بالرغم من أن المعدل الذي تحصلت عليه إيمان حداد- بكالوريا رياضيات من المعهد النموذجي الحبيب بورقيبة بالعاصمة يؤهلها للالتحاق بالجامعة التي تختارها, وبالرغم من المستوى الدراسي المميز الذي كان لمريم بوليلة (16 سنة)خالفت أحلام البنتان توقعات عائلتهما وأساتذتهما واختارتا وجهة جديدة...بعيدة عن التوقعات وهي الالتحاق بالأكاديمية الافريقية للقيادة ومقرها جنوب إفريقيا. وقد مثل التحاق إيمان حداد ومريم بوليلة في سبتمبر الماضي بمدارج الدراسة في جنوب إفريقيا أول حضور لمنطقة شمال إفريقيا وتسجيل لطلبة تونسيين داخل الأكاديمية. موافقة العائلة...؟؟ لم يتقبل السيد إبراهيم حداد فكرة مغادرة ابنته إيمان للدراسة في جنوب افريقا, خاصة أنها كانت من التلاميذ المتميزين في دراستها. ويقول في حديثه ل "الصباح" :" رفضت بداية فكرة الأكاديمية بسبب وجودها في جنوب افريقا, وأنا أعلم جيدا صعوبة العيش هناك- فخلال مسيرتي المهنية كعقيد في الجيش الوطني عملت لسنة تقريبا في منطقة البحيرات في افريقيا...فالمحيط مختلف ويصعب التعامل معه كما أن الثقافة الغذائية من شأنها أن تشكل عائقا أمام ابنتي التي ليس لها أي تجارب سابقة ولم تبعد عن العائلة" ويشير في نفس السياق أن المعلومات بشأن الأكاديمية كانت شحيحة وهذا ما أدى الى رفض كل أفراد العائلة للفكرة وليس الأب فقط, كما لم توجد تجارب سابقة والدراسة في الأكاديمية كانت بمثابة المغامرة المجهولة بالنسبة لإيمان. أما بالنسبة لمريم فكانت لها تزكية من والدها الدكتور محمد هشام بوليلة الذي كان يثق في قدرات ابنته وأراد لها التطور والتميز أكثر, والاعتراض على ذهابها كان قلب الأم التي صعب عليها مغادرة صغيرتها الى أقصى القارة وعيشها في مكان مجهول بالنسبة لها. وحول كيفية تغيير موقف الرفض أفادنا كل من والدا إيمان ومريم أن المستوى الذي كان لابنتيهما والرغبة التي عبرتا عليها للالتحاق بالأكاديمية, دفعا بالسيد مهدي أميح مسؤول من "الافريقية للقيادة", إلى تطمين العائلتين والتأكيد على سلامة الوضع الأمني وآفاق الدراسة المفتوحة ومستوى التكوين المميز للأكاديمية, كما قام بتوفير جميع الإجابات لاستفساراتهم... الى أن نجح في تغيير موقف العائلتين من الرفض إلى القبول. ويوضح كل من السيد ابراهيم والسيد محمد هشام أنه بعد مضي 6 أشهر على ذهاب ابنتيهما, يمكن التصريح بأن الاختيار كان جيد فمستوى التعليم عال وشامل وقدم لابنتيهما فرصة التميز على مستوى عالمي ونتائجهما الأولى مشجعة. أكاديمية قياديي إفريقيا.. وقد فتحت الأكاديمية الإفريقية للقيادة أبوابها في سبتمبر 2008 واستقرت في منطقة جنوب افريقيا وانطلق نشاطها ب97 تلميذا قدموا من حوالي 45 بلدا إفريقيا. والهدف من تكوين الأكاديمية هو إنشاء مدرسة تجمع أحسن الكفاءات والمستويات والمواهب من التلاميذ الذين يتراوح أعمارهم بين ال15 وال19 عاما, بغاية تكوين قياديين على المستوى السياسي والصناعي والاجتماعي والثقافي... ورجال ونساء أعمال قادرين على تغيير واقعهم وتغيير ملامح القارة الافريقية. وتشمل مجالات تكوين الأكاديمية الإفريقية للقيادة, جميع الاختصاصات العلمية وهي تعتبر مرحلة تحضيرية تكوينية لمدة سنتين لتلاميذ قادرين على صنع المستقبل, يقوم على إثرها الطالب بتحديد توجيهه الجامعي. وفي لقائه ب"الصباح" يشير السيد مهدي أميح أن في نهاية السنة الدراسية الماضية والتي تزامنت مع تخرج أول دفعة, قدم للأكاديمية حوالي 45 ممثلا عن جامعات ذات صيت عالمي من أجل انتداب طلبة الأكاديمية الذين يشهد لهم بمستواهم المميز. أولوية التميز العلمي.. وفقا لموقع الأكاديمية الالكتروني تبلغ كلفة السنة الدراسية حوالي 36 ألف دولار, وهو مبلغ يشمل السكن و4 تذاكر سفر بالطائرة مع الأكل واللباس الموحد وجميع الأدوات المدرسية والرعاية الصحية. ويوضح ممثل الأكاديمية أميح أن طريقة دفع كلفة الدراسة قابلة بصفة دائمة للنقاش فالأهم بالنسبة للأكاديمية هو التلميذ وتميز وقدرته على تقديم الأفضل, والأكاديمية تعمل على تحصيل هبات عن طريق شبكة علاقاتها, أو بتنضيمها لحفلات فنية لكبار الفنانين العالمين, وهو ما يجعلها قادرة على تغطية الكلفة الدراسية للتلاميذ محدودي الدخل. ويقول محدثنا أن تلاميذ الأكاديمية الافريقية للقيادة تلقوا السنة الماضية 9.5 مليون دولار كمنحة لمواصلة دراستهم الجامعية. ومن أهداف الأكاديمية هو التمكن من تكوين 125 تلميذا سنويا قادمين من جميع أنحاء القارة الافريقية, ومن المتوقع الترفيع في عدد التلاميذ القادمين من تونس إلى الستة أفراد, وقد أفادنا أيضا أنه أخذ في زيارته في الشهر الماضي الى تونس قرابة 600 مطلب سيتم النظر فيها وإجراء امتحان ثان في شهر أفريل المقبل بعده سيحدد التلاميذ المؤهلين للالتحاق بالأكاديمية في السنة الدراسية المقبلة.