تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصادقة على مشروع القانون الانتخابي للمجلس التأسيسي معجزة
عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في حديث ل "الصباح"

أجرى الحوار أيمن الزمالي أكد عياض بن عاشور في حوار خص به "الصباح" أن أعمال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ستنتهي مع أول اجتماع يعقده المجلس التأسيسي اثر انتخابه، واعتبر بن عاشور أن عمل الهيئة في بداية اشتغالها كان "كقنبلة على وشك الانفجار" وقال "كان من واجبي أن أعدل وأنظم هذا الظرف وأن أعيد الأمور إلى مجراها حتى نتمكن من تنظيم نقاش ديمقراطي حول القانون، وقد حصلت المعجزة بالمصادقة على هذا القانون".
وكلف عياض بن عاشور برئاسة لجنة الإصلاح السياسي، ولما بعثت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة عين رئيسا لها، ويعتبر بن عاشور أكثر الشخصيات التي حصل حولها توافق لدى أغلبية التونسيين. ومن الناحية السياسية أكد بن عاشور، أن الحكومة بإمكانها أن "تحور أو تنقح شيئا من هذا المشروع" ولكنه اعتبر "أنه من الأحسن سياسيا أن يتم أي تحوير أو تنقيح بالتشاور مع أعضاء الهيئة وللحكومة تقدير ماهو الأحسن من هذه الناحية".وفي ما يخص الفصل 15 من مشروع القانون الانتخابي المتعلق بعدم السماح للمسؤولين في التجمع للترشح لانتخابات المجلس التأسيسي قال " لا يمكن قبول أن يخرج التجمع من باب القضاء ويدخل من نافذة الانتخابات وإلا خنا إرادة الشعب".وعن نظام الاقتراع وهو "النسبية بتوزيع أكبر البقايا" اعتبره رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة "لا يتماشى مع طموحات الأحزاب الكبرى وحتى إن كانت لهم الأغلبية في الناخبين فلن يكونوا أغلبية في المجلس التأسيسي وهو ما من شأنه أن يضمن التعددية الحقيقية".وفي سياق آخر اعتبر بن عاشور أن النساء برزن في هذه الثورة وخاصة في الجهات التي اندلعت منها الشرارات الأولى. وقال "لا أفهم أن يقال اليوم في النساء اللاتي رفعن الثورة على كاهلهن أنهن غير قادرات على الترشح للمجلس التأسيسي". واعتبر مبدأ التناصف بين الرجال والنساء في القائمات أنه لا يخالف التركيبة الثقافية والاجتماعية لتونس بل هو يتماشى مع هذه المنظومة وقال "هذا القانون انجاز وموعد مع التاريخ".وشدد بن عاشور على أنه من أقدس الواجبات احترام الجميع لنتيجة الاقتراع مهما كان الفائز، واحترام إرادة الفائزين "حتى إن لم ترض نزعتنا الشخصية".وعن قانون الصحافة، أكد أنه لا بد أن يضمن أكثر حرية ممكنة للصحافة، معتبرا أنه دون صحافة حرة ليس هناك ديمقراطية، وفي ما يخص القضاء قال أنه " مازال لم يعالج بصفة جذرية".
وفيما يلي نص الحوار:
*أنهت الهيئة عملها في التصويت على "مشروع القانون المتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي" أخيرا، هل أنتم راضون على هذا العمل؟
كيف لا وقد حالت دون انجاز هذا المشروع معرقلات كثيرة جدا بعضها من داخل الهيئة والآخر من خارجها وكانت الظروف المحيطة بنا قاسية جدا. فقد كانت الهيئة في البداية كقنبلة على وشك الانفجار وكان من واجبي أن أعدل وأنظم هذا الظرف وأن أعيد الأمور إلى مجراها حتى نتمكن من تنظيم نقاش ديمقراطي حول القانون، وحصلت المعجزة بالمصادقة على هذا القانون.
ففي جلستي 15 مارس و22 مارس للهيئة، لم يكن يتبادر إلى ذهن أحد أن نصادق على قانونين اثنين في حدود هذا الأجل القصير وقد وعدت نفسي بأن أكرس جميع طاقاتي كي أصل إلى هذا في أقرب وقت ممكن. وقد وصلنا إلى هذا الهدف يوم الاثنين11 أفريل وهو يوم مشرق في تاريخ بلادنا الحديث وهو يوم مبارك لا كما ادعى البعض أنه يوم أسود.
*يوم مبارك، كيف ذلك؟
يوم مبارك للأسباب التي سأذكرها لك وهي الآتي: أولا للمناخ الذي كان يسود مداولات المجلس، فقد كان مناخا رغم حدة النقاشات ورغم تشنج الأعصاب، خلق جوا ديمقراطيا منفتحا ورأي ورأي معاكس وحرية. وفي هذا الإطار أذكر أنه في الأسبوع الفارط زار الوزير الأول المجلس وفي نفس الجو ولأول مرة في تاريخ البلاد يأتي رئيس حكومة أمام مجلس غير منصهر معه مسبقا بل مجلس فيه أحزاب وشخصيات وأعضاء معارضين وناقشهم في جو اتسم بالهدوء وحسن الأخلاق ودار النقاش بصراحة وحرية وأريحية وغابت عنة اللغة الخشبية وهي خطوة وقعت لأول مرة في تاريخ البلاد منذ 1956. لذلك أقول أن يوم المصادقة على القانون المنظم لانتخابات المجلس التأسيسي، استثنائي وهو يوم مبارك ومشرق.
*هل يمكن للحكومة، والرئيس المؤقت رفض هذا المشروع، خاصة أن للهيئة صبغة استشارية؟ لم يدع أحد من أعضاء الهيئة أن هذا المجلس حل محل المجالس النيابية واستحوذ على الاختصاص التقريري وأنه سيفرض إرادته على الحكومة وأنه يشرع ويدستر للبلاد، كل هذه الأقاويل أباطيل وأخطاء المقصود منها ترويع وتخويف الرأي العام في شكل آراء مجردة وموضوعية. إذا ليس للمجلس أن يفرض شيئا على الحكومة بما يعنيه أن هذا المجلس ليس له صبغة تقريرية وأنه لا يحل محل ممثلي الشعب وليس بمؤامرة على سيادة الشعب.
ومن الناحية السياسية، إن أرادت الحكومة أن تحور أو تنقح شيئا من هذا المشروع فالأحسن سياسيا أن يكون بالتشاور مع أعضاء الهيئة، ولها التقدير ماهو الأحسن من هذه الناحية.
مشروع قانون الانتخابات
*عودة لهذا القانون، أليس الفصل15 تشف من التجمعيين؟
أود أن أذكر في البداية أن هذا الفصل ناتج عن إرادة الأغلبية الساحقة لأعضاء الهيئة، وأود أن أقدم لك بعض الملاحظات كي أطمئن الرأي العام وأعيد الهدوء لنفوسهم. فمسؤولية التجمع في الإضرار والإساءة للبلاد لا يمكن لأحد أن ينكرها، ومن ذلك احتكار الساحة السياسية، ووحدانية النظام السابق، والرشوة والفساد التي نخرت أعماق البلاد. هذا هو المبدأ الذي انطلقنا منه، وأذكر هنا بالتحديد تجارب أخرى مثل الثورة الفرنسية، البلشفية وثورات أوروبا الوسطى أين تم الانتقام من هؤلاء وطلب الثأر منهم وبلغ درجات لا تعقل وحسم الأمر بالدماء في هذه البلدان، أما نحن في تونس فلم تحصل ملاحقات ولا دماء ولا تشف. وعلى مناضلي التجمع أن يشكروا القدرة على كيفية حسم درجة مسؤوليتهم وأن يشكروا الشعب على عدم توخيه الوسائل الأكثر صرامة تجاههم.
ولا بد أن نمعن النظر في فحوى الفصل 15. فيذكر الفصل من تولى مسؤولية في هياكل الحزب بما يعنيه أن هذا ينطبق على مسؤولي الديوان السياسي، مسؤولي اللجان المركزية والكتاب العامين للجان التنسيق ورؤساء الجماعات المهنية، والقانون مفتوح لا يمنع رأي الملايين فهذا ليس له أساس، فمناضلي الحزب الحاكم سابقا في أكثر من 95% منهم ليسوا معنيين بهذا الأمر فسيكونون ناخبين ومترشحين والمسؤولون فيه سيكونون ناخبين فقط.
*هل هذا الفصل يستمد شرعيته من إرادة الشعب وقراره؟
إرادة الشعب يا سيدي ظهرت في الثورة نفسها و "RCD dégage " هذا ما سمعناه في الثورة، وتمثلت إرادة الشعب في شعار رفعه الجميع، إذا هذا ما يريده الشعب بل لم ينته الأمر عند هذا الحد فالشعب واصل في هذا السياق فرفض المعتمدين والولاة ورؤساء المنشآت العمومية والشركات، لقد كره الشعب كل ما له صلة برائحة التجمع. وفي المقابل لم يطلب الشعب منا ملاحقة التجمعيين وليطمئن القاعديون منهم.
ومن ناحية أخرى فان الفصل 15 هو في الحقيقة دون إرادة الشعب، فنحن أخرجنا التجمع من الساحة السياسية بقرار قضائي يأمر بحل هذا الحزب، فلا يمكن قبول أن يخرج الحزب من باب القضاء ويدخل من نافذة الانتخابات وإلا خنا إرادة الشعب.
*يقال أن الهيئة انساقت وراء مصالح الأحزاب، فمثلا أقرت مبدأ القائمات في عملية الاقتراع، وهو مطلب الأحزاب بالأساس؟
أبدا، فالهيئة مختلفة التركيبة والأحزاب فيها أقلية لا يمثلون الأغلبية، فبجانب الأحزاب هناك الجهات والشخصيات والمنظمات. ونظام الاقتراع وهو "النسبية بتوزيع أكبر البقايا" لا يتماشى مع طموحات الأحزاب الكبرى وحتى إن كانت لهم الأغلبية في أصوات الناخبين فلن يكونوا أغلبية في المجلس التأسيسي وهو ما من شأنه أن يضمن التعددية الحقيقية.
*مبدأ المناصفة بين النساء والرجال في القائمات، أليس تعسفا على التركيبة الاجتماعية والثقافية للبلاد، وخاصة الجهات؟
الجهات لا يمكن لها أن تقدم نساء في القائمات، هذه من الأقاويل التي لا تدعمها البيانات، ألم تخرج النساء في الثورة؟، ألم تنادي بإسقاط بن علي؟ وعائلات الشهداء من يدافع عنها اليوم؟ هن النساء.
النساء برزن في هذه الثورة وبالخصوص في الجهات التي اندلعت منها الشرارات الأولى. فلا أفهم أن يقال اليوم في النساء اللاتي رفعن الثورة على كاهلهن أنهن غير قادرات على الترشح للمجلس التأسيسي.
تونس بهذا القانون كسبت صيتا عالميا بإلزام مبدأ التناصف فاعترف به الجميع وهو يتماشى مع الحركة الإصلاحية التحررية المتجذرة في تاريخ بلادنا من الأول، وأقول عن مبدأ التناصف أنه لا يخالف التركيبة الثقافية والاجتماعية لتونس بل هو يتماشى مع هذه المنظومة وهذا القانون انجاز وموعد مع التاريخ.
*في قراءة أخرى، أليس مبدأ "المناصفة" في القائمات إقصاء ضمنيا للعنصر النسائي، خاصة رئاسة القائمات التي تخول حظوظا أكبر للفوز؟
هذا مبني على افتراض أن رؤساء القائمات يكونون دائما رجالا، هذا افتراض ليس دقيقا، وليس هناك إلزام ولكن هناك من الأحزاب من ستعتمد على نساء على رأس القائمات، ولو فرضنا أن رئيس القائمة رجل فهناك أحزاب ستحصل على مقعدين، وهنالك كثير من القائمات التي سيفوز منها الأول والثاني وذلك يعني أن المرأة "ستكون ممثلة".
**شرعية الهيئة**
*لجنة الخبراء بدأت عملها حتى قبل بعث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة. فهل كان هناك تخطيط مسبق لبعث هذه الهيئة دون استشارة أحد؟
لم تكن هناك نية مبيتة ومعلومة ولكن فعلا الأمر كان محددا في البداية، فقد انطلقنا في جانفي في هيئة الخبراء عندما دعيت لرئاسة لجنة الإصلاح السياسي، وقد شرعنا آنذاك في اعداد بعض المشاريع القانونية المتعلقة بقانون الجمعيات والأحزاب وقانون الصحافة، وعندما تغير التوجه وصار نحو تنظيم مجلس تأسيسي، وأصبح القانون الانتخابي هو المسألة الأساسية انكبت هيئة الخبراء منذ ذلك التاريخ على إعداد مشروع قانون انتخابي. وعندما التأم مجلس الهيئة العليا لأول مرة قدمنا له هذا المشروع، وهكذا ربحنا الكثير من الوقت.
*كيف يمكن لهيئة استشارية تعمل مع حكومة انتقالية اقتراح قوانين تؤسس لمستقبل البلاد؟ من أين تستمد هذه الهيئة شرعيتها؟
الهيئة العليا عندها مرسوم ينظمها "المرسوم عدد 6 " ويحدد وظائفها ويعين لها طرق عملها واتخاذ ذلك فبالأغلبية.
*لماذا أقصيت عدد من الأحزاب، ولم يتم حتى استشارتها؟
بالنسبة للأحزاب وتمثيليتها فذلك يرتكز على معيارين: الأول هو مقاومة النظام الدكتاتوري السابق والثاني هو المشاركة والمساندة للثورة، والأحزاب التي شاركت ودعمت كلها موجودة وممثلة في صلب الهيئة.
*كيف يمكن مساءلة الحكومة الحالية؟
مساءلة الحكومة، هذه إمكانية تطرق لها "المرسوم 6 " القاضي ببعث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ولكن للهيئة مهمة النقاش حول نشاط الحكومة بالتنسيق مع الوزير الأول، وفي هذا النطاق تنظم الهيئة جلسات تخصصها للنقاش حول النشاط العام لسياسة الحكومة، وقد خصصنا جلسة من هذا القبيل بحضور الوزير الأول، وقد أثير النقاش فيها ووقعت مساءلة الحكومة حول بعض القضايا والمسائل ومنها تسمية حبيب الصيد وزيرا للداخلية.
**عن الميثاق الجمهوري**
*ماهي الأهداف الحقيقية من صياغة "ميثاق جمهوري"؟
الميثاق الجمهوري الذي شرع المجلس في نقاشه يوم الثلاثاء الفارط يهدف إلى وضع ميثاق تلتزم به الأحزاب لا المجلس التأسيسي بغية احترام التعامل الديمقراطي فيما بينها وخصوصا عند الحملة الانتخابية والاقتراع، كي تكون هذه المراحل الانتخابية مبنية على نبذ العنف ونبذ الإخلال بالمبادئ الديمقراطية التعددية ولضمان الشفافية ونزاهة العملية الانتخابية. واحترام حقوق الإنسان هو هدف العقد الجمهوري لاحترام دولة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان في تعامل الأحزاب فيما بينها.
*هل هذا المشروع هو ترجمة للمخاوف من ما يمكن أن تفرزه صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة؟
ليس هناك تخوف من صناديق الاقتراع، فهي التي ستعبر عن إرادة الشعب فليس لأحد أي حق في أن ينسب هذه الإرادة أو يتلاعب بها، وهذا يعني أنه من أقدس واجباتنا أن نحترم كلنا نتيجة الاقتراع مهما كان الفائز، وأن نحترم إرادة الفائزين حتى أن لم ترض نزعتنا الشخصية، ولذا فان الديمقراطية هي احترام إرادة الشعب عن طريق التعبير الانتخابي وثانيا أن لا يحتكر الفائز بمجرد فوزه الانتخابي كل الساحة السياسية، بل عليه حين إذن أن يشرك المعارضة التي لم تفز في الانتخابات.
*هل أن إعداد مثل تلك الوثائق من مهام الهيئة؟
لما لا، ما الذي يمنع ذلك فللهيئة مهمة الإصلاح السياسي وتدعيم الديمقراطية وإعداد مشاريع القوانين والنشاط والعقد الجمهوري هو أول إصلاح سياسي وهو وظيفتنا.
الصحافة والقضاء
*ما حقيقة "مشروع" أو "مسودة" قانون الصحافة الذي اطلع عليه الرأّي العام؟
الوثيقة ليست إلا ورقة عمل لم تصادق عليها هيئة الخبراء ولم تصادق عليها الهيئة العليا، بل لم تعرض على الهيئة العليا البتة، فالتجاوز هنا أنه نسب إلى الهيئة ورقة لا تمثل تعبيرا عن إرادة مكوناتها إنما هي مسودة لا تعبر عن إرادة هيئة الخبراء ولا إرادة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة.
*كيف ترون أحسن سيناريو يمكن أن يكون إخراجا لقانون الصحافة؟
قانون الصحافة لا بد أن يضمن أكثر حرية ممكنة للصحافة، فبدون صحافة حرة ليس هناك ديمقراطية، ويجب أن تتوفر فيه ضمانات لحرية التعبير وضمانات للصحفيين وللناشرين والكتاب، ولكن لا بد أن نفكر في طرق ضبط ممارسة هذه الحرية كي لا تؤول الحرية إلى تسيب.
*ما رأيكم في الاقتراحات التي تطالب باعتماد الطريقة الأمريكية مثلا، إذ كما تعلمون ليس هناك قانون صحافة في الولايات المتحدة، وإنما تضمن ديباجة دستورها هذه الحرية فحسب؟
تونس أخذت بنمط آخر مبني على الحرية ولكنها لم تحترم سابقا، ومبني أيضا على الرقابة القانونية لحرية الصحافة.
*هل أنتم مع مبدأ محاسبة من أجرم في حق الناس وسيادة الوطن وخرب الاقتصاد؟ وكيف تتم هذه المحاسبة حسب رأيكم؟
أنا ضد الملاحقة الاعتباطية وضد التشفي وأخذ الثأر ولكن المحاسبة لا بد منها، مثلا الجلادون الذين أجرموا في حق الغير وانتهكوا الحرمة الجسدية لأعضاء المعارضة وضربوهم وسلطوا عليهم أساليب تنكيل لا بد أن تقع محاسبتهم لأنهم قاموا بأعمال إجرامية تعاقب عليها المجلة الجزائية التونسية فلا بد أن نجد لهذه القضية وسائل قضائية لمتابعتهم ومحاكمتهم. وهناك أيضا طرق أخرى منها لجان العدالة والمصالحة وهي لجان تأتي بالمسؤول ليعترف بجرائمه بصفة علنية.
*كيف تقيمون واقع القضاء اليوم؟ وهل يمكن أن يحصل انتقال ديمقراطي دون ضمان لاستقلال القضاء؟
القضاء مازال لم يعالج بصفة جذرية، فقضاء اليوم يصدر أحكامه تحت الضغط وتحت تحركات بعض الفئات والتجمهر أمام قاعات المحاكم، وهذا القضاء لا يمكن أن نعتبره مستقلا، أما قضاء الأمس فلا بد أن نجد له حلولا نهائية وجذرية.

*متى تنتهي مهام الهيئة العليا فعليا؟
مبدئيا تنتهي مهامها يوم يجتمع المجلس التأسيسي في جلسته الأولى.
٪
الهيئة سيقع حلها ككل الهيئات، ولكن سنرى، فلا يمكن حسم هذا الأمر اليوم.

في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة
احميدة النيفر يستقيل.. ويدعو «ممثلي البعد الوطني المستقل» إلى مراجعة موقفهم من الهيئة


أعلن الكاتب والجامعي احميدة النيفر عن استقالته من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وذلك في بيان اتصلت «الصباح» بنسخة منه.
كما دعا النيفر زملاءه «ممثلي البعد الوطني المستقل» الى مراجعة موقفهم من الهيئة حتى لا يكونوا شهود «زور».
وفيما يلي النص الكامل لبيان الاستقالة:

«بعد أن وقع تعييني في التوسعة الثانية للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي تابعت بصورة مباشرة وبعناية أعمال الهيئة ونقاشها، وما انتهت اليه من وضع مشروع مرسوم مقترح لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي، يؤسفني أن أعلن استقالتي من الهيئة وذلك للاعتبارات التالية:
هيمنة جو حزبي استقطابي موجه، يغلب عليه التفكير والعمل وفق اعتبارات ضيقة واحتكام الى المزايدات لا تتيح لحضور الأشخاص المستقلين أي معنى، بما يحوّل عضويتهم في المجلس الى مجرد حجة باهتة على توازن وهمي عاجز، في تقديري، عن تحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي.
التأكد بعد المناقشات الحادة التي أفضت الى مصادقة أغلبية الهيئة العليا على مشروع المرسوم الخاص بتنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أن اقرار عدد من الفصول الأساسية جاء نتيجة حسابات سياسوية مازالت تخضع لاعتبارات ما قبل الثورة والى ذهنية الوصاية وأنها لا تستطيع بذلك أن تضمن تحقق جانب أساسي من أهداف الثورة.
بروز واضح لنزاعات أقلوية سلطوية تخشى أشد الخشية من مقتضيات التوجه الديمقراطي وتكابد بحكم ضعف تمثيليتها الشعبية من أجل نظام اقتراع على القائمات سيؤدي غالبا الى مجلس تأسيسي بعيد عن الروح الوفاقية والمتطلبات المجتمعية والدوافع الصميمية التي صنعت الثورة.
تجنب الخوض في القضايا المؤسسة لحياة سياسية سوية من قبيل معالجة معضلة المؤسسات القضائية والأمنية والاعلامية والدينية وذلك بالانخراط في مزايدات لا تدل في الغالب إلا على سعي لتصفية حسابات قديمة مع ثقافة المجتمع وهويته ورفض لقدرتهما على التطور والابداع.
لهذا كله قررت أن أستقيل من عضوية الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وأدعو كل الزملاء الممثلين للبعد الوطني المستقل أن يراجعوا موقفهم من الهيئة ودورهم فيها حتى لا يكون لهم حضور يبوئهم موقع شهداء الزور.
كذلك أدعو الحكومة المؤقتة الى استشارة شعبية وتشاور مع لجنة حكماء مستقلين لإقرار خيار أنسب لمستقبل البلاد يقيها الوقوع من جديد في براثن دكتاتورية أطراف ترفض التعدد وتمقت الاختلاف وتستخف، فيما تقدم عليه، بمقتضيات الانتقال الديمقراطي السليم».
احميدة النيفر
تونس في 14/4/2011
وقفة احتجاجية لاعوان العدلية في عدد من المحاكم

تونس (وات) دخل سلك الاعوان العدلية بعديد المحاكم في اضراب احتجاجي أمس الخميس للتعبير عن استنكارهم للتجاهل المتعمد لوزير العدل في الحكومة المؤقتة في حديث بثته مساء الاربعاء القناة الوطنية الاولى لمطالب الاعوان المشروعة التي تم تقديمها له سابقا.
ودعت النقابة العامة لاعوان العدلية في بيان لها أمس الى عقد هيئة ادارية قطاعية يوم 23 افريل الجاري لتحديد الشكل النضالي المناسب والفعال من اجل الدفاع عن الحقوق المشروعة لهذا السلك محملة "سلطة الاشراف وحدها تعكير المناخ الاجتماعي داخل قطاع العدلية".
وقد تمت المطالبة خلال هذه الاضرابات الاحتجاجية بالخصوص بتسوية الاوضاع المهنية والاجتماعية لاعوان العدلية.وباتصالنا بوزارة العدل أفادنا مصدر مسؤول بأن وزير العدل وحقوق الإنسان لم يتجاهل سلك أعوان العدلية بل جاء بالحديث الذي أدلى به إلى التلفزة التونسية، "إن كتبة المحاكم جزء مكمل للقضاء ومطالبهم في قلوبنا وعقولنا"، وأكد أن الوزارة ستعمل على الاستجابة لما أمكن الاستجابة إليه في أقرب وقت والنظر فيما سيستجاب إليه آجلا. وأضاف نفس المصدر أن الوزير توجه بالشكر للأعوان على ما بذلوه من عمل جاء خصوصا في تنفيذ مستلزمات العفو العام، إذ بقوا يعملون حتى منتصف الليل داخل المحاكم للإيفاء بحاجيات المواطنين بخصوص تسلم شهادات العفو.
وأضاف المصدر أنه تم عقد اجتماع بالمحتجين وتم التحاور معهم وتبليغهم بما سبق بيانه ووعدهم بالنظر في مطالبهم في القريب العاجل.
توزيع مساعدات على عائلات 9 شهداء و1350 مصابا في صفوف قوات الامن الداخلي خلال أحداث الثورة

تونس (وات) بلغ عدد المنتفعين بالمساعدات الاجتماعية التي تم اسنادها الى عائلات الشهداء من اطارات وأعوان قوات الامن الداخلي أمن وحرس وحماية مدنية 9 عائلات.
وجاء في بلاغ صادر أمس الخميس عن وزارة الداخلية أن عدد المنتفعين بالمساعدات الاجتماعة من المصابين خلال الاحداث التي رافقت الثورة التونسية بلغ 1350 منتفعا من بينهم 225 عونا اصاباتهم كانت بليغة.
كما أفاد البلاغ أن عدد أعوان قوات الامن الداخلي المصابين بطلقات نارية خلال الاحداث الاخيرة بلغ 31 عونا منهم 13 عون أمن و7 أعوان من الحرس الوطني و11 من أعوان الحماية المدنية.
عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في حديث ل :"الصباح
المصادقة على مشروع القانون الانتخابي للمجلس التأسيسي معجزة
عمل الهيئة سينتهي مع أول اجتماع يعقده المجلس التأسيسي

أجرى الحوار أيمن الزمالي أكد عياض بن عاشور في حوار خص به "الصباح" أن أعمال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ستنتهي مع أول اجتماع يعقده المجلس التأسيسي اثر انتخابه، واعتبر بن عاشور أن عمل الهيئة في بداية اشتغالها كان "كقنبلة على وشك الانفجار" وقال "كان من واجبي أن أعدل وأنظم هذا الظرف وأن أعيد الأمور إلى مجراها حتى نتمكن من تنظيم نقاش ديمقراطي حول القانون، وقد حصلت المعجزة بالمصادقة على هذا القانون".
وكلف عياض بن عاشور برئاسة لجنة الإصلاح السياسي، ولما بعثت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة عين رئيسا لها، ويعتبر بن عاشور أكثر الشخصيات التي حصل حولها توافق لدى أغلبية التونسيين. ومن الناحية السياسية أكد بن عاشور، أن الحكومة بإمكانها أن "تحور أو تنقح شيئا من هذا المشروع" ولكنه اعتبر "أنه من الأحسن سياسيا أن يتم أي تحوير أو تنقيح بالتشاور مع أعضاء الهيئة وللحكومة تقدير ماهو الأحسن من هذه الناحية".وفي ما يخص الفصل 15 من مشروع القانون الانتخابي المتعلق بعدم السماح للمسؤولين في التجمع للترشح لانتخابات المجلس التأسيسي قال " لا يمكن قبول أن يخرج التجمع من باب القضاء ويدخل من نافذة الانتخابات وإلا خنا إرادة الشعب".وعن نظام الاقتراع وهو "النسبية بتوزيع أكبر البقايا" اعتبره رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة "لا يتماشى مع طموحات الأحزاب الكبرى وحتى إن كانت لهم الأغلبية في الناخبين فلن يكونوا أغلبية في المجلس التأسيسي وهو ما من شأنه أن يضمن التعددية الحقيقية".وفي سياق آخر اعتبر بن عاشور أن النساء برزن في هذه الثورة وخاصة في الجهات التي اندلعت منها الشرارات الأولى. وقال "لا أفهم أن يقال اليوم في النساء اللاتي رفعن الثورة على كاهلهن أنهن غير قادرات على الترشح للمجلس التأسيسي". واعتبر مبدأ التناصف بين الرجال والنساء في القائمات أنه لا يخالف التركيبة الثقافية والاجتماعية لتونس بل هو يتماشى مع هذه المنظومة وقال "هذا القانون انجاز وموعد مع التاريخ".وشدد بن عاشور على أنه من أقدس الواجبات احترام الجميع لنتيجة الاقتراع مهما كان الفائز، واحترام إرادة الفائزين "حتى إن لم ترض نزعتنا الشخصية".وعن قانون الصحافة، أكد أنه لا بد أن يضمن أكثر حرية ممكنة للصحافة، معتبرا أنه دون صحافة حرة ليس هناك ديمقراطية، وفي ما يخص القضاء قال أنه " مازال لم يعالج بصفة جذرية".
وفيما يلي نص الحوار:
*أنهت الهيئة عملها في التصويت على "مشروع القانون المتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي" أخيرا، هل أنتم راضون على هذا العمل؟
كيف لا وقد حالت دون انجاز هذا المشروع معرقلات كثيرة جدا بعضها من داخل الهيئة والآخر من خارجها وكانت الظروف المحيطة بنا قاسية جدا. فقد كانت الهيئة في البداية كقنبلة على وشك الانفجار وكان من واجبي أن أعدل وأنظم هذا الظرف وأن أعيد الأمور إلى مجراها حتى نتمكن من تنظيم نقاش ديمقراطي حول القانون، وحصلت المعجزة بالمصادقة على هذا القانون.
ففي جلستي 15 مارس و22 مارس للهيئة، لم يكن يتبادر إلى ذهن أحد أن نصادق على قانونين اثنين في حدود هذا الأجل القصير وقد وعدت نفسي بأن أكرس جميع طاقاتي كي أصل إلى هذا في أقرب وقت ممكن. وقد وصلنا إلى هذا الهدف يوم الاثنين11 أفريل وهو يوم مشرق في تاريخ بلادنا الحديث وهو يوم مبارك لا كما ادعى البعض أنه يوم أسود.
*يوم مبارك، كيف ذلك؟
يوم مبارك للأسباب التي سأذكرها لك وهي الآتي: أولا للمناخ الذي كان يسود مداولات المجلس، فقد كان مناخا رغم حدة النقاشات ورغم تشنج الأعصاب، خلق جوا ديمقراطيا منفتحا ورأي ورأي معاكس وحرية. وفي هذا الإطار أذكر أنه في الأسبوع الفارط زار الوزير الأول المجلس وفي نفس الجو ولأول مرة في تاريخ البلاد يأتي رئيس حكومة أمام مجلس غير منصهر معه مسبقا بل مجلس فيه أحزاب وشخصيات وأعضاء معارضين وناقشهم في جو اتسم بالهدوء وحسن الأخلاق ودار النقاش بصراحة وحرية وأريحية وغابت عنة اللغة الخشبية وهي خطوة وقعت لأول مرة في تاريخ البلاد منذ 1956. لذلك أقول أن يوم المصادقة على القانون المنظم لانتخابات المجلس التأسيسي، استثنائي وهو يوم مبارك ومشرق.
*هل يمكن للحكومة، والرئيس المؤقت رفض هذا المشروع، خاصة أن للهيئة صبغة استشارية؟ لم يدع أحد من أعضاء الهيئة أن هذا المجلس حل محل المجالس النيابية واستحوذ على الاختصاص التقريري وأنه سيفرض إرادته على الحكومة وأنه يشرع ويدستر للبلاد، كل هذه الأقاويل أباطيل وأخطاء المقصود منها ترويع وتخويف الرأي العام في شكل آراء مجردة وموضوعية. إذا ليس للمجلس أن يفرض شيئا على الحكومة بما يعنيه أن هذا المجلس ليس له صبغة تقريرية وأنه لا يحل محل ممثلي الشعب وليس بمؤامرة على سيادة الشعب.
ومن الناحية السياسية، إن أرادت الحكومة أن تحور أو تنقح شيئا من هذا المشروع فالأحسن سياسيا أن يكون بالتشاور مع أعضاء الهيئة، ولها التقدير ماهو الأحسن من هذه الناحية.
مشروع قانون الانتخابات
*عودة لهذا القانون، أليس الفصل15 تشف من التجمعيين؟
أود أن أذكر في البداية أن هذا الفصل ناتج عن إرادة الأغلبية الساحقة لأعضاء الهيئة، وأود أن أقدم لك بعض الملاحظات كي أطمئن الرأي العام وأعيد الهدوء لنفوسهم. فمسؤولية التجمع في الإضرار والإساءة للبلاد لا يمكن لأحد أن ينكرها، ومن ذلك احتكار الساحة السياسية، ووحدانية النظام السابق، والرشوة والفساد التي نخرت أعماق البلاد. هذا هو المبدأ الذي انطلقنا منه، وأذكر هنا بالتحديد تجارب أخرى مثل الثورة الفرنسية، البلشفية وثورات أوروبا الوسطى أين تم الانتقام من هؤلاء وطلب الثأر منهم وبلغ درجات لا تعقل وحسم الأمر بالدماء في هذه البلدان، أما نحن في تونس فلم تحصل ملاحقات ولا دماء ولا تشف. وعلى مناضلي التجمع أن يشكروا القدرة على كيفية حسم درجة مسؤوليتهم وأن يشكروا الشعب على عدم توخيه الوسائل الأكثر صرامة تجاههم.
ولا بد أن نمعن النظر في فحوى الفصل 15. فيذكر الفصل من تولى مسؤولية في هياكل الحزب بما يعنيه أن هذا ينطبق على مسؤولي الديوان السياسي، مسؤولي اللجان المركزية والكتاب العامين للجان التنسيق ورؤساء الجماعات المهنية، والقانون مفتوح لا يمنع رأي الملايين فهذا ليس له أساس، فمناضلي الحزب الحاكم سابقا في أكثر من 95% منهم ليسوا معنيين بهذا الأمر فسيكونون ناخبين ومترشحين والمسؤولون فيه سيكونون ناخبين فقط.
*هل هذا الفصل يستمد شرعيته من إرادة الشعب وقراره؟
إرادة الشعب يا سيدي ظهرت في الثورة نفسها و "RCD dégage " هذا ما سمعناه في الثورة، وتمثلت إرادة الشعب في شعار رفعه الجميع، إذا هذا ما يريده الشعب بل لم ينته الأمر عند هذا الحد فالشعب واصل في هذا السياق فرفض المعتمدين والولاة ورؤساء المنشآت العمومية والشركات، لقد كره الشعب كل ما له صلة برائحة التجمع. وفي المقابل لم يطلب الشعب منا ملاحقة التجمعيين وليطمئن القاعديون منهم.
ومن ناحية أخرى فان الفصل 15 هو في الحقيقة دون إرادة الشعب، فنحن أخرجنا التجمع من الساحة السياسية بقرار قضائي يأمر بحل هذا الحزب، فلا يمكن قبول أن يخرج الحزب من باب القضاء ويدخل من نافذة الانتخابات وإلا خنا إرادة الشعب.
*يقال أن الهيئة انساقت وراء مصالح الأحزاب، فمثلا أقرت مبدأ القائمات في عملية الاقتراع، وهو مطلب الأحزاب بالأساس؟
أبدا، فالهيئة مختلفة التركيبة والأحزاب فيها أقلية لا يمثلون الأغلبية، فبجانب الأحزاب هناك الجهات والشخصيات والمنظمات. ونظام الاقتراع وهو "النسبية بتوزيع أكبر البقايا" لا يتماشى مع طموحات الأحزاب الكبرى وحتى إن كانت لهم الأغلبية في أصوات الناخبين فلن يكونوا أغلبية في المجلس التأسيسي وهو ما من شأنه أن يضمن التعددية الحقيقية.
*مبدأ المناصفة بين النساء والرجال في القائمات، أليس تعسفا على التركيبة الاجتماعية والثقافية للبلاد، وخاصة الجهات؟
الجهات لا يمكن لها أن تقدم نساء في القائمات، هذه من الأقاويل التي لا تدعمها البيانات، ألم تخرج النساء في الثورة؟، ألم تنادي بإسقاط بن علي؟ وعائلات الشهداء من يدافع عنها اليوم؟ هن النساء.
النساء برزن في هذه الثورة وبالخصوص في الجهات التي اندلعت منها الشرارات الأولى. فلا أفهم أن يقال اليوم في النساء اللاتي رفعن الثورة على كاهلهن أنهن غير قادرات على الترشح للمجلس التأسيسي.
تونس بهذا القانون كسبت صيتا عالميا بإلزام مبدأ التناصف فاعترف به الجميع وهو يتماشى مع الحركة الإصلاحية التحررية المتجذرة في تاريخ بلادنا من الأول، وأقول عن مبدأ التناصف أنه لا يخالف التركيبة الثقافية والاجتماعية لتونس بل هو يتماشى مع هذه المنظومة وهذا القانون انجاز وموعد مع التاريخ.
*في قراءة أخرى، أليس مبدأ "المناصفة" في القائمات إقصاء ضمنيا للعنصر النسائي، خاصة رئاسة القائمات التي تخول حظوظا أكبر للفوز؟
هذا مبني على افتراض أن رؤساء القائمات يكونون دائما رجالا، هذا افتراض ليس دقيقا، وليس هناك إلزام ولكن هناك من الأحزاب من ستعتمد على نساء على رأس القائمات، ولو فرضنا أن رئيس القائمة رجل فهناك أحزاب ستحصل على مقعدين، وهنالك كثير من القائمات التي سيفوز منها الأول والثاني وذلك يعني أن المرأة "ستكون ممثلة".
**شرعية الهيئة**
*لجنة الخبراء بدأت عملها حتى قبل بعث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة. فهل كان هناك تخطيط مسبق لبعث هذه الهيئة دون استشارة أحد؟
لم تكن هناك نية مبيتة ومعلومة ولكن فعلا الأمر كان محددا في البداية، فقد انطلقنا في جانفي في هيئة الخبراء عندما دعيت لرئاسة لجنة الإصلاح السياسي، وقد شرعنا آنذاك في اعداد بعض المشاريع القانونية المتعلقة بقانون الجمعيات والأحزاب وقانون الصحافة، وعندما تغير التوجه وصار نحو تنظيم مجلس تأسيسي، وأصبح القانون الانتخابي هو المسألة الأساسية انكبت هيئة الخبراء منذ ذلك التاريخ على إعداد مشروع قانون انتخابي. وعندما التأم مجلس الهيئة العليا لأول مرة قدمنا له هذا المشروع، وهكذا ربحنا الكثير من الوقت.
*كيف يمكن لهيئة استشارية تعمل مع حكومة انتقالية اقتراح قوانين تؤسس لمستقبل البلاد؟ من أين تستمد هذه الهيئة شرعيتها؟
الهيئة العليا عندها مرسوم ينظمها "المرسوم عدد 6 " ويحدد وظائفها ويعين لها طرق عملها واتخاذ ذلك فبالأغلبية.
*لماذا أقصيت عدد من الأحزاب، ولم يتم حتى استشارتها؟
بالنسبة للأحزاب وتمثيليتها فذلك يرتكز على معيارين: الأول هو مقاومة النظام الدكتاتوري السابق والثاني هو المشاركة والمساندة للثورة، والأحزاب التي شاركت ودعمت كلها موجودة وممثلة في صلب الهيئة.
*كيف يمكن مساءلة الحكومة الحالية؟
مساءلة الحكومة، هذه إمكانية تطرق لها "المرسوم 6 " القاضي ببعث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ولكن للهيئة مهمة النقاش حول نشاط الحكومة بالتنسيق مع الوزير الأول، وفي هذا النطاق تنظم الهيئة جلسات تخصصها للنقاش حول النشاط العام لسياسة الحكومة، وقد خصصنا جلسة من هذا القبيل بحضور الوزير الأول، وقد أثير النقاش فيها ووقعت مساءلة الحكومة حول بعض القضايا والمسائل ومنها تسمية حبيب الصيد وزيرا للداخلية.
**عن الميثاق الجمهوري**
*ماهي الأهداف الحقيقية من صياغة "ميثاق جمهوري"؟
الميثاق الجمهوري الذي شرع المجلس في نقاشه يوم الثلاثاء الفارط يهدف إلى وضع ميثاق تلتزم به الأحزاب لا المجلس التأسيسي بغية احترام التعامل الديمقراطي فيما بينها وخصوصا عند الحملة الانتخابية والاقتراع، كي تكون هذه المراحل الانتخابية مبنية على نبذ العنف ونبذ الإخلال بالمبادئ الديمقراطية التعددية ولضمان الشفافية ونزاهة العملية الانتخابية. واحترام حقوق الإنسان هو هدف العقد الجمهوري لاحترام دولة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان في تعامل الأحزاب فيما بينها.
*هل هذا المشروع هو ترجمة للمخاوف من ما يمكن أن تفرزه صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة؟
ليس هناك تخوف من صناديق الاقتراع، فهي التي ستعبر عن إرادة الشعب فليس لأحد أي حق في أن ينسب هذه الإرادة أو يتلاعب بها، وهذا يعني أنه من أقدس واجباتنا أن نحترم كلنا نتيجة الاقتراع مهما كان الفائز، وأن نحترم إرادة الفائزين حتى أن لم ترض نزعتنا الشخصية، ولذا فان الديمقراطية هي احترام إرادة الشعب عن طريق التعبير الانتخابي وثانيا أن لا يحتكر الفائز بمجرد فوزه الانتخابي كل الساحة السياسية، بل عليه حين إذن أن يشرك المعارضة التي لم تفز في الانتخابات.
*هل أن إعداد مثل تلك الوثائق من مهام الهيئة؟
لما لا، ما الذي يمنع ذلك فللهيئة مهمة الإصلاح السياسي وتدعيم الديمقراطية وإعداد مشاريع القوانين والنشاط والعقد الجمهوري هو أول إصلاح سياسي وهو وظيفتنا.
الصحافة والقضاء
*ما حقيقة "مشروع" أو "مسودة" قانون الصحافة الذي اطلع عليه الرأّي العام؟
الوثيقة ليست إلا ورقة عمل لم تصادق عليها هيئة الخبراء ولم تصادق عليها الهيئة العليا، بل لم تعرض على الهيئة العليا البتة، فالتجاوز هنا أنه نسب إلى الهيئة ورقة لا تمثل تعبيرا عن إرادة مكوناتها إنما هي مسودة لا تعبر عن إرادة هيئة الخبراء ولا إرادة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة.
*كيف ترون أحسن سيناريو يمكن أن يكون إخراجا لقانون الصحافة؟
قانون الصحافة لا بد أن يضمن أكثر حرية ممكنة للصحافة، فبدون صحافة حرة ليس هناك ديمقراطية، ويجب أن تتوفر فيه ضمانات لحرية التعبير وضمانات للصحفيين وللناشرين والكتاب، ولكن لا بد أن نفكر في طرق ضبط ممارسة هذه الحرية كي لا تؤول الحرية إلى تسيب.
*ما رأيكم في الاقتراحات التي تطالب باعتماد الطريقة الأمريكية مثلا، إذ كما تعلمون ليس هناك قانون صحافة في الولايات المتحدة، وإنما تضمن ديباجة دستورها هذه الحرية فحسب؟
تونس أخذت بنمط آخر مبني على الحرية ولكنها لم تحترم سابقا، ومبني أيضا على الرقابة القانونية لحرية الصحافة.
*هل أنتم مع مبدأ محاسبة من أجرم في حق الناس وسيادة الوطن وخرب الاقتصاد؟ وكيف تتم هذه المحاسبة حسب رأيكم؟
أنا ضد الملاحقة الاعتباطية وضد التشفي وأخذ الثأر ولكن المحاسبة لا بد منها، مثلا الجلادون الذين أجرموا في حق الغير وانتهكوا الحرمة الجسدية لأعضاء المعارضة وضربوهم وسلطوا عليهم أساليب تنكيل لا بد أن تقع محاسبتهم لأنهم قاموا بأعمال إجرامية تعاقب عليها المجلة الجزائية التونسية فلا بد أن نجد لهذه القضية وسائل قضائية لمتابعتهم ومحاكمتهم. وهناك أيضا طرق أخرى منها لجان العدالة والمصالحة وهي لجان تأتي بالمسؤول ليعترف بجرائمه بصفة علنية.
*كيف تقيمون واقع القضاء اليوم؟ وهل يمكن أن يحصل انتقال ديمقراطي دون ضمان لاستقلال القضاء؟
القضاء مازال لم يعالج بصفة جذرية، فقضاء اليوم يصدر أحكامه تحت الضغط وتحت تحركات بعض الفئات والتجمهر أمام قاعات المحاكم، وهذا القضاء لا يمكن أن نعتبره مستقلا، أما قضاء الأمس فلا بد أن نجد له حلولا نهائية وجذرية.
*متى تنتهي مهام الهيئة العليا فعليا؟
مبدئيا تنتهي مهامها يوم يجتمع المجلس التأسيسي في جلسته الأولى.
٪
الهيئة سيقع حلها ككل الهيئات، ولكن سنرى، فلا يمكن حسم هذا الأمر اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.