أصدرت امس وزارة الداخلية بلاغا اعلنت فيه أنها شرعت في اتخاذ اجراءات تتمثل في «القطع نهائيا مع كل ما من شأنه ان يندرج بأي شكل من الاشكال تحت منطوق البوليس السياسي من حيث الهيكلة والمهمات والممارسات» بالاضافة إلى الغاء ادارة امن الدولة.. وتأتي هذه الاجراءات في اطار اعادة هيكلة الوزارة وتحديد المهام والوظائف لمختلف مصالحها. وعلمنا في هذا السياق ان «البوليس السياسي» ليس له أية علاقة بادارة امن الدولة بل يتبع ادارة المصالح المختصة بالوزارة... علما وأن عدد قوات الامن الداخلي لا يتجاوز 50 ألفا منها بضعة الاف منتمية للمصالح المختصة في أمن الدولة والبوليس السياسي خاصة أنه توجد فرق لمراقبة الهواتف والانترنات والحدود والأجانب، هذا دون الحديث عن المواطنين الذين كانوا يستعملون رقيبا على التونسيين. وهذا «البوليس» هو الذي تابع وراقب منذ 23 عاما أحزاب المعارضة وحاصر المنتمين اليها في مقرات عملهم ومقرات الاحزاب والشارع وحتى بيوتهم حيث كان يحسب عليهم انفاسهم وحركاتهم حتى تحولت المراقبة اللصيقة الى «عشرة» بين الطرفين.. وكما نجد البوليس السياسي في الندوات الصحافية والمقاهي والاحياء السكنية ومؤتمرات الاحزاب والجامعات والمنظمات وغيرها.. هيكل جديد وتجاوبا مع مبادئ الثورة تم الغاء كل هذه المهام للبوليس السياسي وفرق الارشاد ليقع الحاقها بالامن العام ولتضطلع بدور جديد كالعناية بالسياح وامنهم ومراقبة التجاوزات في المؤسسات الاقتصادية لحماية الاقتصاد... من جهة أخرى جاء في البلاغ انه «تم الغاء ادارة أمن الدولة» ولا يعني ذلك ان الدولة أصبحت بلا أمن بل سيقع ايجاد هيكل جديد يضطلع بالمهام الحقيقية لمؤسسة امن الدولة باعتبار ان دورها حيوي في مكافحة الارهاب وكل ما يهم أمن البلاد الداخلي والخارجي والمخاطر والتهديدات الخارجية وأشارت مصادرنا في ذات السياق الى ان هذه الاجراءات اتخذت لاعادة الثقة بين المواطن والامن وايضا في اطار مراجعة تنظيم هياكل الامن الداخلي والقطع مع سلبيات النظام السابق باعتبار ان مؤسسة امن الدولة في السابق اخذت صلاحيات أكبر حيث أشارت مصادرنا بوزارة الداخلية الى ان هذه المؤسسة في العهد السابق استعملت في وظائف ومهمات خارجة عن الوظائف الاساسية الموكولة لها واتهمت بالتعذيب والتعسف في استعمال الرقابة وممارسات «العضلات المفتولة» ويأتي الغاء هذه المؤسسة استجابة لمبادئ الثورة المتمثلة في احترام الحريات الفردية والعامة واعادة هيكلة هذه المؤسسة التي لن تتنحى عن دورها الاساسي في حماية الامن الداخلي والخارجي باعتبار ان هذه المهمة من اوكد اولويات وزارة الداخلية بهيكلتها الجديدة المنتظرة وما قرار الالغاء وايجاد صيغ جديدة لمؤسسة أمن الدولة الا قطع مع سلبيات النظام السابق الذي لم يحسن استغلال هذه المؤسسة وحور وظائفها الرئيسية علما بانه حتى صيغ التدريب لاعوان الامن سيقع تغييرها وذلك في اطار ترسيخ مناهج احترام الحريات العامة والاساسية واحترام كرامة المواطن والقانون لاعادة بناء علاقة الثقة بين الطرفين