يقدر عدد التونسيين العاملين والمقيمين بليبيا بنحو 80 ألفا، ويعود تواجد العديد منهم هناك إلى 10 أو 15 سنة، وهو أمر جعلهم طرفا بارزا في الحركة التجارية والاقتصادية بهذا البلد الشقيق خاصة بما أبدوه من تأقلم في العيش ومساهمة بارزة في إرساء العديد من النشاطات اليومية المتعددة والمتنوعة داخل المجتمع الليبي. وتشير مصادر أمنية وديوانية مطلعة على الحدود الجنوبية برأس جدير وذهيبة أن نحو 50 ألف من التونسيين المهاجرين إلى ليبيا عادوا إلى تونس خلال الأيام الأخيرة، وقد اضطر العديد منهم للعودة دون أن يجدوا الوقت الكافي للحصول على مستحقاتهم المالية من أطراف ليبية وذلك خوفا على أرواحهم وهروبا من المخاطر التي أحدقت بهم وفرضت عليهم العودة بأسرع وقت ممكن. كما يشار إلى أن بعض التونسيين الآخرين تركوا في ليبيا كل ممتلكاتهم من سيارات ومحلات سكنية وتجارية وتجهيزات مختلفة، كانوا يتعاطون من خلالها أنشطتهم اليومية هناك، وذلك دون أدني تأمين لها، وهو أمر جعلهم الآن وهم في تونس يتساءلون عن إمكانية استرجاعها أو تدخل السلط التونسية من أجل الحفاظ عليها باعتبارها مستحقات لا يمكن التفريط فيها. ويشار إلى أن الأمر قد بلغ بالعديد من هؤلاء التونسيين العودة إلى تونس دون أن تكون معهم سوى ما يحملونه فوقهم من لباس تاركين كل ما جمعوه من أموال لدى البنوك الليبية أو في المنازل والمحلات التي كانوا يقيمون أو يعملون بها، أو لدى مؤجريهم من الأشقاء الليبيين. مصادر من الحكومة المؤقته في تونس ومن ابرزها وزير الشؤون الاجتماعية السيد محمد الناصر أكد أنه يقع بذل الجهود مع الأطراف الليبية المسؤولة لمحاولة التوصل إلى إيجاد حل يمكنه أن يمكن كافة التونسيين الذين كانوا في ليبيا من الحصول على مستحقاتهم وأموالهم. غير أن السيد محمد الناصر لا ينفي الصعوبة في طرح هذا الموضوع حاليا، خاصة في ظل التطورات التي تمر بها ليبيا والثورة التي تشهدها، وهو أمر يدعو إلى التريث ريثما تستقر الأمور وتهدأ لتفسح المجال مع الأشقاء الليبيين للتداول في مثل هذه المسائل. هذا الواقع الذي مر به التونسيون الذين كانوا يقيمون ويعملون بالشقيقة ليبيا ليس في الحقيقة شائكا بالقدر الذي يراه بعضهم، ولعل الأيام القريبة القادمة ونجاح الثورة في كلا البلدين ستكون فاتحة خير بربط علاقات أكثر عمقا رغم الأهمية التي كانت عليها، وهو أمر يتمناه كلا الطرفين، ويعلقان عليه آمالا عريضة بحكم التاريخ والعلاقات الوطيدة بين الشعبين.