كمال بن يونس تضمنت الكلمة التي توجه بها رئيس الجمهورية الانتقالي السيد فؤاد المبزع الى الشعب التونسي بمناسبة الذكرى 55 لاستقلال تونس عن فرنسا رسائل سياسية مهمة جدا من أبرزها أن تجسيم تضحيات شهداء الثورة وشعارات الشعب الذي تفاعل معها بسرعة يستوجب " تجاوز الانقسامات وتجنب آثارها السلبية البليغة على الأداء الديمقراطي" و"نبذ التفرقة بين التونسيين ونزع البغضاء عن النفوس حتى لا تعتل بما يفسد أداءها". كلمة السيد فؤاد المبزع بمناسبة ذكرى الاستقلال مهمة جدا لأنه خاطب شباب تونس ومختلف أجيالها بدءا من رفاقه في الحركة الوطنية عندما كان رئيسا لجمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين ومن زعامات الشباب الوطني الملتف حول الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف ورفاقهما. لقد أكدت كلمة رئيس الجمهورية المؤقت أن ثورة 14 جانفي تعكس إرادة شعبية واسعة في تحقيق الانسجام مع الاستقلال لكنه شدد من جهة أخرى على ضرورة ألا ينحصر مبدأ الانسجام هذا في حدود العلاقة بين الحدثين التاريخيين بل يجب أن "يتطور ليبلغ درجة المصالحة ويمتد ليشكل عنوان المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد" لأن المصالحة "تعد الضامن لانخراط الجميع في خدمة هدف مشترك تجسمه مصلحة تونس وشعبها مهما تنوعت المسالك وتعددت المناهج أو اشتد التنافس الديمقراطي النزيه بينها". هذه الرسالة السياسية مهمة جدا في مرحلة تضاعفت فيها تخوفات قطاعات واسعة من المجتمع ومن المستثمرين ورجال الأعمال وصغار الصناعيين والحرفيين والتجار المتخوفين من ترجيح البعض منطق "الثأر والانتقام " على عقلية البناء. وعلى غرار ما جاء على لسان رموز من المعارضة "الراديكالية" و"المعتدلة" في نفس الوقت، فإن من مصلحة البلاد تحقيق مصالحة وطنية شاملة على أن تقترن تلك المصالحة بالمصارحة وبمحاسبة رموز المورطين في الفساد المالي والسياسي وكل من أجرم في حق الشعب وثبتت إدانته قضائيا، لأن "المصالحة الوطنية يجب أن تستند إلى المحاسبة القانونية العادلة والشفافة صونا لحقوق الجميع وحفاظا على مصالح الشعب التونسي". فعسى أن تبدأ النخب والطبقة السياسية في ترشيد الخطاب السياسي وعقلنته وصرف الطاقات نحو البناء والرهان على المستقبل حتى تحقق ثورة تونس أهدافها على غرار ثورات جنوب افريقيا واسبانيا وامريكا اللاتينية.. وحتى لا تصاب بنكسات مماثلة لتلك التي منيت بلدان فشلت في تحقيق المصالحة وتورطت زعاماتها في اقصاء كل خصومها مثل ما حصل في ايران والعراق وبعض الدول " الاشتراكية".