منجي غريبي لا شك أن الهاجس السياسي في الفترة الإنتقالية الّتي تمرّ بها تونس على درجة كبيرة من الأهمية لكونه يبني ويعدّ للمستقبل،و لكن لا يمكن لأي عمل سياسي أن ينجح دون أن يُبنى على أسس إقتصادية تضمن السير العادي لدواليب الدّولة. بل أنه في المرحلة الإنتقالية يمكن أن نشهد بطئا في الحراك السياسي ، ولكن لا يمكن التباطؤ في معالجة المسائل الإقتصادية لضمان سير عجلة الإقتصاد. و لكن الملاحظ اليوم ، أن أغلب المنابر ، تهتمّ بكل ما يحدث من جديد في مجال السياسة و الشكاوى ،و تكاد لا تلتفت للوضع الإقتصادي الّذي يتردّى من يوم إلى آخر ، إلى درجة أن بعض الدول أصبحت تسعى لإستجلاب رجال الأعمال التونسيين للإستثمار لديها واعدة بتوفير المناخ المناسب ، فضلا على إغرائها للمستثمرين الأجانب الّذين تسرّبت لهم الحيرة والخوف من المستقبل ، كي يحوّلوا الوجهة لمناخ أكثر أمانا. فالشعب التونسي و طلائعه ، سجّلا نجاح "ثورة" بأقل التكاليف بخصوص الأرواح و البنية الأساسية، بل سجّلا نجاحا في ضمان السير العادي لنسق الحياة اليومية، ولكن ، بالمقابل شهدت الفترة الماضية تقوقعا إقتصاديا سيكون خطيرا على مستقبل البلاد ككل إذا لم يقع تلافي الأمر في أسرع وقت ممكن. و حتّى الأحزاب السياسية الّتي تراهن على المراكز السياسية ، إذا ما كتب لها النجاح في حيازة مركز ما، لن تجد شيئا ترضي به الفئات الواسعة المناضلة من أجل العيش الكريم. لذلك قد يكون حان الوقت لمختلف مكوّنات المجتمع من أحزاب و جمعيات وطلائع مثقفة فاعلة، أن تعدّل مناهجها، و تعمل على توجيه الإهتمام بالشأن الإقتصادي و ذلك بالعمل على تنقية المناخ الإجتماعي و ترك المسائل الآجلة لمن سيأتي، و السعي لتوفير الأمن و الطمأنينة، كي ينصرف الناس للعمل ،و إعتماد الآليات اللقانونية المتوفّرة بخصوص حقوق الإضراب و التجمع والإحتجاج و غيرها، إذا تعذّر تعليقها بالوفاق، و الإسهام في حركية إعلامية بنّاءة تعالج المسائل الحياتية بعيدا عن الغوغائية و التسرّع كي يتوفر ما ينفع الناس و ما يعدّ لبناء مستقبلهم.