ربما كانت رئيسة الكونفدرالية السويسرية ميشلين كالماي راي تدرك أن اهتمام الراي العام في تونس يتطلع الى استعادة ما نهب وسلب من أموال الشعب المجمدة في البنوك السويسرية خلال زيارتها الى تونس... وهو ما جعلها تحرص على وجود زيل ويغر zell wegger الخبير المالي مدير مكتب العلاقات الدولية في الخارجية السويسرية الى جانبها خلال اللقاء الصحفي الذي انتضم ظهرأمس بالعاصمة عشية مغادرتها تونس في أعقاب زيارة استمرت يومين.و قدرت الرئيسة السويسرية حجم الارصدة المجمدة للرئيس المخلوع وعائلته في بلادها بنحو 60 مليون فرنك سويسري ما يناهز90مليون دينارفيما قدرت أموال عائلة مبارك ب410 مليون فرنك سويسري وأموال القذافي ب360 مليون فرنسك سويسري وأضافت الرئيسة السويسرية بأن الرقم قد يخيب امال الكثير من التونسيين الذين كانوا يتوقعون أكثر من ذلك. وأوضحت بأن العلاقات مع النظام السابق لم تكن جيدة وهو ما يعني أن الاموال المنهوبة قد يكون وقع تهريبها الى دول أخرى، وخلصت الى أن القوانين السويسرية قد لا تشجع الكثيرين على وضع أموالهم في بنوك بلادها.و اعتبرت أنه من الضروري الان التعجيل باتمام الاجراءات القانونية لاستعادة تلك الاموال بعد أن تقدمت السلطات التونسية بطلب رسمي في ذلك وذكرت أن الاموال ليست دوما مسجلة باسم بن علي أو زوجته كما أن ما أعلن عنه في السابق من أرصدة ضخمة في الواقع تتعلق بقائمة ممتلكات تونسيين في سويسرا قبل أن يقع مراجعة تلك القائمة.وأشارت الى أن استعادة الاموال النيجيرية التي هربها اباشا قدرت ب 680 مليون وقد استوجبت أربع سنوات لاستعادتها وهي مدة وصفتها بأنها الاقصر في مختلف التجارب السابقة. كما شددت المسؤولة السويسرية على أن بلادها مصرة على أن تكون رائدة في هذا المجال وفي رفضها للاموال المشبوهة.
على الغرب أن يتعلم دروس الثورة
وفي ردها حول اسئلة الصحافيين، اعتبرت الرئيسة السويسرية أنه من الصعب توقع المدة المطلوبة لاستعادة اموال الشعب التونسي المنهوبة وقالت أن سويسرا بلد قانون وأن الامر مرتبط بمدى تعاون السلطات التونسية في هذا المجال وأضافت أن سلطات بلادها رصدت الاموال وجمدتها وهي حريصة على اعادتها الى اصحابها ولكن يتعين على السلطات التونسية أن تثبت أن مصدرها غير قانوني. وعن موقف بلادها من خبر مقتل بن لادن أشارت الرئيسة السويسرية الى أن القاعدة منظمة ارهابية دولية وهي تقف وراء مقتل الاف الضحايا واعتبرت أن استئصال الرأس لا يعني نهاية التنظيم وأن الحذر يبقى مطلوبا.وعن موقف بلادها من الاسلاميين مع تغيير المشهد السياسي في تونس ومصر قالت المسؤولة السويسرية أن المسألة مرتبطة بالاحزاب نفسها وأوضحت ان بلادها كانت في السابق تدعم الاستقرار خوفا من صعود تيار الاسلاميين الا أن ما حدث في تونس ومصر جعلها تدرك واقعا جديدا وان الذين نزلوا الى الشوارع لم يطالبوا بتطبيق الشريعة ولكنهم كانوا يطالبون بالحرية والديموقراطية وبفرص للعمل والعدالة وأن هؤلاء لم يكونوا ملحدين ولكن مسلمين يتطلعون الى الافضل، وتعتبر الرئيسة السويسرية أن التعامل مع الاحزاب الاسلامية مرتبط بمدى تطور الامور ومدى اندماج تلك الاحزاب في العملية الديموقراطية وقالت ان المجلس الفيدرالي لم يتخذ أي قرارات لاعادة النظر في الاجراءات الامنية حتى الان وخلصت الى أن شبكة القاعدة لا تزال قائمة بما يستوجب الحذر.واعتبرت المسؤولة السويسرية أن الدروس التي يتعين على الغرب أن يتعلمها من ثورة تونس وربيع العالم العربي كثيرة وقالت أن الاهم أن هناك من هم دوما مستعدون للتضحية بأنفسهم من أجل الديموقراطية. وفيما يتعلق بالهجرة فقد اعتبرت أن بلادها جزء من فضاء شنغان وأن المشاورات في صلب الاتحاد الاوروبي في هذا الشأن لا تزال مستمرة وقالت ان بلادها تواصل تقديم مساعداتها للاجئين على الحدود سواء بين تونس وليبيا أو بين مصر وليبيا الا أنها اعتبرت أن مسألة اللاجئين في اوروبا مختلفة وأن افضل طريقة تتمثل في مساعدة هؤلاء في حيثما يكونون معتبرة أنه عندما يأتي هؤلاء بحثا عن فرص للعمل فانه لا يمكن التعامل معهم كلاجئين. وقد أكدت الرئيسة السويسرية على أن اختيار بلادها تونس لعقد الندوة الاقليمية لسفراء سويسرا في الشرق الاوسط وشمال افريقيا لا يهدف الى تأكيد صداقة ودعم بلدها لتونس فحسب ولكن أيضا لتأكيد مدى اعجاب سويسرا بما أنجزه الشعب التونسي. واعتبرت الرئيسة السويسرية ان مجالات الشراكة وافاق التعاون في المجال القضائي كما في مجال مكافحة الفساد باتت أوسع بين البلدين وأوضحت أن سويسرا لم تنتظر طويلا بعد ثورة الرابع عشر من جانفي وأنها سارعت وبعد ثلاثة أيام فحسب على رحيل بن علي الى تجميد أموال وممتلكات الرئيس المخلوع وأشارت في ذات الوقت الى أهمية التعاون القضائي بين تونس وسويسرا للتعجيل باستعادة تلك الاموال وقالت لا نريد لهذه الاموال المشبوهة ان تبقى في سويسرا وأضافت بان القوانين السويسرية تسمح للبنوك بتجميد الارصدة التي تشتبه أو تشك في مصدرها. كما أشارت الى أهمية التعاون مع تونس في مجال اللاجئين وأكبرت جهود تونس في احتضان ومساعدة الاف اللاجئين على الحدود مع ليبيا وأعربت عن استعداد بلادها تقديم المساعدة لانجاح انتخابات جويلية القادم بتوفيرعدد من الملاحظين والخبراء. وقالت الرئيسة السويسرية ان التغييرات التي انطلقت من تونس الى افريقيا تؤكد أن هناك الكثير من العمل أمام تونس ولكنها في المقابل تمنح سويسرا ومعها اوروبا فرصة لتعزيز علاقاتها مع افريقيا وتعزيز الحوار بين الاسلام والمسيحية. ووصفت العلاقات مع النظام السابق بأنها كانت صعبة وذلك بسبب انتقادات سويسرا لسجل حقوق الانسان في تونس واستعادت ما تعرض له سامويل سميث الرئيس السويسري السابق خلال مشاركته في أشغال قمة المعلومات سنة 2005 عندما قطع عنه الصوت خلال القائه خطابه لاذع لنظام بن علي. وأضافت أن العلاقات منذ ثورة الرابع عشر من جانفي باتت أكثر متانة كما شهدت الفترة الاخيرة زيارات متعاقبة لمسؤولين من سويسرا وشددت على أهمية توافق التونسيين بشأن المناصفة في الانتخابات وقالت انها أكثر من معجبة بهذا الانجاز بل انها تشعر بالغيرة. وشددت على أن ندوة السفراء السويسريين في شمال افريقيا والشرق الاوسط حددت الاولويات المستقبلية للخارجية السويسرية وتحديد مجالات التعاون وفق ما تتوق اليه الشعوب المعنية. ملاحظتان أساسيتان كان لا بد أن نسوقهما خلال هذا اللقاء كما خلال لقاء أول أمس الذي جمع الضيفة السويسرية بعدد من الحقوقيين وممثلي المجتمع المدني، اما الملاحظة الاولة فتتعلق ببساطة مظهر السيدة ميشليان كالماي راي وتواضعها في التعامل مع الحضور وحتى عندما القى أحد الصحفيين المرافقين لها سؤاله بالالمانية فقد حرصت على الرد بالالمانية حتى يتسنى له نقل تصريحاتها كاملة الى القناة التلفزية التي ينتمي لها قبل أن تتولى الترجمة بنفسها للسؤال المطروح والاجابة التي أعادت تقديمها لبقية الحضور. معلومة أخيرة وهي أنه مع انتهاء اللقاء سجل بعض الصحفيين وصول أحد اعضاء المجلس الانتقالي الوطني للثوار في ليبيا في انتظار لقاء الرئيسة السويسرية ولكن دون أن تتسرب معلومات عن ذلك...