؤمن وعلى مدى فترة طويلة نموا اقتصاديا مطردا تناهز نسبته ال5 بالمائة كمعدل سنوي خلال عشريتين وهو ما اتاح لنا ان نضاعف ست مرات حجم الناتج الداخلي الخام. وقد سهرنا فضلا عن ذلك على ان نكفل التوزيع العادل لثمرأة هذا النمو بين كل التونسيين.
وتفيد عمليات المسح حول نفقات الاسر والاستهلاك من جهتها بتحقيق تحسن تدريجي لمستوى عيش التونسيين الذين يتمتعون اليوم بكل مرافق التقدم. وهكذا فان القسط الذي تمثله الطبقة الوسطى من المجتمع التونسي قد تعزز ويشمل حاليا اكثر من ثلاثة ارباع العدد الجملي للسكان. وقد مكن اصلاح سياستنا الاجتماعية من تقليص الفقر الذي لا يشمل اليوم سوى 8،3 بالمائة من السكان مقابل ضعف هذه النسبة قبل عشرين سنة.
لقد تجددت جذوة التضامن بين التونسيين بما اضفى على المجتمع التونسي ميزته الانسانية. وبالفعل فاننا دعمنا حجم التحويلات الاجتماعية التي تقدر اليوم باكثر من 56 بالمائة من الميزانية الجملية للدولة. وزيادة عن ذلك وسعنا بصورة ملموسة التغطية الاجتماعية التي تتجاوز نسبتها حاليا 90 بالمائة مقابل 6،54 بالمائة سنة 1987 كما طورنا منظومتنا الصحية وقمنا بتعصير منظومة التربية والتكوين.
ونحن مقرون العزم على المضي قدما في تحقيق اهدافنا والمثابرة على هذه الدرب من اجل الارتقاء بتونس الى مصاف البلدان المتقدمة. واننا لندرك ان الامر ليس بالهين لكنه ممكن ان توفقنا الى السير حتى النهاية في مسار تجسيم خياراتنا.
* ما هي الانجازات التي تفتخرون أكثر بها.. هل هي مكانة المرأة في المجتمع التونسي او مكانتها الاستثنائية على مستوى المجتمع العربي الاسلامي ام اقتصادكم المزدهر الذي يعتبره البنك العالمي نموذجا يحتذى ام الطبقة الوسطى التي تعد ركيزة المجتمع التونسي وهو وضع لا نظير له تقريبا في كامل العالم العربي الاسلامي ام غير هذا جواب؟
فعلا نحن معتزون وفخورون بتوفقنا الى تامين ادماج المرأة في الحركية التنموية العامة. فمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة مضمون اليوم بصورة صريحة بواسطة النصوص الدستورية والتشريعية. وتشهد مختلف المؤشرات على هذه المكانة المتميزة للمرأة التونسية التي اصبحت تضطلع بدور جد فاعل وحاسم في كافة الميادين وذلك تكريسا لمقاربتنا السياسية الشاملة التي ترتكز اساسا على تعزيز حقوق المرأة باعتبار هذه الحقوق جزءا لا يتجزأ من حقوق الانسان.
ان النساء يمثلن اليوم قرابة ربع السكان النشيطين في تونس. ونسب التمثيل النسائي هي 7،22 بالمائة صلب مجلس النواب واكثر من 15 بالمائة في مجلس المستشارين واكثر من 27 بالمائة صلب المجالس البلدية و18 بالمائة في المجلس الاقتصادى والاجتماعي و3،13 بالمائة صلب المجلس الاعلى للقضاء و12 بالمائة في الدواوين الوزارية. كما تمثل النساء اليوم 27 بالمائة من القضاة و31 بالمائة من المحامين و42 بالمائة من الاطار الطبي و72 بالمائة من الصيادلة و34 بالمائة من الصحفيين. وتحظى المرأة كذلك بحضور قوي في القطاع العام وفي الحياة الجمعياتية.
ونحن ايضا فخورون بكوننا قد حققنا تنمية مطردة ومتناسقة استفادت منها كافة شرائح المجتمع وكل جهات البلاد. كما اننا مرتاحون بالخصوص للنجاحات المحققة في مجال مكافحة الفقر الذي تم النزول بنسبته الى حدود 8،3 بالمائة.
اننا من دعاة اقتصاد متفتح يرتكز على تشجيع المبادرة الخاصة وخلق الثروات. ونحن في نفس الوقت حريصون على صيانة البعد الاجتماعي لمجهودنا التنموي. وترمي مقاربتنا الى ارساء مجتمع متوازن متلاحم ومتضامن.
وهكذا فان الاستثمارات في القطاعات الاجتماعية سيما في مجالات التربية والصحة والنهوض بمنزلة المرأة تستقطب اكثر من نصف حجم ميزانية الدولة. والمكاسب المسجلة في هذه الميادين تعد مبعث فخر لبلادنا نسبة التمدرس تبلغ اليوم 99 بالمائة ونسبة الفتيات من مجموع الطلبة تعادل 59 بالمائة. وعلى مستوى السكان النشيطين تمثل المرأة نسبة 29 بالمائة. ويشار اخيرا الى ان مؤمل الحياة عند الولادة بالنسبة للمواطن التونسي يبلغ اليوم 74 عاما.
وقد اتاحت لنا هذه النتائج تحقيق تقدم ملموس على صعيد مؤشر التنمية البشرية في تونس الذي بلغ 76ر0 بالمائة سنة 2006 وهو مستوى قريب من المستوى المسجل في البلدان المتقدمة.
* كيف تردون على بعض المنظمات الدولية غير الحكومية التي تؤاخذ تونس على عدم احترام حقوق الانسان وحرية الصحافة؟
لقد جلعنا منذ البدء من الديمقراطية ومن النهوض بحقوق الانسان والحريات العامة خيارنا. وهذه الخيارات الارادية جعلنا منها خيارات لا رجعة فيها عبر ادراجها في دستورنا ومن خلال السهر على ان يتم احترامها بصورة دقيقة على صعيد الممارسة. ونحن نواصل تقدمنا في هذا المجال كما في مجالات اخرى يحدونا راسخ الايمان بان حقوق الانسان هي كل لا يتجزأ وليس من الممكن تجزئتها عبر الفصل بينها او تفضيل احدها على الاخر وبان الديمقراطية هي جهد يومي يمكن ان يتقدم بنسق يختلف من بلد الى اخر وذلك حسب خصوصياتنا وواقعنا.
وعلى قدر احترامنا لاولئك الذين لديهم تقييمات مختلفة عن تقييمنا وتقبلنا بصورة ايجابية كل عملية تقييم موضوعية فاننا نرفض الاحكام المفرطة التي لا صلة لها بواقع تونس والتي ترمي قطعا الى تشويه صورة البلاد. وسنواصل في بلادنا التقدم بكل ثبات على درب الديمقراطية.
ونحن واعون بان الطريق امامنا لا تزال طويلة غير اننا مقرون العزم على مواصلة مسيرتنا مع اخذ واقعنا وتطلعات شعبنا بعين الاعتبار. وان انتخاب تونس في عضوية مجلس حقوق الانسان ليمثل شهادة بليغة على صواب تمشينا في هذا المجال ويشكل اعترافا من قبل المجموعة الدولية بجهود بلادنا في مجال النهوض بحقوق الانسان.
وعلى مستوى الصحافة ووسائل الاعلام فقد اتخذنا عديد الاجراءات بهدف اثراء وتنويع المشهد الاعلامي ومزيد حماية حرية الرأي والتعبير. وهكذا فقد تم تعديل مجلة الصحافة الصادرة بمقتضى القانون المؤرخ في 28 افريل 1975 في اربع مناسبات "1988 و1993 و2001 و2006" في اتجاه اكثر تحررا خاصة عبر إلغاء جريمة «ثلب النظام العام» وإلغاء اجراء الايداع القانوني بالنسبة للمنشورات الاخبارية الوطنية. وقد كان الهدف من هذه التعديلات تمكين الصحافيين من الاضطلاع بدورهم بكامل الحرية ومن التمتع بمناخ ملائم لممارسة انشطتهم ومن اجل جعل قطاع الاعلام فضاء للحوار والتبادل والنقاش حول المحاور والقضايا المتصلة بمستقبل البلاد والدفاع عن مكاسبها.
وفضلا عن ذلك فان هنالك منحا مسندة من قبل الدولة الى صحافة الرأي وبالخصوص صحف المعارضة التي تصدر بكل حرية وتسهم في تنشيط الحياة الفكرية والسياسية ببلادنا.
وبدوره عرف المشهد السمعي البصري عملية اثراء من خلال اطلاق اذاعات تابعة كليا للقطاع الخاص واذاعة ثقافية وقنوات تلفزية خاصة. ويتم بصورة منتظمة بث حوارات بصورة مباشرة من قبل الاذاعات والتلفزات العمومية تجمع ممثلي الاحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني.
* خلال زيارته الى تونس دافع الرئيس الفرنسي الجديد عن فكرة انشاء اتحاد متوسطي يضم شعوب حوض المتوسط ومنها بطبيعة الحال تونس. ما هو رأيكم في هذه الفكرة وكيف تنظرون لمستقبل العلاقات التونسية الفرنسية؟
لقد عملنا دوما من أجل جعل البحر الابيض المتوسط فضاء للسلم والتضامن والامن والازدهار.
وقد كانت تونس بالفعل احدى البلدان المؤسسة لمسار برشلونة وبذلت كبير الجهد من أجل تحقيق التقارب بين ضفتي المتوسط. كما كانت أول بلد من الضفة الجنوبية يبرم اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي. ويتعلق الامر بالنسبة الينا بخيار ارادي واستراتيجي يهدف الى تعزيز التزامنا من أجل الحداثة وادماج الاقتصاد التونسي في الفضاء الاورومتوسطي.
وفضلا عن ذلك فان تونس ستكون بدءا من جانفي 2008 أول بلد من الضفة الجنوبية للمتوسط منخرط في منطقة تبادل حر مع الاتحاد الاوروبي.
لقد احتل المتوسط دوما صدارة أولويات سياستنا الخارجية. وقد تلقينا بصورة ايجابية المبادرة الفرنسية المتعلقة بالاتحاد المتوسطي لاننا ندعم كل مشروع من شأنه أن يضفي مزيد الفاعلية على التعاون المتوسطي بما يتيح تعزيز الاستقرار والتنمية المتضامنة في المنطقة. ونحن على اقتناع بأن نجاح هذا المشروع رهين تشريك مجمل الاطراف المعنية وأخذ أولويات الجميع بعين الاعتبار على أساس شراكة متوازنة ومتضامنة بين ضفتي المتوسط.
كما يتعين أن يكمل هذا المشروع ويثري المكاسب المنجزة في اطار مسار برشلونة والحوار 5 زائد5
أما بالنسبة الى علاقاتنا مع فرنسا فهي علاقات نموذجية. وبالفعل فبلدانا يرتبطان بعلاقات صداقة وتعاون وثيقة تتميز بتقاليد تشاور وحوار. وتعاوننا الثنائي مكثف ومتعدد المجالات ويتطور بصورة ايجابية بما يبعث على ارتياح بلدينا. ففرنسا هي في ذات الوقت حريفنا الاول ومزودنا الاول. كما أنها البلد الاول من حيث حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة ما عدا الطاقة.. وهي ايضا بالنسبة الى تونس أول ممول أوروبي.
وفضلا عن ذلك فان فرنسا تستقبل العدد الاكبر من المواطنين التونسيين المقيمين بالخارج. وان زيارة الرئيس ساركوزي الى تونس أسابيع قليلة فقط بعد انتخابه لتبرهن على الارادة التي تحدو بلدينا في العمل معا على دفع هذه العلاقات في كل الميادين بالخصوص من خلال ملاءمة مجمل اليات التعاون مع متطلبات المرحلة القادمة.
* لقد نبهتم منذ بداية التسعينات الى خطر التطرف الديني. فهل تشعرون اليوم بأنكم قد جنبتم تونس ما حدث في بلدان أخرى؟
من منطلق قناعتنا العميقة بأن الارهاب يمثل تهديدا خطيرا للسلم والامن في العالم لفتنا منذ بداية التسعينات اهتمام المجموعة الدولية الى ضرورة ارساء تعاون متنام من أجل مواجهته. وقد دعونا في هذا الصدد الى تبني الامم المتحدة مدونة سلوك تلزم كل البلدان بالانخراط في جهد مشترك من أجل القضاء على هذه الافة.
ونلاحظ اليوم بارتياح وجود وعي دولي أكبر ازاء التطرف والارهاب وهما افتان تهددان كل البلدان دون استثناء. ونحن نواصل نداءاتنا من أجل بلورة مقاربة شاملة لمكافحة الارهاب عبر معالجة جذور هذه المعضلة التي تتغذى من الفقر والاقصاء والجهل والحرمان والحيف وغياب العدل على صعيد العلاقات الدولية.
وقد توفقنا نحن في تونس الى تحصين أنفسنا ضد الاصولية وضد الخطر الارهابي بفضل استراتيجية تنموية شاملة ومتضامنة ترتكز على العدالة الاجتماعية والحد من مظاهر التفاوت والنهوض بالشرائح الاقل حظا. وقد نجحنا في ذلك أيضا بفضل ترسيخ مبادىء الاعتدال والتفتح والتسامح في مجتمعنا.
وشهدت منظومتنا التربوية عملية اصلاح كلية وتم تحديث مناهجها بصورة تنمي لدى الاجيال الصاعدة الحس النقدى وروح التفتح على العالم. كما عززنا دور المرأة في المجتمع وكرسنا المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنات والمواطنين.
وقد يسرت جهود البلاد المتواصلة على درب ترسيخ الديمقراطية بروز مجتمع متوازن ومتناسق.
وان بلادنا باعتبارها أرض لقاء وحضارة عريقة تعود الى الاف السنين ستقدم اسهاماتها في الحوار بين الثقافات والحضارات من أجل عالم أفضل يسوده السلام والازدهار والامن.
* سيادة الرئيس.. الوضع في منطقة الشرق الاوسط متفجر اليوم أكثر من اى وقت مضى في ظل خطر تفتت العراق وغياب مسار سلام في الشرق الاوسط وانعكاساته الاقليمية. كيف ترون المخرج وقد برهنتم دوما على مدى ما تتحلون به من حصافة رأى وحكمة؟
بالتأكيد ومثلما أشرتم الى ذلك فان الوضع المأساوى في منطقة الشرق الاوسط يظل مبعث انشغال كبير بالنسبة الينا جميعا بسبب الاخطار المتصاعدة باطراد والمحاذير التي يجرها هذا الوضع على المنطقة بأكملها.
وتبعا لذلك فانه يتعين على المجموعة الدولية وبالاخص على الاعضاء المؤثرين فيها سيما أطراف اللجنة الرباعية تكثيف الجهود ووضع كل ثقلها في الميزان من أجل احياء مسار السلام بهدف التوصل الى تسوية عادلة ودائمة للنزاع عبر اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة بالاستناد الى القرارات الاممية وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية.
ان الادارة الامريكية تبذل جهودا نشجعها من أجل دفع مسار السلام في الشرق الاوسط من جديد. وان ما نأمله هو أن تفضي هذه الجهود وبالخصوص مؤتمر السلام الذي سينعقد قريبا الى مقترحات ملموسة وعادلة تتيح اعادة الامل في سلام عادل ودائم في المنطقة.
أما في مايخص العراق فان موقفنا هو نفسه وهو يتمثل في الدعوة بكل قوة الى تعبئة كل الجهود من أجل وضع حد للفوضى والعنف اللذين يعاني منهما يوميا هذا البلد الشقيق وتيسير المصالحة الوطنية وصيانة وحدة العراق وسلامته الترابية بما يتيح للشعب العراقي الشقيق امكانية التفرغ لاعادة البناء الوطني".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.