تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناصرون يبرّرون... ومعارضون يحذّرون ويطالبون بإعادة النّظر
ملفات الصباح: السياقة في سن 18... بعد 7 سنوات
نشر في الصباح يوم 17 - 11 - 2007


فتوة... تهوّر... وعدم تقدير للمخاطر... من المسؤول؟
تونس - الصباح: .. اندفاعهم وتهورهم في السياقة جعل اصابع الاتهام تتجه نحوهم... لا مبالاتهم وحرصهم على التباهي واستعراض فتوتهم اثناء القيادة بعيدا عن كل ضوابط ومسؤولية حصرهم في دائرة الأضواء الداكنة والزوايا المظلمة في المشهد المروري اليومي .. انهم شبان ما تحت العشرين الذين جعلوا من سياقة الموت خطرا يتربص بهم وبغيرهم من مستعملي الطريق وليتهم يدرون..
نسوق هذا استنادا إلى ما حصل مؤخرا - كمثال - في احدى مناطق العاصمة حيث صدم بعض الشبان بسيارتهم سيارة أخرى أسفرت عن إصابات بليغة.
طبعا التعميم لا يصح وجمع كافة المتحصلين على رخصة سياقة في سن 18 سنة في سلة واحدة لا يجوز لتحميلهم مسؤولية المشهد الدموي العام لحوادث المرور على طرقاتنا...
غير ان مظاهر «سياقة الرعب والبهلوانيات، التي تصادفنا على الطريق من حين لاخر والتي تبرز أكثر بجهة المنازه والمنار وغيرها من الأحياء الراقية وامام بعض المعاهد التي تتحول السياقة بها الى ما يشبه سباق السيارات وتتحول مجموعة من مجانين المقود الى نسخ مقلدة من «شوماخر» تستوجب التوقف عندها ودرس خلفياتها وملابساتها... ولا يمكن السكوت او التغاضي عن هذه السلوكيات الاندفاعية المتحررة من كل ضوابط وتربية مرورية بتعلة «طيش الشباب» وسن المراهقة ورب عذر اقبح من ذنب...
من هذا المنطلق تفتح - الصباح - ملف رخصة السياقة في سن الثمانية عشر بعد نحو السبع سنوات من اقرار اجراء النزول بالسن الدنيا لاجتياز امتحان السياقة الى هذا المستوى العمري وتناول التجربة بالتقويم والتشخيص واستجلاء الوسائل والخيارات الكفيلة بالحد من نزيف التهور على الطريق في هذه السن المبكرة..
فهل تكمن العلة فعلا في عامل السن وهل يكون الخطر ناجما عن منح المراهق مسؤولية قيادة سيارة ولم يبلغ بعد مرحلة اكتمال النضج والقدرة التامة على تقدير الخطر والتحسب له وتتحول الرخصة او السيارة الى سلاح قاتل على الطريق وبالتالي تطرح فرضية اعادة النظر في السن الدنيا ام ترانا نعيب الزمان والعيب فينا وحري بنا النبش في زوايا وثنايا اخرى بعيدة عن معضلة السن وتنحصر اساسا في دور الاولياء ومسؤوليتهم فيما يجد من مآسي لابنائهم كضحايا وجناة جراء استقالتهم عن التاطير والاحاطة والتوجيه لابنائهم وتربيتهم على السياقة الرصينة والتحسب جيد لعواقب تسليمهم مفاتيح السيارة للقيام بجولة او فسحة مع اندادهم قد تنتهي الى ما لا يحمد عقباه...
ام ان العائلة بريئة والاولياء مغلوبون على امرهم والمشكلة الاساسية تكمن في مناهج وبرامج التكوين والتدريب على السياقة بما يستوجب مراجعتها وتطويرها بصفة جذرية ان التساؤلات عديدة والخيارات للتصدي لظاهرة سياقة الموت في سن18 سنة تختلف من زاوية نظر الى اخرى.. فكيف ينظر كل طرف لهذه المسالة وماذا عن تقويمها وما هي السبل الانجع لمعالجتها..؟
- الصباح - طرحت الموضوع على عديد الأطراف من اولياء وجمعية الوقاية من حوادث الطرقات والوكالة الفنية للنقل البري والغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة فكانت هذه الحصيلة.

الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات:
العيب ليس في السنّ بل في محتوى التّكوين
نفى السيد رياض دبو عن جمعية الوقاية من حوادث الطرقات أن تكون هناك معطيات احصائية تؤكد تورط هذه الفئة العمرية من السواق أكثر من غيرها في حوادث المرور مشددا على انتفاء أي مؤشر احصائي في هذا الشأن ردا على سؤالنا حول مدى مسؤولية الشبان في تفاقم حوادث المرور وعما إذا كان الحصول على رخصة سياقة في سن 18 قد زاد طين ضحايا الطريق بلّة.
وفي المقابل حرص المتحدث على وضع قرار النزول بالسن إلى 18 سنة في إطاره العام الرامي إلى تحفز المشرع إلى مواكبة الاتفاقيات الدولية المقننة لحرية تنقل الأشخاص والبضائع خصوصا وأن التشريع الأوروبي يعتمد 18 سنة وحتى أقل كسن دنيا للحصول على رخصة السياقة مع اعتماد ما يعرف بالسياقة المصاحبة في الحالات التي تقل عن 18 عاما. ولم يفت محدثنا من ناحية ثالثة تأكيد الانطباع الايجابي السائد بمساهمة هذا الاجراء في التقليص من ظاهرة السياقة بدون رخصة التي يتعمدها جانب من الشبان وما أفرزته من اشكاليات ووضعيات شائكة.. «وهكذا يكون الاجراء قد اتخذ لحماية المتضررين وكذلك تحميل الشبان لمسؤولياتهم فلماذا ننظر له كفعل سلبي...!؟» يتساءل في استنكار واضح رياض دبو مستطردا «...وما الفرق بين الحصول على الرخصة في سن 18 أو 20 أو 24 سنة... أليس الأمر سيان والمخاطر واحدة..؟!»
هنا... موقع الداء
إن المشكل الحقيقي المطروح لا يكمن في السن بل في رخصة السياقة في حد ذاتها وبالتالي في برامج التعليم الواجب مراجعتها وإعادة النظر فيها عبر اعتماد الوحدات القيمية بها يضمن السياقة السلبية وهذا التوجه بصدد البلورة صلب وزارة النقل على أمل أن يتفاعل معه أصحاب مدارس تعليم السياقة وهذا هو موقف جمعية الوقاية من حوادث الطرقات التي تتمسك بخيار اعتماد الوحدات القيمية الخاضعة لرقاية المصالح المعنية بوزارة الاشراف.
وشدد المتحدث باسم الجمعية على ضرورة تهيئة السائق منذ الصغر على مواصفات محددة في التعامل مع الطريق والسيارة والتربية المرورية بصفة عامة على أن تكون البداية في زرع هذه البذرة منذ سن ما قبل الدراسة وليس بمجرد بلوغ مرحلة التكوين بل يجب أن يكون التكوين والتدريب مسترسلا عبر مختلف مراحل التعليم لأنه في طرف 20 أو 30 وحتى 40ساعة يستحيل أن يمتلك الممتحن كامل ادوات ومهارات السياقة الجيدة والسليمة.
اسم على ورق فقط...!
لكن ألا توفر نوادي التربية المرورية المنتصبة بعدد من المؤسسات التربوية هذه «الثقافة» المرورية؟ ...لا - يرد بصفة قطعية رياض دبو - هذه النوادي موجودة فقط على الأوراق ولا تمتلك أي وثيقة بيداغوجية واقترح كجمعية أن يدرج التكوين والتهيئة المبكرة للطفل - التلميذ صلب البرامج، الرسمية كحصة درس قائمة بذاتها أو على الأقل ضمن المواد الحاملة وان يعتمد هذا حاليا بصفة محتشمة للغاية.
سألنا السيد رياض دبو ما تعليقك على آراء الأولياء المستجوبين الذين أجمعوا على خطورة النزول بالسن إلى 18 سنة واقترحوا مراجعته نحو الترفيع الى 20سنة كما كان الحال سابقا..؟
«عادة يقول المتحدث ما يبدي المواطن آراء وأحكاما جزافية ومزاجية ولا يمكن أن يكون الاجماع قائما وثابتا حول هذه المسألة خصوصا وأن الاحصائيات المتعلقة بالحوادث لا تعكس حقيقة هذه التخمينات والادعاءات وعديد العناصر والأسباب الخارجة عن نطاق هذه الشريحة العمرية عادة ما تكون أكثر سببا في حصول الحوادث..»
وقد استشهد لنا بحصيلة سنة 2006 لتوزيع الحوادث حسب الأعمار والتي تشير الى أن عدد القتلى السياق في سن دون 20 بلغ 38 قتيلا من مجموع 441 قتيلا في صفوف عموم السياق وتوجد بين القتلى الشبان أنثى وحيدة فيما بلغ عدد الجرحى من هذه الفئة الشبابية أثناء القيادة 267 جريحا من مجموع 3295..

صاحب تجربة مهنية في مجال النّقل البرّي:
الإشكال يكمن في تكوين السوّاق عموما وليس في السنّ
تعزيز شروط السّلامة عند القيادة في هذه السنّ
عندما التقيناه بمكتبه بالوكالة الفنية للنقل البري اعتذر السيد محمود بن فضل عن الحديث في موضوع ملفتا أو إبداء الرأي لتقييم تجربة رخصة السياقة في سن 18 سنة مبررا ذلك بأن مسؤوليته صلب الوكالة وهو رئيسها مديرها العام لا تسمح له بذلك واكتفى بمدنا بالارقام المتعلقة بحجم الرخص المسندة وتوزيعها حسب الجنس ونسبة النجاح في الامتحان باعتبارها من المعطيات المندرجة ضمن مهام الوكالة غير أننا واعتبارا لخبرة وتجربة السيد بن فضل في مجال النقل وإشرافه لسنوات طويلة على قطاع النقل البري بوزارة النقل فقد طلبنا منه كخبير ملم بتفاصيل هذا الاجراء ورصد موقفه من الموضوع بصفته الشخصية بمعزل عن مسؤوليته الادارية بالوكالة...
السياقة المصاحبة
لم يخف محدثنا استغرابه من طرح موضوع السياقة في سن 18 عاما الآن بما يفهم منه - حسب قوله - رغبة في إعادة النظر في هذا التوجه باتجاه الترفيع في هذه السن والحال أن عديد البلدان تتجه نحو تباحث امكانيات التخفيض فيها وليس العكس مفيدا بأن سن (بالفتحة) هذه السن (يكسر السن) ليس بالاجراء الجديد بل أقر صلب أول مجلة طرقات تصدر بتونس يعود تاريخها إلى سنة 1914 وحدد خلالها السن الدنيا لسياقة السيارات الخفيفة ب18 سنة وتم التراجع عن هذه السن في الستينات لتشهد بداية الالفية الحالية عودة جديدة إليها.
محدثنا تصدى بقوة للاتهامات الموجهة للشباب والمحملة إياهم قسطا وافرا من المسؤولية فيما يجد من حوادث مرور مروعة قائلا «الموضوعية تقتضي الاستناد إلى معطيات ثابتة وقطعية قبل التعميم لمجرد حصول حادث تسبب في أحد الشبان»... مضيفا «إن الحادث عموما يمكن أن يتسبب فيه صاحب العشرين سنة كما الاربعين وحتى الخمسين وبالتالي فالمسألة لا تتعلق بالسن التي تدرس بعض البلدان مزيد التخفيض فيها كما أشرت سابقا...».
قلت مقاطعة «ولكن في هذه الحال هم يشترطون بل ويعتمدون ما يعرف بالسياقة المصاحبة».
ورد محدثنا بأن السياقة المصاحبة لا يمكن أن تسود في كل الحالات وجدد تأكيده أنه كلما نزل سن تعلم السياقة إلا ومثل ضمانة للتكوين السليم للسائق على أن يستند هذا التكوين إلى أهداف تأخذ في الاعتبار شروط السلامة.
تربية طويلة النفس
والسياقة حسب محمود بن فضل ليست تكوينا فحسب على أهميته بل هي قبل ذلك تربية طويلة النفس تنطلق من سن ما قبل الدراسة يتسنى بمقتضاها للشخص استيعاب قواعد المرور وايجاد علاقة ايجابية مع بقية مستعملي الطريق مع استيعاب الشعور والوعي بالمخاطر... من هذا المنطلق يشاطر مصدرنا الدعوة إلى بلورة برنامج وطني لتربية مستعملي الطريق يأخذ في الاعتبار أهمية فتح المجال أمام المستفيد من البرنامج للتأقلم مع محيطه والإطار الانسب لاحتضان هذا البرنامج يتمثل في المؤسسة التربوية بمختلف مراحلها بدءا من الروضة مؤكدا على أهمية تفعيل هذا التوجه بالتعاون مع وزارة التربية والتكوين.
أين يكمن الإشكال؟
فهل نستشف من وجهة نظر مخاطبا أن شاب ما تحت العشرين بريء من الدماء التي تنزف يوميا بطرقاتنا؟
«لا - رد بسرعة المتحدث - هذا ولا يعني أن لا وجود لمشكل إنما يجب التوضيح أن أبرز المشاكل تتأتى من السواق المفتقدين للإعداد والتهيؤ المسبق لحصص التكوين التي يقبل عليها البعض دون سابق تربية مرورية ودون تحضير طويل في هذا المجال وهذه خصوصية السياق الجدد سواء كانوا في سن 20 أو 30 وحتى 40 انهم غالبا ما يعوزهم التأقلم مع المحيط ومع بقية مستعملي الطريق ولا شك أنه لهذا السبب تشترط بعض البلدان على السواق عند التقدم لاجتياز امتحان السياقة أن يكونوا قد استوفوا خلال حصص التدرب مسافة 2000 أو 3000 كلم ما يعادل 100 كلم في اليوم أو ما يساوي تقريبا 60 ساعة من التكوين.
جدية الامتحان
واعتبر السيد بن فضل أن نسبة النجاح المقدرة ب8،31% لدى فئة الشباب هي مؤشر ضعيف وسلبي مقارنة بعديد البلدان الموثوق في جدية امتحاناتها حيث تصل النسبة إلى 60% وحتى 80% لكنه في المقابل أكد أن المؤشر يعكس جدية الامتحان في تونس وهذا معطى ايجابي في حد ذاته على صعيد آخر أقر المشرع شروطا خاصة بالنسبة لرخصة السياقة للمترشحين دون العشرين سنة فيما يهم أصناف السيارات وقد نص في هذا المجال الفصل 10 من مجلة الطرقات على أنه «لا يجوز للمتحصلين على رخصة سياقة من صنف ب والذين يقل سنهم عن 20 سنة إلا سياقة السيارات الخاصة التي لا يتجاوز عدد مقاعدها ستة.. غير أنه يمكنهم سياقة العربات الاخرى التي يخولها هذا الصنف بعد بلوغهم سن العشرين دون أي إبراء إضافي..».
هروب إلى الأمام
ولعل الاستئناس بالاحتياطات المتوخاة في بعض البلدان بالنسبة لهذه الفئة من السواق يعد مطلوبا من ذلك عدم السماح بالقيادة بمجموعة شبابية ما لم يوجد بالسيارة شخص راشد وهكذا يعد الترفيع في السن الدنيا هروبا إلى الأمام وطرحا غير مبرر في نظر محدثنا باعتبار أن الرخصة في السن الدنيا المحددة قانونيا تجنب السياقة بدون رخصة وتمثل ضمانة وحافزا للتكوين الجيد قصد الحصول على رخصة السياقة ومختزلا الاشكالية الأهم والجوهرية الواجب طرحها في حوادث المرور والعمل على أية آليات لمعالجتها بما في ذلك معالجة وضعيات السلامة فيما يتعلق بالسن الدنيا.

تسليم أكثر من 143 ألف رخصة سياقة لشبّان دون العشرين سنة
دخلت مجلة الطرقات في صيغتها الجديدة حيز التنفيذ بداية من غرة فيفري 2000 متضمنة اجراء النزول بالسن الدنيا للمترشحين لمختلف اصناف رخص السياقة على النحو التالي:
16 سنة للصنف «أ1»
18 سنة للاصناف «أ» و«ب» و«ج»
20 سنة للاصناف «ج» و«د1» و«ب+ه»
21 سنة لاصناف «د» و«ج+ه» و«د+ه»
ومنذ هذا التاريخ فيفري 2000 الى غاية 13 نوفمبر الجاري تحصل 143366 شخصا سنهم دون 20 سنة على رخصة سياقة من صنف ب بنسبة تمثل 7,4% من مجموع الرخص المسندة والبالغ اخر حصيلة لها مليون و942 الف رخصة وتوزع الرخص المسندة الى ما دون 20 سنة حسب الجنس الى 120978 ذكورا و21388 اناثا وذلك في ظرف سبع سنوات.
علما وانه سنة 2006 تحصل 21538 شابا تحت 20 على رخصة السياقة.
وتبلغ نسبة النجاح في هذا الحصول على رخصة السياقة في هذه السن 31,8% مقابل معدل عام ب28%.
هذه الارقام تحصلنا عليها من الوكالة الفنية للنقل البري.

أولياء : تسليم مفاتيح السيارة لشاب ذي 18 ربيعا تصرف غير مسؤول
كان الاجماع جليا في صفوف الاولياء المستجوبين حول معارضة سياقة الشبان في سن المراهقة والرفض قطعيا لقيادتهم سيارات ضخمة وحتى خفيفة يختلسونها أو يتسلمون مفاتيحها من اوليائهم لجسامة المخاطر التي تحف بهم وبغيرهم من مستعملي الطريق معللين ذلك بما يتسم به اصحاب هذه السن من شخصية هشة وقلة تقدير أو تحسب للخطر واندفاع كلي نحو المغامرة وحب التباهي والفتوة وتساءل في استنكار معظم من تحدثنا اليهم عن مدى وجاهة تصرف بعض الأولياء من فئة اجتماعية معينة بالتنازل لأبنائهم عن سياراتهم الخاصة ولم يكتسبوا بعد من النضج ما يكفي للتوقي من مخاطر الطريق... في هذا السياق يقول فتحي الخماسي متقاعد في حزم وتشدد واضحين «... ليس من الصواب سن مثل هذا الاجراء فاذا كان شاب العشرين سنة «مخه موش عليه» ويفتقد النضج الذهني المطلوب فما بالك بمراهق الثمانية عشر ربيعا اذا ما تتوفر له فرصة قيادة سيارة B/M/W أو 4x4 بالطريق العام.. انها أشبه بسلاح «كلاشنكوف» يسلم له ليعيث بمستعملي الطريق فيجني عليهم وعلى نفسه.. هذا امر مرفوض لكن للاسف نعايشه يوميا في عديد الأحياء خاصة في ال«ويك اند» وقبل الإفطار في رمضان حيث تستهوي رياضة التسابق والتباهي بالسرعة المفرطة في قيادة سيارة ضخمة مجموعة من الشبان وأذكر أنّ هذا الجنون كاد أنّ يتسبب في هلاك شابين في رمضان الماضي جراء اصطدام سيارتيهما.. فهل نحن في حاجة إلى «شوماخر» في صيغة الجمع بطرقاتنا؟.. طبعا لا ولابد من تأخير السن الدنيا إلى أقصى حد والمطلوب انجاز دراسات علمية دقيقة حول هذه الظاهرة والتصدي لها.. لوقف نزيف الحوادث التي يتسبب فيها الشبان»..
ويشاطره الرأي كل من جلال الدامرجي صاحب مشروع فلاحي شاجبا بشدة تسامح بعض الاولياء والرضوح لرغبات ابنائهم مهما كانت ومنها سياقة السيارات الضخمة للتباهي امام اندادهم... رافضا الفكرة من اصلها معتبرا تسليم مفاتيح سيارة حتى اذا ما تحصل الشاب على رخصة سياقة ضربا من ضروب التجني على الابناء ومستعملي الطريق
سيارة الموت
من جهته تساءل خالد الطرابلسي سائق تاكسي 18و19 سنة هل بلغ حقا الشاب مرحلة النضج التام في مثل هذه السن وهل يجوز لنا كاولياء الزج بهم إلى الموت؟» محملا الاولياء المسؤولية الاولى فيما يجد من حوادث يتسبب فيها شبان قائلا بتحسر «انهم يشترون البلية والموت لابنائهم فهل يعقل هذا»... وطالب بتاخير السن الدنيا للترشح لرخصة السياقة إلى 20 سنة وحتى اكثر درءا للمشاكل والمصائب من جهته استنكر بشدة محمد بنور موظف «موضة» انتشرت في السنوات الأخيرة لدى بعض العائلات الميسورة الحال وتتمثل في مكافأة نجاح بناتهم أو أبنائهم في الباكالوريا بتمكينهم من التدرب على رخصة السياقة ومنها التنازل لهم عن سياراتهم الضخمة والفاخرة عادة لسياقتها.. والاولى يقول المتحدث قبل الالقاء باللائمة على الشبان انفسهم أنّ نحمل المسؤولية للأولياء لان الشاب في مثل هذه السن قد يستوعب بسرعة حصص التكوين في السياقة وقد «يقتنص» الرخصة بعد 20 ساعةتعلم فقط لكن طاقتهم على الاستيعاب هذه هل تعادل قدرتهم على تقدير الخطر والتحسب له خاصة عند السياقة بمجموعة شبابية ليلا وفي أماكن يحلو بها السهر»..
الرأي الوحيد المخالف الذي استقيناه صلب المجموعة المستجوبة كان لولي اقر بحصول ابنه على رخصة السياقة في سن 19 سنة وقد شجعه على ذلك حتى لا يعمد إلى السياقة بدون رخصة لكنه اكد أنّه في المقابل لم ينقطع عن توجيهه وتأطيره وحثه على السياقة الرصينة وتذكيره دائما باحترام قواعد المرور.

رئيس الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة:
الأولياء مسؤولون عن مراقبة أبنائهم خلال الأشهر الأولى من الحصول على الرخصة
موقف الغرفة الوطنية لمدارس تعليم السياقة كان متوافقا اجمالا مع الجمعية ورأي الخبير في قطاع النقل من حيث شجب حصر الاشكال في عنصر السن ملقيا بالمسؤولية الكبرى على الأولياء باستقالتهم التامة عن التوجيه والتأطير وتمكين أطفالهم من قيادة سياراتهم الضخمة دون رقابة أو تخلي عن استعمالها.
يقول رئيس الغرفة الطاهر الساحلي «إننا من بين المشجعين لقرار النزول بسن الحصول على رخصة السياقة إلى 18 سنة وطالبنا به أولا لمواكبة التشريعات المعمول بها في العالم ثم لوضع حد للمشاكل والاشكاليات التي تنجر عن السياقة بدون رخصة كظاهرة منتشرة في صفوف شبان ما تحت العشرين وبالتالي ضمان الحماية اللازمة لهم عبر تحميلهم المسؤولية وأهم من ذلك حماية مستعملي الطريق في حال حصول حادث كما أننا نلاحظ أنّ اكتساب الشاب في سن 18 أو 20 سنة سيارة خاصة غير متاح وبالتالي فانه سيضطر لقيادة سيارة الاب أو الأم وهوما يفترض في رأينا أنّ تتم عملية تسليم مفاتيح السيارة بالتأطير والتوجيه اللازمين من الأولياء ويكون بالتالي مؤطرا في سياقته من طرف العائلة حتى يبلغ مرحلة كسب سيارة خاصة وقد توفر على قدر كاف من الخبرة في السياقة...
التعليم في الصغر...
ويرى أنّ «التعليم في الصغر كالنقش على الحجر» باعتبار أنّه كلما تم تكوين الشاب وتدربه الرشيد على القيادة مبكرا الا وكانت قدرته على الاستيعاب والتمكن افضل.. وهذا ما يفسر حسب قوله عدم ملاحظة أو ملامسة اية صعوبة في التعامل مع شاب ما دون 20 سنة عند القيام بحصص التدريب لتوفر حد أدنى من الالمام والدراية بالسيارة ومكوناتها وكذلك يكون مغرما وحاضرا ذهنيا ومركزا كليا عند التعلم خلافا لبعض المترشحين المتقدمين في السن أو من النساء اللاتي يتقدمن إلى حصص السياقة وفكرهن منشغل بشؤون البيت وضغوطات العمل...
سيارة ضخمة وسائق صغير
«... لكن ماذا عن تهور فئة من الشبان في السياقة واندفاعهم في الطريق وتسببهم في بعض الحوادث القاتلة هل يحسب ذلك على غرامهم بالقيادة ايضا؟» حمّل رئيس الغرفة مسؤولية هذا التهور أو الاندفاع إلى العائلات وقلة تأطيرها للابناء عند الحصول على رخصة السياقة وغياب التوجيه وعدم تردد بعض الأولياء في تمكينهم من قيادة سياراتهم الضخمة وغض الطرف عن استعمالها ليلا بما يترتب عنه من عواقب وخيمة لا يمكن للولي أنّ يتملص من مسؤوليتها..
وشدد السيد الساحلي على أنّ الترفيع في السن لن يكون الحل الأفضل لان نسبة الحوادث اثناء السياقة بدون رخصة سترتفع وتكبر بدورها مطمئنا الجميع بأن مدارس تعليم سياقة تحرص على التكوين الجيد وحتى في مستوى الامتحان التطبيقي هناك صرامة وجدية كبرى رغم ما يتميز به الشباب من قدرة عالية على الاستيعاب واستعداد ملحوظ للتعلم.
ودعا إلى ضرورة اضطلاع العائلة بمسؤولياتها ومراقبة ابنائها طوال الأشهر التي تلي الحصول على رخصة السياقة وعدم السماح لهم بالسياقة دون وجود مرافق يكبرهم سنا وتجربة في السياقة أو بحضور أحد الأولياء مضيفا بأن الخطر في هذه الفترة يكمن في السياقة المصحوبة بمجموعة من الشبان التي تكون بمثابة استعراض للعضلات القيادية

حدث هذا سنة 1914!
يبدو أن تحديد السن الدنيا للمترشحين لرخصة السياقة ب18 سنة صلب مجلة الطرقات والذي دخل حيز التنفيذ في فيفري سنة 2000 ليس بجديد على مستوى التشريع التونسي حيث استفدنا خلال اعداد هذا الملف ان مجلة الطرقات الصادرة سنة 1914 اقرت تلك السنة وقد لا يكون مثل هذا الاجراء قد اثار حينها ردود فعل او اعتراضات من قبل الأولياء لغياب السيارة في المشهد اليومي للحياة وانتفاء اكتظاظ حركة المرور وحوادثها القاتلة... وقد ظل هذا الاجراء ساري المفعول الى حدود الستينات حينما وقع حادث مرور مروّع تسبب فيه سائق شاب في سن 15 عاما... فتقرر على إثره الترفيع في السن الدنيا للحصول على رخصة السياقة الى 20 سنة وهو الاجراء الذي تواصل العمل به الى موفى التسعينات لتعود مجلة الطرقات وليس حليمة الى عادتها القديمة ويتم اقرار النزول بهذه السن الى 18 سنة من جديد للأساب التي شرحها لنا اهل الذكر والاختصاص.
واذا ما سلمنا بأن وقوع الحادث قد كان سببا كافيا للتراجع عن الاجراء في الستينات فما بالك اليوم وقد اصبح التهور والاندفاع عملة يومية على طرقاتنا!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.