يبدو اليوم أن بعض الإدارات التونسية والمؤسسات والوزارات لم تتغير ولم ترتق بعد مستوى معاملاتها مع المواطن إلى الشكل المطلوب حيث ظل البعض يتعامل مع المواطن من منطلق "التجاهل " مما جعل البعض يعتبر أن جل المؤسسات والإدارات والوزارات مازالت تحتاج إلى ثورة مستقلة الذات حتى يتحقق التطور على المستوى المطلوب وتشهد البلاد نقلة نوعية على جميع المستويات سيما في مجال التعامل... و لئن تعود البعض على سماع المواطنين يشكون مماطلة الإدارات في قضاء مصلحة ما فان الأمر الذي يدعو للاستغراب هو تجاهل بعض المؤسسات لمواطنين حركهم وازعهم الوطني غايتهم الأساسية من الاتصال بعث المشاريع واستقطاب الاستثمار الأجنبي سيما أن البلاد تمر بظرفية خاصة وتحتاج اكثر من اي وقت الى مثل هذه الاستثمارات.ففي مكالمة هاتفية وردت على "الصباح" أفاد مواطن تونسي يقيم بالمهجر وتحديدا في الغابون انه ينوي صحبة مجموعة من المستثمرين بعث مشروع ذي صبغة سياحية في تونس. واتصل للغرض بوزارتي السياحة والتخطيط و لكن لا مجيب كما اتصل بديوان التونسيين بالخارج الذي اخبره أنه ليس بالهيكل المخول له اتخاذ الإجراءات اللازمة في مثل هذه المسائل. ومع ذلك اتصل مرارا وتكرارا بعدة وزارات أخرى ولم يظفر بإجابة. وأفاد المتحدث انه من الغير المعقول أن لا تجيب الوزارات والإدارات على الهاتف الذي يمثل آلية من آليات الاتصال التي تربط مؤسسات محلية بأخرى أجنبية مشيرا إلى أن غايته الأولى هي تقديم يد العون والمساعدة واستقطاب الاستثمار الاجنبي علاوة على أن مشروعه من شانه أن يشغل ما يقارب 3000 عامل. وختم المتحدث كلامه بتساؤل مفاده : لماذا لم ينعكس التغير الذي تعيشه البلاد على الوزارات والإدارات التونسية الذي بقي تعاملها "سيئا" إلى اليوم. هذه الوضعية جعلت الباحث في علم الاجتماع السيد بلعيد أولاد عبد الله يقترح بعث خطة وطنية للإصلاح الإداري وإعادة هيكلة الإدارة التونسية عبر الإحاطة بالإداريين وإعادة تاطيرهم. وأرجع الباحث التجاوزات التي تقع على مستوى الإدارات إلى أن ثقافة المؤسسة تعني لدى البعض الروتين الإداري كما تقوم على مصطلح "ارجع غدوة" وهي كلها مفاهيم من الضروري القطع معها. من جهة أخرى أشار الباحث إلى أن الدراسات أثبتت أن ظروف العمل والوضع المهني هي التي ساهمت في بروز ثقافة لا تشجع على العمل الإداري سيما إن كان الموظف يعاني ظلما. ويدعو في هذا الصدد الهياكل المعنية إلى القطع مع هذه المعاملات عبر توفير ظروف ملائمة للعمل التي لن تتحقق إلا عبر دراسة معمقة للواقع الإداري.