معاناة كبيرة يعيشها السواد الأعظم من المرضى في تعاملهم مع منظومة التأمين على المرض، مردها محدودية سقف العلاج وعدم تكفل الصندوق ببعض الأمراض وبالعديد من الأدوية إلى جانب صعوبة الالتزام بالمنظومة العلاجية.. ويأمل هؤلاء في القيام بمراجة لهذه المنظومة نحو مراعاة مصلحة المريض الذي بقي الحلقة الأضعف فيها. وفي نفس السياق عبر الدكتور علي جبيرة الكاتب العام لنقابة أطباء الاختصاص للممارسة الحرة عن انشغاله بالمرضى وقال إنه حان الوقت للتفكير فيهم ولمراجعة فلسفة منظومة التأمين على المرض التي استفاد منها "الكنام" والأطباء وبقي المريض يعاني. وبين أن هذه المنظومة يجب أن توضع بعد ثورة الشعب على ذمة الشعب حتى يتمكن الجميع من العلاج في أفضل الظروف وحسب إمكانياتهم المادية.. فالشعب هو الذي ضحى من أجل أن تنعم تونس بالحرية والكرامة وهو الذي واجه الرصاص وقدم الشهداء ومن باب الواجب مراعاته. وأضاف أن المفاوضات بين النقابة والصندوق الوطني للتأمين على المرض توقفت خلال الثورة وبعدها وهو يأمل في أن تسير نحو مراعاة مصلحة المرضى أكثر فأكثر. وهو ما يستدعي من الصندوق تغطية جميع الأمراض لأن المريض ليس هو الذي يختار مرضه وبالتالي لا يعقل تغطية أمراض دون أخرى واسترجاع مصاريف علاج أمراض دون أخرى. ويجب أن تتوفر الظروف الملائمة ليتمكن المريض من التمتع بحق العلاج حيثما وجد في شمال البلاد أو جنوبها في سواحلها الشرقية أو مرتفعاتها الغربية.. ولاحظ أنه من بين المسائل التي تحتاج إلى المراجعة، المنظومات العلاجية.. فهذه المنظومات تكرس التمييز بين المرضى بمعنى أن المنظومة العمومية هي منظومة الفقراء والمنظومة الخاصة ومنظومة استرجاع المصاريف هي منظومة المرفهين والمترفين. وذكر أنه يجب تمكين المريض من حرية العلاج حيث يريد مع ضمان "الكنام" للتغطية الصحية. كما أن الاختيار الحر للطبيب يعني أن المريض بامكانه العلاج حيثما أراد فإذا كان يقطن في قابس ويريد العلاج لدى طبيب خاص أو في عيادة أو في مستشفى عمومي في باجة أو في بنزرت أو في العاصمة أو في أي مكان من الجمهورية فله ما يريد مع ضمان التغطية الصحية. وعن سؤال يتعلق بسقف العلاج أجاب الدكتور جبيرة أنه يجب أن يكون معقولا وأن تتم مراجعته بالتشاور مع جميع الجهات المعنية وعلى إثر إجراء استبيانات ودراسة توضح كم يصرف التونسي على العلاج والأدوية سنويا ومن خلالها يقع تحديد السقف. ودعا الدكتور للحد من التعقيدات الإدارية وكثرة الإجراءات والأوراق التي تزيد من معاناة المريض.. كما طالب بتغيير اسم وزارة الصحة العمومية ليصبح وزارة الصحة حتى تهتم بالقطاع الخاص مثل اهتمامها بالقطاع العمومي. وقال إن الوزارة مدعوة للتحاور مع النقابة واستشارتها بشأن تصورات دعم الجهات الداخلية بأطباء الاختصاص.