لماذا لا تبادر بعض البلديات ذات الموارد الهامة بتأهيل أسواقها في انتظار حصولها على القروض؟ تونس الصباح: تم منذ أكثر من ثلاث سنوات وضع برنامج عام لتطوير وتأهيل الأسواق البلدية في كافة انحاء البلاد.. وتلا ذلك برنامج ثان خاص بالمسالخ، انطلق منذ السنة الفارطة وكان يهدف ايضا الى تطوير آداء هذه المسالخ، وتنظيمها والقضاء أساسا على عمليات الذبح العشوائي تفاديا لكل ما من شأنه أن يعرض المستهلك للأخطار من ناحية وعملا أيضا على تنظيم هذا القطاع من ناحية اخرى.. لكن الظاهر أن هذا البرنامج لم يتقدم بالشكل المطلوب، حيث مازالت عمليات الذبح تتواصل بشكل عشوائي رغم ربطها بآجال وبكراس شروط، كما ان نسبة هامة من الاسواق البلدية مازالت غير منظمة ولا مهيكلة، تعرض فيه شتى السلع ويتداخل فيها النشاط ولا تخضع لمراقبة دقيقة نتيجة عدم تنظيمها. كل هذا يمثل اليوم حاجزا دون تطور هذه الاسواق وحسن آدائها رغم أنها تمثل قبلة آلاف المواطنين للتزود منها بشتى انواع الحاجيات. فما هي الاسباب التي عرقلت تنظيم نشاط هذه الاسواق والمسالخ؟ وهل هناك عزم وخطة لتنفيذ برنامج تأهيلها ودفعها باتجاه التنظم والآداء الجيد؟ البلديات وبرنامج تأهيل الاسواق سجلت نهاية المخطط العاشر للتنمية انطلاق بعض البلديات مثل بلدية تونس وبعض البلديات الاخرى والدوائر تأهيل عدد من المسالك التجارية الراجعة لها بالنظر، وذلك في اطار مخططاتها الاستثمارية، ولعلنا في هذا الجانب نذكر جملة الاصلاحات التي ادخلت على اسواق سيدي البحري بالعاصمة والسوق المركزية وبعض الاسواق الاخرى. وكان هذا التمشي في تأهيل الاسواق قد جاء ضمن برنامج بلدي من ناحية، مثل تصورا جديدا لآداء الاسواق وترجم ضمن كراسات شروط عملت البلديات على تطبيق ما جاء فيه في عمليات تأهيل الاسواق. كما تولت وزارة التجارة والصناعات التقليدية ضمن برنامج اوسع، وعملا على انجاح هذا التمشي الخاص بالاسواق، ولضمان نجاعة التدخلات وتعميمها خاصة على كافة الجهات والاسواق المتواجدة بها، وبالتنسيق مع وزارة الداخلية والتنمية المحلية عملت الوزارة على وضع برنامج متكامل لفائدة البلديات يمتد على فترتي المخططين 11 و12 للتنمية، ويأخذ بعين الاعتبار الاولويات والخصوصيات لكل جهة والموارد المتاحة داخلها. القسط الاول من البرنامج وما تحقق عبره لقد تم ادراج القسط الاول من هذا البرنامج البلدي بالمخطط 11 للتنمية (2007 2011) بكلفة تقدر ب53 فاصل 1م.د ويشمل هذا القسط 144 مشروعا ذات أولوية لفائدة 119 بلدية موزعة على عديد الجهات كالآتي: 7 اسواق جملة للخضر والغلال 20 سوق جملة جهوية للخضر والغلال أغلبها بالمدن رؤساء المناطق. 22 سوق دواب بمناطق الانتاج. 12 مسلخا (11 مسلخا بلديا والمسلخ الجهوي بصفاقس) 67 سوقا بلديا للتفصيل. 16 سوقا بلديا للأسماك. وتشير الدوائر المسؤولة عن هذا البرنامج الى أن المجهودات قد تركزت خلال السنة الجارية وهي السنة الاولى في تنفيذ هذا البرنامج الخاص بتأهيل الاسواق، على تعبئة الموارد المالية والبشرية والاعداد للدراسات التنفيذية اللازمة لضمان مواصلة مسار التأهيل بالتوازي في مختلف الجهات. يذكر في هذا الاطار وضع حوافز لفائدة البلديات تتمثل في شروط تمويل مناسبة لمختلف اصناف البلديات وذلك بتوزيعها كالاتي: البلديات المدعومة كليا أي من صنف 1، ومنحتها 100 بالمائة. البلديات المدعومة جزئيا من صنف 2، ومنحتها من 10 في المائة تمويل ذاتي و90 في المائة قرض. بقية البلديات صنف 3، ومنحتها 40 في المائة تمويل ذاتي و60 في المائة في شكل قرض. يشار ايضا الى ان شروط اقراض البلديات كانت ميسرة، حيث ان نسبة الفائض السنوي حددت ب7 فاصل 5 عوضا عن 8 فاصل 5 بالمائة. اما عن مدة التسديد فانها قد حددت ب20 سنة عوضا عن 10 سنوات، مع اقرار مدة امهال ب3 سنوات عوضا عن سنة واحدة. البرنامج طرح لكن مدة الانجاز طويلة ان جملة هذه التراتيب وانواع القروض والمساعدات المتفاوتة لم تحرك البلديات وتجعلها تبادر بانجاز برامجها الخاصة بالاسواق. فبدت الحالة كما هي عليه في الاسواق، تداخل ونشاط مبعثر، ومواد مختلفة ومجهولة المصدر وغير صحية احيانا، وطرق عرض تقليدية جدا وغير ملائمة لمناهج حفظ الصحة، وتجاوزات لا تحصى ولا تعد خاصة داخل الاسواق الاسبوعية التي تغيب فيها المراقبة الصحية والبلدية.. وكل هذا يجري بشكل يومي في هذه الاسواق البلدية والاسبوعية دون ملاحظة وجود مراقبة تذكر. فهل تتوقف جملة اساليب المراقبة الى غاية تأهيل هذه الاسواق؟ إن البرنامج البلدي في عملية تأهيل الاسواق، والدعم الذي تقدمه وزارة التجارة ضمن هذا البرنامج لارساء توجه جديد بمسالك التوزيع يبقى في الحقيقة جيد ومتطور، وميسر حتى بالنسبة للبلديات التي تعتبر محدودة المداخيل، لكن الذي يلفت الانتباه هو البطء في الانجاز ثم النقص في الشمولية على اعتبار ان البرنامج لم يحدد كل الاطراف المعنية بالتأهيل. ولعلنا في هذا الجانب نشير ايضا الى انتصاب قطاع الدواجن ووحدات بيعه المتناثرة في الشوارع وداخل الاحياء، والتي على الرغم من وضع كراس شروط وتحديد تطبيقها بآجال، فإن الحبل مازال على الغارب ولم يطبق من الكراس المذكور لتنظيم نشاط القطاع أي شيء. كما لا ندري بأي شكل من الاشكال سوف يحيط هذا البرنامج في مجال المسالخ والحال أن نسبة تناهز 40 في المائة من الذبائح اليومية التي يتولاها جزارون موزعون على كل الطرقات الوطنية وحتى في ضواحي المدن الكبرى مازالت لا تتعامل مع المسالخ وتمارس نشاطها بشكل منفرد ودون ادنى مراقبة تذكر؟