القضية التي رفعها الزميل محمد كريشان ضد مدير صحيفة اسبوعية تونسية اختصت في ثلب شخصيات اعلامية وحقوقية وسياسية مهمة ورمزية..مهما كانت تطوراتها القضائية..التي بدأت بعض اجراءاتها أمس.. الاهم ليس قرار المحكمة من حيث قبول الشكوى شكلا واصلا ام لا..خاصة ان بعض الحملات التي تعرض لها الزميل كريشان وغيره في نفس الصحيفة تعود الى السنوات الماضية ..أي ان اجل التقاضي من اجلها قد يكون سقط بمرور الزمن.. لكن شكوى محمد كريشان مهمة جدا لانها تكرس ايمانا بضرورة اللجوء الى القضاء ردا على الحملات التي تنال من الاعراض والحرمات من قبل بعض الاقلام ووسائل الاعلام ..في مخالفة مفضوحة لاخلاقيات المهنة الصحفية التي تبناها الصحفيون التونسيون منذ اكثرمن 40 عاما ولقوانين البلاد وبنود دستورها ولكل المواثيق العالمية المنظمة لمؤسسات الاعلام والاتصال.. قبل عامين كتبت منتقدا انتهاكات اخلاقيات المهنة والحملات اللاأخلاقية التي حاولت النيل من عرض ثلة من الزملاء الصحفيين ونخبة من المثقفين بينهم الكاتب والسفير المتقاعد أحمد ونيس والحقوقي والكاتب المنصف المرزوقي والاعلاميين محمد كريشان وسهام بن سدرين وتوفيق بن بريك والكاتب والمحامي محمد عبو والسياسي احمد نجيب الشابي وغيره.. تلك الكتابة لم ترق وقتها لبعضهم ..ولم يفكر المتضررون من حملات التشويه في اللجوء الى التقاضي..بخلاف ما فعل اخرون بينهم المحامي عبد الفتاح مورو (الذي كسب قضية تشويهه من قبل صحيفة اسبوعية ثانية بسبب شريط تبين انه مفبرك).. واذ نتطلع اليوم الى قضاء مستقل وناجع من المفيد ان يقترن مسار الاصلاح والمصالحة الوطنية لمرحلة ما بعد ثورة 14 جانفي بانفتاح المحاكم اكثر على الشخصيات التي اساءت بعض وسائل الاعلام اليها والى سمعتها وعرضها (بما في ذلك بعض الصحف المستقلة والمعارضة).. المصالحة والمحاسبة ضرورية بعقلية ايجابية..بعيدا عن منطق الثأر والانتقام..بل دعما لسياق تكريس مسار المصالحة على اسس صحيحة وعلمية على غرار ما حصل في جنوب افريقيا بزعامة مانديلا وفي امريكا اللاتينية.. التسامح مطلوب لكن بعد استخلاص الدروس من الانتهاكات السابقة لاخلاقيات المهنة..خاصة ان بعض وسائل الاعلام التي تورطت في الانتهاكات الاخلاقية والقانونية وفي الثلب في العهد السابق لا تزال تقوم بنفس الممارسات مع تغيير الاسماء والشخصيات..ولا يضرها ان تنال اليوم من عرض شخصيات كانت وراء تورطها سابقا في حملات على صحفيين وسياسيين مستقلين ومعارضين سابقين..