أخيرا حزم المجتمع الدولي أمره واتخذ القرار الحاسم المطلوب بفرض منطقة حظر للطيران فوق الشقيقة ليبيا واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين فيها للحيلولة دون استمرار العقيد معمر القذافي وكتائبه الأمنية وفرق مرتزقته في حرب الإبادة الذي يشنونها منذ أسابيع ضد أبناء الشعب الليبي المنتفض على سياسة القهر والترهيب وتكميم الأفواه وقمع الحريات المفروضة عليهم منذ قرابة ال42 عاما. صادق مجلس الأمن الدولي على القرار 1973 في خطوة طال انتظارها وبعد أن كاد اليأس يبلغ أشده، ليس بالشعب الليبي البطل الثائر فحسب، بل وبالشعوب الأخرى التواقة إلى انتصار الحق في الحرية والديموقراطية واحترام حقوق الانسان على الطغيان واستحلال الحرمات النفسية والجسدية للمواطنين والنهب والاستيلاء على ثرواتهم ومقدراتهم وهي ذات المبادئ التي كثيرا ما تشدق الغرب بالدفاع عنها ووصل به الأمر حتى إلى حد شن الحروب باسم فرضها وتكريسها. لقد اقتنع المجتمع الدولي أخيرا بأن عدم تحركه وبسرعة ضد نظام القذافي الذي فقد كل مشروعية لدى الغالبية العظمى من الشعب الليبي ستكون له انعكاسات كارثية على الصعيد الانساني في ظل اختلال توازن القوى العسكرية بين القوات الموالية لهذا النظام والثوار الليبيين، لما عرف عن القذافي من عدم تردده في ارتكاب مجازر فظيعة ترقى لتلك التي حدثت في رواندا وكوسوفو في سبيل بقائه هو وأبناؤه في السلطة، وهو ما أكدته تطورات الأيام الأخيرة حيث كثفت قواته من عمليات قصفها برا وبحرا وجوا للمناطق التي يسيطر عليها الثوار دون التمييز بين السكان الآمنين والمسلحين. ويبقى المطلوب الآن وبإلحاح الاسراع ببدء تطبيق القرار الدولي 1973 عمليا على الأرض باعتباره السبيل الوحيد الذي من شأنه أن يتيح قلب المعادلة بصورة جذرية لتصبح أيام نظام القذافي معدودة ويقترب موعد انجلاء الكابوس عن الشعب الليبي، رغم اقتناعنا بأن ذلك سوف لن يكون سهلا وسيتطلب المزيد من التضحيات لسبب بسيط وهو أن القذافي سيحاول حتما الحاق اكبر قدر ممكن من الخسائر والمآسي قبل ان يضطر للرحيل.