صباح أمس لم يكن عاديا في الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بتونس بعد العثور على رئيس مصلحة بها مفارقا الحياة بمكتبه... صدم جميع الأعوان... إنها فاجعة في الأوساط الأمنية لما عرف به المأسوف عليه من دماثة الأخلاق و"نظافة اليد" غير ان بعض الألسن الخبيثة حاولت الركوب على الحدث وتشويه صورة الرجل الذي يشهد له كل زملائه بالكفاءة... وحسب ما توفر من معطيات فإن المأسوف عليه والذي كان وراء الكشف عن عدة قضايا كبرى آخرها قضية اختطاف الطفل منتصر عاش في الآونة الأخيرة ضغطا نفسيا بسبب وتيرة العمل، وهو ما لاح عليه في الأسبوع الأخير، إذ أنه بدأ يميل للوحدة والعزلة ولم يغير ملابسه منذ أيام-حسب بعض المصادر-. وفي مساء يوم الجمعة ظل بمكتبه يباشر عمله خاصة بعد الأحداث التي جدت أمام وزارة الداخلية، إذ تم جلب عددا من الموقوفين إلى المصلحة التي يشرف عليها فقام بتقسيمهم إلى ثلاث مجموعات ثم تناول فجرا القهوة مع عدد من زملائه قبل ان يستأذن منهم للتوجه إلى مكتبه لأداء صلاة الصبح. ولكن في حدود الساعة السابعة من صباح يوم أمس طرق أحد الأعوان باب مكتب المأسوف عليه ليسلمه بعض الملفات ولكنه فوجئ بالباب مغلقا، ونظرا للوضع المستراب فقد قام رفقة زملائه بخلع الباب ليعثروا على رئيس المصلحة مفارقا للحياة وجثته تتدلى من حبل بلاستيكي ربط أحد طرفيه في نافذة المكتب... فزع الجميع... بكى البعض ولم يقدروا على تحمل المشهد المؤلم قبل ان يتصلوا ببقية المصالح الأمنية والقضائية للإعلام. وبعد المعاينة الموطنية نقلت جثة المأسوف عليه إلى قسم الطب الشرعي بمستشفى شارل نيكول لفحصها وتحديد أسباب الوفاة، فيما تولى المحققون البحث في القضية، وفي انتظار ما ستكشف عنه الأبحاث يرجح أن يكون المأسوف عليه أقدم على وضع حد لحياته بسبب الضغوط النفسية.