تتّجه أنظار الفنّانين والموسيقييّن في مثل هذه الفترة من السّنة إلى موسم المهرجانات الصّيفية التي ينطلق التّحضير لها في الوضع العادي بين شهري أفريل وماي من كلّ عام ولكن كيف سيكون الأمر هذا العام والأوضاع السّياسية في بلادنا قد تغيّرت والأولويات بدورها قد تغيّرت وأصبح السّؤال لدى أهل الموسيقى والمسرح وغيرها من الفنون: هل ستقام المهرجانات الصّيفية هذا العام وهل ستحتفظ بموعدها ثمّ هل ستكون الأمور الأمنية منها بالخصوص مستقرّة حتّى تهيّأ الظّروف الطيّبة لإقامة المهرجانات؟ حاولنا من جهتنا أن نفتح ملفّ المهرجانات وأن نتساءل إزاء ما تعيشه السّاحة التّونسيّة في مثل هذا الظّرف الذي يسير بنا نحو انتخابات رئاسية مرتقبة ووضع سياسي متغيّر إن كان يحقّ لنا التفاؤل بإمكانية الوفاء بالوعود التي قطعتها وزارة الثّقافة أمام المعنيّين بالأمر ومن أبرزها ما يتعلق بمواعيد المهرجانات الصّيفية. فقد أكّد وزير الثّقافة السّيد عز الدين باش شاوش أن المهرجانات ستحافظ على جلّ مواعيدها بالولايات وأنّ مهرجان قرطاج سيحافظ على موعده مع جمهوره ولو كان ذلك بميزانية أقل. أبرز الوزير من جهة أخرى أن الطّابع العام لمهرجانات هذه السّنة سيوازن بين التّرفيه والتّثقيف وأنّه ليس في نيّة الوزارة أن تفرض مضمونا معيّنا من المادّة الثّقافية التّي سيقدّمها الفنّانون والمبدعون عموما. أمّا بالنسبة للفنّانين فهم يرون أنّه من الضروري إقامة المهرجانات في موعدها على أن تعطى الفرصة للفنّان التونسي لينال حظّه من العروض والظّهور، وأن لا تكرّر عادة تبجيل الفنّانين المشارقة والأجانب بصفة عامّة على حساب الفنّان التونسي الذي يجتهد ويجتهد ولا يغنم في الأخير سوى «الفتات» حسب تعبير البعض. سألت «الصباح» إذن الفنّان والموسيقي ومتعهّد الحفلات حول انتظارات هؤلاء من مهرجاناتنا الصيفية القادمة ثم هل ينبغي أن يتأقلم مضمون هذه المهرجانات مع أحداث 14 جانفي والتّغيّرات التي شهدتها الحياة الثقافية والسّياسية والاجتماعية وما هو موقف الوزارة من الفنّانين الأجانب الذين كانوا «يحتلّون» الجزء الأكبر من «كعكة» مهرجاناتنا الكبرى كما ذهبت الى ذلك العديد من المواقف وخاصّة منها موقف نقابة الموسيقيّين وهل سيكون لهؤلاء حضور جليّ في مهرجاني قرطاج والحمامات؟ بعض الإجابات عن هذه الأسئلة وغيرها نجدها ضمن هذا التحقيق مع عدد من الأطراف الممثلّة عن القطاعات التي ذكرنا. أخبرنا الفنّان لطفي بوشناق أنّه يشجّع عودة الساحة الثقافية الى سالف نشاطها وخاصّة في مثل هذا الظّرف الذي يسبق موعد الاعلان عن محتوى العديد من المهرجانات المحلّية والدولية ومنها مهرجانا قرطاج والحمّامات وأضاف «نحن بحاجة الى تحرّك فنّي والى انتاجات تواكب ثورة الكرامة وانتفاضة المضطهدين وشخصيّا كل الأيام في أجندا عملي اجتهاد ورغبة في التّعريف بثورتنا وما قدّمه شهداؤنا لننال هذه الحرّية ولا أنتظر قرارات وزارية لأبدع وأتحرّك والدلّيل أنّني سأسافر الى فرنسا والمغرب والامارات العربية المتحدة بين شهري ماي وجوان لتقديم حفلات فنية تخدم هذا التّوجه وأقصد التّقدم بانتاجنا الفنّي المتّصل بتونس اليوم وما حدث فيها من متغيّرات الى العالم». ضد الاقصاء وثمنّت الفنّانة الشابّة درّة البشير فكرة أن تنتظم المهرجانات هذه الصّائفة على ألّا يقصى الفنّان التونسي الشاب والمجتهد وقالت في هذا الصدد «أرجو أن تعطى الفرصة لكل فنان شاب مجتهد وألا نرى الوجوه نفسها تجوب جل المهرجانات لأنها مدعومة من طرف «فلان» أو «فلتان» لأن المحسوبية هي أبشع ما عاشه الشبان من المجتهدين في المجال الفني في العهد البائد.» واعتبر الفنان نور شيبة الذي لا ينكر كل العارفين أنه كان من المحظوظين في نيل أكبر عدد من المهرجانات والسهرات في السنوات الأخيرة, اعتبر هذه السنة فرصة هامة وتاريخية للجمهور ليحكم على كل التجارب الفنية التونسية دون اقصاء البعض لحساب الآخر وقال «لا أنكر أنّني كونت قاعدة جماهيرية هامّة بالولايات ومختلف الجهات التي قدمت فيها عروضي ولكن هي فرصتي اليوم لأواصل دربي ولن أتراجع عن تقديم اللون الفني الذي دافعت عنه منذ بروزي مع ضرورة أن أقدم نغم «صوت الشهيد» الى أرواح شهدائنا الأبرار ولكني ضدّ أن تتحوّل المهرجانات الى فضاء للبكاء لأنه علينا أن نتفاءل بغد تونس، والتونسيون الذين يقطنون بالمناطق الداخلية يحتاجون للثقافة ولكن يحتاجون مع كل ذلك الى التّرفيه والى العروض المتنوّعة التي تجمع بين جمال الشكل والمضمون.» ونادى الفنان سفيان سفطة الى ضرورة أن تعطى الفرصة الى كل الفرق الموسيقية الشابة المجتهدة في بلادنا ليصل صوتها الى كل المناطق والولايات في تونس، وأضاف سفطة «لا نريد أن تتكرّر سيناريوهات مخجلة شاهدناها سابقا وتتعلّق ب»تطبيل» الإعلام وعدد هام من المسؤولين الى الفنانين الأجانب الذين لا يملكون الموهبة ولا هم من الأسماء التي تستحقّ الذّكر من الأصل وهؤلاء يصلون الى بلدنا فيجدون كلّ الدعم على حساب أبناء البلد من الفنانين المجتهدين». مشروع «أفراح الثورة» وأفاد الفنّان مقداد السهيلي أن نقابة الموسيقيين كانت قد قدّمت ملف مشروع «أفراح الثورة» الى السيد عز الدين باش شاوش وزير الثقافة للنظر في امكانية العمل به هذه السنة ويحتوي هذا الملف على تصور فني لعروض موسيقية تواكب ثورة 14 جانفي فنيا وموسيقيا وتؤسس لمشروع إشراك فعال لكل الفنانين التونسيين وخاصة أولئك الذين ظلموا في عهد بن علي ولم يستطيعوا الاقتراب من الجمهور عبر ما يقدمونه موسيقيا وأضاف السهيلي» يجب أن نضع حدا للبطالة ..الموسيقيون والفنانون محتاجون فعلا لحراك ثقافي يعطي الفرصة لكل الأسماء لتعمل وتجتهد وعلى بعض الفنّانين أن ينخرطوا معنا في مشروعنا «أفراح الثورة» ويكونوا في الموعد في كل الولايات متخلّين عن نرجسيتهم فليس من المعقول في مثل هذه الظروف أن تطالب فنانة ب»كاشي» يناهز ال50 ألف دينار لتشارك في أفراح الثورة، اذ علينا أن نتّحد من أجل صالح المجموعة وحتى يعمل الجميع.» ودعّم السيد الناصر القرواشي(متعهد حفلات) فكرة قيام عروض موسيقية وفنية في كل الولايات وخاصة في المناطق التي عانت من قسوة وظلم النظام السّابق لها وقال «علينا تأمين عروض تستجيب الى كل الأذواق لأبناء تونس في كل المناطق من الجمهورية، ولعلني سألتمس من بعض الفنانين المعروفين مساندة جمهور الولايات الداخلية والتوجه لهم متنازلين عن قسط من «كاشياتهم» في سبيل أن يكونوا ضيوفا على هذه المناطق وعلى جمهورها.»