مازال الوضع على الحدود الجنوبية التونسية سواء برأس جدير أو ذهيبة، وأيضا بمنطقة بن قردان وكافة ولاية مدنين يتميز بحضور الآلاف من المهجرين المتوافدين من ليبيا بانتظار ترحيلهم إلى بلدانهم. ولئن عملت تونس منذ اليوم الأول من اندلاع الثورة في ليبيا شعبا ومنظمات وجمعيات وحكومة على توفير كافة الحاجيات من مأكل ومشرب وإيواء وتوفير للخدمات الصحية لهؤلاء المهجرين، فإن عددهم المتزايد يوما بعد يوم وبطء ترحليهم إلى بلدانهم قد أثر في هؤلاء المهجرين خاصة بعد أن طال انتظار العديد منهم للرحيل أكثر من أسبوعين من ناحية، وتقطع سبل البعض منهم نتيجة صعوبة الاتصال ببلدانهم وإيجاد حل لسفرهم. واقع هؤلاء المهجرين لازال يرمى بثقله على تونس وأهل الجنوب بشكل خاص، وهو قد يزيد من العبء إذا ما طال بقاء المهجرين في البلاد، خاصة في ضوء مؤشرات تفيد بتطور الأوضاع في ليبيا والتجاء الآلاف من جرحى الثورة إلى تونس، وتباطؤ المنظمات الإنسانية والصحية الدولية، والمجتمع الدولي في تقديم مساعداتها العاجلة لتونس والمهجرين عامة، درءا لأخطار صحية وأوبئة قد تظهر داخل تجمعاتهم نظرا للأوضاع الصعبة والمخاطر التي تحيط بهم وهم على تلك الحال. توافد لممثلي المنظمات الدولية على تونس ناقوس خطر الكارثة بدأ يدق، وبعض الصعوبات بدأت تظهر رغم ما تقوم به تونس من استعداد شعبي ورسمي في الإحاطة بكافة الوافدين عليها، وتواصل الالتزام باحتضانهم في أحسن الظروف وتوفير كافة حاجياتهم الضرورية، لكن إلى متى سيتواصل هذا الوضع الذي تتحمله تونس لوحدها، ولماذا يبقى الرأي العام الدولي ومنظماته الصحية والإنسانية لا يبدي حراكا أو يقوم به بشيء من التقتير؟ مراسلنا في مدنين ميمون التونسي أفاد أمس أن العديد من ممثلي المنظمات الإنسانية والصحية العالمية والإقليمية بدأت تتوافد على تونس وقد توجه العديد منها إلى منطقة رأس جدير لمعاينة الأوضاع. وقد تحولت ظهر أمس كريستينا جورجينا عضو الإتحاد الأوروبي للتعاون الدولي والمساعدة الإنسانية إلى مناطق العبور بالجنوب التونسي، وعبرت عن تضامن الإتحاد التام مع تونس، مبرزة أنه تم رصد 7 ملايين أورو لمساعدة تونس على تجاوز هذا الوضع بشكل فوري، وكذلك رصد 30 مليون أورو في وقت قريب لاحق لكل من تونس وليبيا، تحسبا لكل الطوارىء التي يمكنها أن تحصل في قادم الأيام. كما أبرزت اهتمامها بوضعية المهجرين العالقين بتونس معربة عن قرار الإتحاد الأوروبي بتوجبه وسائل نقل بحرية وجوية لمعاضدة تونس في هذا المجال. وفي لقاء لها برأس جدير مع مكونات المجتمع المدني ببن قردان على غرار ممثلي المبادرة الشعبية ودعمها بهذه الجهة ومنظمة حرية وانصاف وجه لها ممثلو الجمعيتين لوما على تأخر المساعدات، ودعوها إلى مزيد تفاعل الإتحاد الأوروبي مع تونس خاصة في مجال المساعدات العالجلة والعمل على تركيز استثمارت بالجنوب التونسي. كما حل بالجنوب التونسي الدكتور رامي محمد أنشاصي ممثل منظمة المؤتمر الإسلامي وممثلين للجنة الدولية للصليب الأحمر، والإتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر وبرنامج الأغذية العالمي. وقد عبر جميعهم عن استعداد كافة منظماتهم للتفاعل مع تونس في هذا الوضع الذي تمر به معربين في ذات الوقت عن إشادتهم بما أبدته تونس من تضامن مع المهجرين. كما وصل إلى تونس وفد عن اللجنة الأهلية وجبهة الإغاثة الإسلامية ببريطانيا، وأبدت هذه اللجنة كافة استعداداتها لإرسال الأطباء والأدوية اللازمة إلى تونس في أقرب الآجال. أما على المستوى الوطني وتواصل المد التضامني فقد أفاد مراسلنا بأن الصيدلية المركزية قد أوفدت شاحنة إلى رأس جدير محملة ب 60 طنا من الأدوية، وقد تم توجبه حمولة هذه الشاحنة إلى المستشفى الجهوي بمدنين وذلك لاعتمادها في وقت لاحق تحسبا لكل الطوارىء المنتظرة. كما ينتظر حلول طائرة سويسرية إلى أرض تونس كان قد تكفل مواطن سويسري بارسالها عن نفقته الخاصة حسب ما أفاد به الدكتور سامي الرقيق المدير الجهوي للصحة ، ستكون محملة بالأدوية والمعدات، وينتظر وصول طائرات أخرى محملة بأنواع المساعدات كانت قد عبرت دول عربية عن توجيهها الى تونس في أقرب الآجال. وأشار مراسلنا على الحدود أن عدد الوافدين على تونس منذ 20 فيفري وإلى حد أول أمس الأربعاء قد بلغ 99154 مهجرا كان من بينهم 47157 مصريا، لكن الظاهرة البارزة منذ أول أمس هو التقلص البارز في عدد الوافدين من ليبيا بشكل ملفت للانتباه، حيث لا يتعدى بعض العشرات في اليوم. وبين من خلال مصادر الوافدين من ليبيا أنه يجري تجميع المهجرين في منطقة بوكماش الليبية وذلك لإيهام الجميع بأن الوضع مستقر داخل الجماهيرية.