أمين عام الأمم المتحدة.. العالم يجب ألاّ يخشى ردود أفعال إسرائيل    صفاقس شاطئ الشفار بالمحرس..موسم صيفي ناجح بين التنظيم والخدمات والأمان!    أخبار مستقبل قابس...عزم على ايقاف نزيف النقاط    نفذته عصابة في ولاية اريانة ... هجوم بأسلحة بيضاء على مكتب لصرف العملة    استراحة «الويكاند»    مع الشروق : العربدة الصهيونية تحت جناح الحماية الأمريكية    28 ألف طالب يستفيدوا من وجبات، منح وسكن: شوف كل ما يوفره ديوان الشمال!    ميناء جرجيس يختتم موسمه الصيفي بآخر رحلة نحو مرسيليا... التفاصيل    محرز الغنوشي:''الليلة القادمة عنوانها النسمات الشرقية المنعشة''    توقّف مؤقت للخدمات    عاجل/ المغرب تفرض التأشيرة على التونسيين.. وتكشف السبب    رئيس "الفيفا" يستقبل وفدا من الجامعة التونسية لكرة القدم    عاجل/ عقوبة ثقيلة ضد ماهر الكنزاري    هذا ما قرره القضاء في حق رجل الأعمال رضا شرف الدين    الاتحاد الدولي للنقل الجوي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ مشاريعها ذات الصلة    بنزرت: مداهمة ورشة عشوائية لصنع "السلامي" وحجز كميات من اللحوم    عفاف الهمامي: أكثر من 100 ألف شخص يعانون من الزهايمر بشكل مباشر في تونس    رابطة أبطال إفريقيا: الترجي يتجه إلى النيجر لمواجهة القوات المسلحة بغياب البلايلي    الترجي الجرجيسي ينتدب الظهير الأيمن جاسر العيفي والمدافع المحوري محمد سيسوكو    عاجل/ غزّة: جيش الاحتلال يهدّد باستخدام "قوة غير مسبوقة" ويدعو إلى إخلاء المدينة    دعوة للترشح لصالون "سي فود إكسبو 2026" المبرمج من 21 إلى 23 أفريل 2026 ببرشلونة    قريبا: الأوكسجين المضغوط في سوسة ومدنين... كيف يساعد في حالات الاختناق والغوص والسكري؟ إليك ما يجب معرفته    البنك التونسي للتضامن يقر اجراءات جديدة لفائدة صغار مزارعي الحبوب    أريانة: عملية سطو مسلح على مكتب لصرف العملة ببرج الوزير    سطو على فرع بنكي ببرج الوزير اريانة    أكثر من 400 فنان عالمي يطالبون بإزالة أغانيهم من المنصات في إسرائيل    عائدات زيت الزيتون المصدّر تتراجع ب29،5 بالمائة إلى موفى أوت 2025    عاجل: تونس تنجو من كارثة جراد كادت تلتهم 20 ألف هكتار!    بعد 20 عاماً.. رجل يستعيد بصره بعملية "زرع سن في العين"    توزر: حملة جهوية للتحسيس وتقصي سرطان القولون في عدد من المؤسسات الصحية    10 أسرار غريبة على ''العطسة'' ما كنتش تعرفهم!    عاجل- قريبا : تركيز اختصاص العلاج بالأوكسيجين المضغوط بولايتي مدنين وسوسة    عاجل/ مقتل أكثر من 75 مدنيا في قصف لمسجد بهذه المنطقة..    مهذّب الرميلي يشارك في السباق الرمضاني من خلال هذا العمل..    قريبا القمح والشعير يركبوا في ''train''؟ تعرف على خطة النقل الجديدة    مجلس الأمن يصوّت اليوم على احتمال إعادة فرض العقوبات على إيران    شنية حكاية النظارات الذكية الجديدة الى تعمل بالذكاء الاصطناعي...؟    بلاغ مهم لمستعملي طريق المدخل الجنوبي للعاصمة – قسط 03    نقابة الصيدليات الخاصة تدعو الحكومة إلى تدخل عاجل لإنقاذ المنظومة    أغنية محمد الجبالي "إلا وأنا معاكو" تثير عاصفة من ردود الأفعال بين التنويه والسخرية    حملة تلقيح مجانية للقطط والكلاب يوم الاحد المقبل بحديقة النافورة ببلدية الزهراء    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    البطولة العربية لكرة الطاولة - تونس تنهي مشاركتها بحصيلة 6 ميداليات منها ذهبيتان    عاجل : شيرين عبد الوهاب تواجه أزمة جديدة    المعهد الوطني للتراث يصدر العدد 28 من المجلة العلمية "افريقية"    افتتاح شهر السينما الوثائقية بالعرض ما قبل الأول لفيلم "خرافة / تصويرة"    جريمة مروعة/ رجل يقتل أطفاله الثلاثة ويطعن زوجته..ثم ينتحر..!    محرز الغنوشي يزّف بشرى للتوانسة: ''بعض الامطار المتفرقة من حين لاخر بهذه المناطق''    شهداء وجرحى بينهم أطفال في قصف الاحتلال عدة مناطق في قطاع غزة..# خبر_عاجل    بطولة العالم للكرة الطائرة رجال الفلبين: تونس تواجه منتخب التشيك في هذا الموعد    هذه الشركة تفتح مناظرة هامة لانتداب 60 عونا..#خبر_عاجل    في أحدث ظهور له: هكذا بدا الزعيم عادل إمام    تصدرت محركات البحث : من هي المخرجة العربية المعروفة التي ستحتفل بزفافها في السبعين؟    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد: "لم يعد مقبولا إدارة شؤون الدولة بردود الفعل وانتظار الأزمات للتحرّك"    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضاء مستقل والمجلس الأعلى للقضاء سيصبح منتخبا ولا يترأسه رئيس الجمهورية
وزير العدل وحقوق الإنسان في أوّل حديث له للصحافة المكتوبة
نشر في الصباح يوم 13 - 03 - 2011

أكد وزير العدل وحقوق الإنسان في الحكومة المؤقتة في حديث خص به الصباح على استقلالية القضاء وكشف ان المجلس الأعلى للقضاء سيصبح منتخبا ولن يترأسه رئيس الجمهورية وذكر انه رغم محدودية المدّة الّتي تولى أثناءها هذه الوزارة، فقد درس عدّة مسائل منها وضعية القضاة و وضعية الموظفين ومساعدي القضاء كما تحدث عن عدة نقاط وفي مايلي التفاصيل:

سيادة الوزير، لا شك أن العائلة القانونية والقضائية عموما تعرفكم جيّدا غير أن عامّة الناس لا يعرفون عنكم الكثير، فكيف يمكن التعريف بكم ؟

الإنسان لا يتحدّث عن نفسه ويحبّذ أن يتحدّث عنه الغير، ولكن بعجالة ولرفع بعض اللّبس لدى من لا يعرفني أقول أنني مواطن تونسي ربيت على حب الوطن منذ صغري ولذلك إنخرطت في الأعمال الوطنية مبكرا، فقد شاركت في اغلب المظاهرات زمن الاستعمار وألقي علي القبض وأرسلت إلى محتشد المحمدية أين قضيت هناك أسبوعين ولم أخرج منه إلاّ بتدخل من أستاذي الرئيس محمّد المالقي الّذي كان يدرّسني في ذلك الوقت القانون المدني، ولما جاء لإتفاقيات التونسية الفرنسية سنة 1955 عارضتها قبل مجيء المناضل صالح بن يوسف إلى تونس
وذلك من خلال مقالات نشرت ببعض الصحف. وعندما تكونت امانة العامّة أنتميت إليها و قد كلّفني هذا الإنتماء معاناة كبيرة وقد كدت أفقد حياتي في مناسبتين ففي الأولى أختطفت ليلا من وسط إحدى الانهج بأريانة وأخذت إلى جهة سكرة من طرف مجهولين ينتمون إلى الحزب الحاكم. والثانية عندما وقع التعرّض لي من قبل أفراد مسلّحين من لجان الرعاية بحمام الأنف ولولا فراري لقتلت.
و بعد الإستقلال تركت السياسة وخيّرت ألا انتمي لأي حزب لأني وجدت قوّتي في إستقلاليتي والّتي حرّرتني من كل قيد لذلك توليت الدّفاع في أغلب قضايا الرأي والقضايا السياسية منها قضية اللّيبيين في محاولة قتل الأستاذ الهادي نويرة وقضية النقابيين وقد توليت نيابة الزعيم النقابي الحبيب عاشور بتكليف من النقابات الإفريقية، وقضية الخيانة العظمى الّتي باشرتها المحكمة العليا إثر إنتفاضة الخبز وقضية النهضة وقضايا الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الانسان وقضايا العديد من الرؤساء المديرين العامين الّتي أثارها النظام آنذاك ضدهم لمجرّد تصفية حسابات خاصّة. ومواقفي هذه النابعة من إستقلاليتي وعدم إنتمائي إلى أي جهة حزبية وتفاني في خدمة مهنة المحاماة والصالح العام هي الّتي جلبت لي الإحترام وجعلت زملائي الأعزاء يتوجونني مرّتين بتاج المحاماة وهو أفضل تشريف نلته في حياتي وسأبقى معتزّا به طيلتها، وأتمنى أن تكون هذه اللّمحة الموجزة كافية للتعريف بشخصي.
إذن سيادة الوزير لم تكونوا منتمين للتجمع الدستوري الديمقراطي مثلما قاله البعض؟
أؤكّد لكم أنّني لم أنتم في يوم من الأيام إلى هذا الحزب وإن ما أشاعه البعض هذه الأيام على صفحات "الفيسبوك "هو مجرّد وهم، ولكن للتوضيح فإنني بإعتباري عميدا سابقا وأحظى بإحترام زملائي أستدعى في جميع المناسبات ومن بينها المناسبة الّتي نظمتها جمعية المحامين الشبان والّتي تنتسب للمهنة، وقد دعيت كغيري من الزملاء وأخذت لي صورة خلال هذه المناسبة إلى جانب الأمين العام السّابق للتجمّع الدستوري الّذي كان موجودا هناك إلى جانب والي تونس السابق الّذي كان يتمرّن في مكتبي قبل دخوله الميدان السياسي. وقد تكون هذه الصورة هي الّتي كانت مبعث الشك في بعض النفوس.

بعد هذا التقديم وقبل أن ندخل في صلب الحوار، بماذا تفضلون مخاطبتكم، سيادة الوزير، أم السيد العميد؟

أفضل أن أخاطب بالسيد العميد لأن خطة الوزارة وقتية وزائلة ولم أشعر منها إلاّ بالتعب وما رغبت طيلة حياتي بأن أكون ذا خطّة وظيفية أووزارية أوغيرها وإذا ما قبلت في هذا الظرف الحسّاس هذه الخطّة فإنما لخدمة وطني بعد هذه الثورة المباركة ولكي أستطيع أن أشارك في تحقيق ما كنّا نصبو إليه جميعا من حريّة وديمقراطية مسؤولة حرمنا منها منذ عدّة عقود من الزمن.

السيد العميد ما يلاحظه عموم الناس ، أنّكم الأقل حضورا في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة فهل يمكن أن نعرف الأسباب؟

فعلا أنني أقل حضورا من زملائي في وسائل الإعلام وهذا يرجع لسببين أساسيين:
فالأوّل، أنني أحبّذ أن أقوم بعملي في صمت ودون إشهار إذ العبرة بالنتائج الّتي يحقّقها الإنسان في عمله بعيدا عن الأضواء.
والثاني، أن وزير العدل نظرا لمسؤولياته فإنّه من وجهة نظري لا ينبغي أن يظهر تحت الأضواء أو أن يكثر من التصريحات خصوصا في مثل هذا الظرف، حيث توجد قضايا هامّة منشورة أمام القضاء وإذا تحدّث عنها وزير العدل فقد يعتبر حديثه إما توجيها للقضاء في تلك القضايا أومحاولة إبداء رأي مسبق له، والحال أنني أعمل جاهدا على أن يكون القضاء مستقلاّ لا سلطان عليه إلاّ ضميره
والقانون. ولهذين السببين فإنّي أقل حضورا في وسائل الإعلام على أن هذا لم يمنعني من الظهور في الندوة الصحفية الّتي عقدتها يوم 26 جانفي 2011 وفي بعض المناسبات القليلة الأخرى عندما سئلت عن وضعية المساجين والعدد الّذي أطلق سراحهم إعمالا للآليات القانونية المختلفة.

لا شك أن وزارة العدل وحقوق الإنسان وهي وزارة سيادة، تضطلع بمهام تاريخية في بداية هذه الحقبة الجديدة من تاريخ البلاد، ورغم الصبغة المؤقتّة لمهامكم فإن الدور الّذي عهد لكم حساس للغاية، فكيف رسمتم خطة عملكم في الفترة الراهنة وفي الأمد القريب؟

رغم محدودية المدّة الّتي قد اقتضتها هذه الوزارة، فقد درست عدّة مسائل منها وضعية القضاة ووضعية الموظفين ومساعدي القضاء، رأيت أن هناك أشياء يجب القيام بها ولهذا الغرض فإنني بدأت العمل بالفعل في إنجازبعض المهام وفي البعض الآخر فإنّني سأشكّل عدّة لجان لتجسيم التصوّرات الّتي ستعود بالنفع على مجمل هياكل العدالة الّتي من واجبها أن تحقّق العدل للمواطنين وأن تبعث فيهم الطمأنينة على حقوقهم وسأشرّك في هذه اللّجان الأطراف الّتي يهمّها الأمر. وقد تسلّمت أوّل أمس مشروع قانون المحاماة وهو بصدد الدرس.

كيف تتصوّرون العلاقة بين القضاء ووزارة العدل وحقوق الإنسان؟

أِؤكّد على أن القضاء سلطة مستقلّة بناء على الدستور ولذلك فالقضاء مستقل تماما عن وزارة العدل الّتي هي سلطة تنفيذية لا تهمّها إلاّ الأمورالإدارية التنظيمية وهذا ما أؤمن به من قبل وأعلنت عليه خلال الندوة الصحفية وما على السادة القضاة إلاّ أن يؤكّدوا إستقلاليتهم، على أن هذا لا يمنع الوزير من التصدّي لكلّ تجاوز فيه مس بحرمة القضاء وسيادة القانون.

العفو التشريعي العام والعفو التشريعي الخاص، ومطالب السراح الشرطي، أشغال تستغرق مجهودات إدارتكم، فهل من فكرة عمّ تمّ إنجازه إلى حد الآن؟

بخصوص السراح الشرطي فقد تمتّع به 3358 من مساجين الحق العام واللّجان مازالت تواصل أعمالها. وبخصوص العفو العام فقد تمتّع به 184 سجينا كما تمتّع بنتائجه 99 سجينا من الفارين من السجن أثناء الاحداث الأخيرة وأيضا 83سجينا سرّحوا بموجب السراح الشرطي قبل صدور مرسوم العفو العام إلاّ أنهم ينتفعون بنتائجه. وبخصوص العفو الخاص، فقد شمل 66 موقوفا واللّجنة ما تزال مواصلة لأشغالها.

دون الدخول في التفاصيل من أين ستكون البداية للإصلاح القضائي؟

تصوّري بخصوص الإصلاح القضائي يبدأ من إدخال تعديلات جوهرية على القانون الأساسي للقضاة. ذلك أن القضاء بإعتباره سلطة من السلط الثلاث ينبغي أن يكون له إستقلاله الكامل عن السلطة التنفيذية، وتجسيما لهذه الإستقلالية فإنه ينبغي ألاّ يرأسه رئيس الجمهورية ولا وزير العدل الّلذان يمثّلان السلطة التنفيذية، المجلس الأعلى للقضاء، وإنّما يجب أن يرأسه قاض من الرتبة الثالثة كالرّئيس الأول لمحكمة التعقيب مثلا، أما بقية أعضائه فيقع إنتخابهم من السّادة القضاة طبق طريقة يقع الإتفاق عليها. كما أن ما يضمن الإصلاح القضائي وإستقلال القضاء هو أن القاضي لا ينقل من مركز عمله إلاّ بطلب منه أو لمصلحة العمل إثر ترقية تحتّم النقلة أو تنفيذا لقرار تأديبي بات صادرا عن مجلس التأديب وينبغي ألاّ تكون ضرورة العمل سببا لعقاب مقنّع. وعلى كل فإنه بمجرّد إتمام هذه التصوّرات سوف يشرك فيها ممثلو السادّة القضاة لإبداء الرأي على أنّه لابد من تعصير وسائل العمل لإدخال نجاعة على كامل الجهاز العدلي قضاء وإدارة، ورغم محدودية الزمن لهذه الحكومة المؤقّتة، فإنني سأسعى جاهدا لتحقيق ما يمكن تحقيقه في هذه المدّة القصيرة المتبقية.

وماذا عن مراجعة بعض القوانين الأساسية ؟

هذا الموضوع يدخل في نطاق مراجعة عامّة للقوانين ولكن هناك بعض الأمور أوكد من بعضها كضمان حقوق المتهم طيلة مراحل بحثه إلى الحكم ، ثم بعد ذلك تقنين حقوقه إذا ما أصبح سجينا إلى غير ذلك من الأمور الّتي تعطي للقضاء النجاعة لإيصال الحقوق إلى أصحابها في مختلف فروع التقاضي كمراجعة القوانين الأساسية المنظّمة لمختلف المهن المساعدة للقضاء وكذلك بعض نصوص قانون الوظيفة العمومية لتحسين وضعية الموظفين المنتمين لسلك العدالة ، حتى يقوم كل هيكل بدوره المحدّد قانونا.

البعض يتساءلون عمّا وصلت إليه محاكمة رموز النظام السّابق وحاشية الرئيس السّابق، فهل من كلمة حول هذه المسألة؟

أود أن أؤكّد على حقيقة ثابتة ينبغي ألاّ يغفل عنها المواطنون وخصوصا رجال القانون، وهذه الحقيقة هي أن إثارة الدعوى العمومية وتتبعها من خصائص النيابة العمومية ولا دخل لوزارة العدل ولا لوزير العدل فيها. وعندما بدأت التتبعات إنطلقت من رسالة وردت على النيابة العمومية من وزارة المالية حول بعض الجرائم الصرفية وتبييض الأموال، و الآن بتقدّم الأبحاث تغيّر الوضع فأصبح المتابعون تحت طائلة جرائم القتل العمد وتحريض المواطنين على مقاتلة بعضهم البعض بالسلاح والتآمر على أمن الدولة الدّاخلي وغير ذلك . والأبحاث ما تزال جارية لدى قضاة التحقيق الّذين أتقدّم لهم بجزيل الشكر نظرا للظروف الصعبة الّتي يباشرون فيها مهامهم والّتي أعتقد أنّها لن تحول دونهم والوصول إلى الحقيقة.

البنية الأساسية لبعض المحاكم استهدفت للتخريب ولأضرار فادحة، فهل تمّ تجاوز الصعوبات الناجمة عمّا حدث؟

إن ما وقع لبعض المحاكم لا ينبغي أن يحمل بأية حال على الثورة ولا على شبابها وإنما يحمل على أعدائها الّذين حاولوا بطرق رخيصة إجهاضها وباءت محاولاتهم بالفشل لأن إحراق المحاكم والمرافق العمومية من قباضات مالية ومقرات إدارات وغيرها، هو عمل ضد مقاصد الثورة وفيه إهدار للمال العام من ذلك مثلا أن إصلاح المحاكم الّتي أحرقت وخرّبت سوف تكلّف المجموعة الوطنية من مؤدي الضرائب مليونين وتسعمائة ألف دينار، هذا إضافة إلى ما تتطلبّه عملية إصلاح السجون الّتي أحرقت وهدّمت والّتي تبلغ تكاليف تلك الإصلاحات نحو مليونين وثمانمائة ألف دينار. فوزارة العدل ينبغي أن توفّر حوالي خمسة ملايين ونصف من الدنانير للقيام بالإصلاحات. وعلى كل حال فإن الأشغال قد إنطلقت في عديد المحاكم الّتي استأنفت عملها بصورة تدريجية إلى أن تتمّ الإصلاحات النهائية،
وبخصوص المحاكم الّتي لم يعد بالإمكان إصلاحها أوأن إصلاحها يطول، فقد نقلت إلى محاكم أخرى مثل محكمة قابس الّتي نقلت إلى محكمة الإستئناف مؤقتا وتسوّغت مصالح الوزارة محلاّ لائقا وهي بصدد تهيئته وسيفتح أبوابه في أقرب وقت، والأمر بالمثل بالنسبة لبعض السجون، وأودّ في هذا الصدد أن أتقدّم بالشكر لكل من تبرّع للقيام بإصلاح بعض المحاكم وبعض السجون.

بعض المواطنين كانوا عرضة لعدّة مظالم فهناك من أفتكت ممتلكاتهم ، وهناك من أجبروا على اقتسام أرزاقهم، ولكن الآليات القانونية قد لا تمكّن البعض من استرجاع حقوقهم إمّا لصدور أحكام باتة ونهائية وإمّا لسقوط الدعوى لمرور الزمن ...إلخ، فهل فكرتم في آليات جديدة لحل مثل هذه الوضعيات؟

إن المسؤول أورجل القانون يفكّر في آليات جديدة إذا ما كانت الآليات مفقودة أوأن الآليات الموجودة لا توصل إلى حل المشاكل، أمّا إذا كانت الآليات القانونية الموصلة لحل المشكل وبالتالي إلى الحق، موجودة ، فإنّه ما على المواطن المتضرّر من هذه الوضعيات إلاّ الإلتجاء إلى المحاكم. فالمبادئ القانونية الواردة بمجلّة الإلتزامات والعقود كفيلة برد هذه الحقوق إلى أصحابها من ذلك مثلا أن الرضاء شرط من شروط صحّة التعاقد وأن الإكراه مبطل للعقود طبق مقتضيات مجلّة الإلتزامات والعقود لذلك فإنه من حق من أجبروا على بيع أوعلى التنازل عن أملاكهم إلاّ أن يقوموا بإبطال العقود الّتي أبرموها وهم في مأمن من مجابهتهم بسقوط دعواهم بمرور الزمن لأمرين أساسيين: الأوّل أن الفصل 393 من المجلّة المدنية في الفقرة االخامسة منه لا تجيز التمسّك بمرور الزمن في حالة حصول عذر للدّائن عاقه عن القيام بحقوقه أثناء المدّة المحدّدة لسقوط الدعوى لتعطّل المحاكم في تلك المدّة، أو سبب آخر لا قدرة له على دفعه، والثابت أنّه في مثل هذه الحالة الواردة بسؤالكم ، فإن للمواطن عذر لا قدرة له على دفعه، ولذلك فان أجل السقوط يبدأ من زوال العذر. والسبب الثاني، هو أن فقه القضاء يؤكّد على أن العقد الباطل لا ينقلب إلى الصحّة مهما طالت مدّته، ومرور الزمن لا يصحّحه ولذلك فما على من تضرّر من هذه المظالم إلاّ لأن يطالب بحقّه أمام القضاء.

الشعور بالضيم والإحساس بالتحرّر من أسباب الظلم والقهر، ولّد ردود فعل متشنّجة وأحيانا غير لائقة، فكيف ترون المعالجة المثلى لتجنّب بعض التجاوزات؟

صحيح أن الكبت وبعد ذلك الشعور بالتحرّر من أسباب الظلم والقهر قد يولّد ردود فعل متشنّجة وغير لائقة ولكن ينبغي ألاّ يؤدّي هذا التشنّج إلى الخروج عن اللّياقة ومس أعراض الناس والإعتداء على حقوقهم المصانة قانونا بدعوى الحرية لأنّ للحرية قواعد ينبغي التقيّد بها وإلاّ إستحالت إلى فوضى.

لتجنّب ردود الفعل ضد الّذين أعتبروا في مقدّمة المنفذين لسياسة النظام السابق في المجال القضائي إتخذت وزارتكم بعض القرارات العاجلة، ولكنّها اعتبرت من البعض مخالفة للصيغ القانونية، ووصفها البعض الآخر بالمنقوصة، فما ردّكم على هذا وذاك؟

هذه القرارات العاجلة الّتي اتّخذتها كانت أوّلا وبالذات للمحافظة على حرمة القضاء وهيبته، ولا ينبغي أن ننسى أن من وقع إعفاؤهم من مسؤولياتهم القضائية هوجموا حتّى وهم على منصّة القضاء. إلاّ أن هذا ليس السبب الوحيد الّذي أدّى إلى إتخاذ تلك القرارات بشأنهم بل هناك عدّة معطيات أخرى أكّدت لزوم إتخاذ القرارات المذكورة وليس هنا مجال تفصيلها.
أمّا بخصوص من يدّعي ان هذه القرارات مخالفة للصيغ القانونية فإنه إدعاء مردود عليه بصريح الفصلين 44 و47 من القانون الأساسي للقضاة ، لأن الإعفاء يختلف تماما عن العزل. أما من يرى أنّها منقوصة وغير كافية فإنه يكون قد استعجل الأمر. وعلى كل فإن مثل هذه القرارات لا تؤثّر على الشرفاء من السّادة القضاة وهم كثر.

السيد العميد سؤال لم يطرح عليكم وتودّون الرد عليه؟

كنت أودّ لو سألتموني عمّا أدخله هذا المنصب الوزاري على حياتي. فأردّ عليكم بأن هذا المنصب لم يدخل عليّ أي جديد إلاّ التعب والإضطراب الكامل على نظام حياتي، إذ أنّي أقضي في العمل اليومي على الأقل عشر ساعات وفي بعض الأحيان أكثر، دون إنقطاع ، ولكن كل هذه الأمور تهون من أجل خدمة وطني العزيز؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.