عبر حوالي 79،5 % ممن شملهم سبر الآراء الذي قامت به مؤسسة "قلوبال سارفيس مانجمنت" GMS بين 20 أفريل و2 ماي 2011 حول "التونسيين والسياسة والانتخابات" عن اهتمامهم بإنتخابات المجلس التأسيسي المقبلة. واستهدف هذا السبر عينة حددت ب1304 أشخاص تراوحت أعمارهم بين 18 سنة فما فوق، وشملت جميع الشرائح الإجتماعية موزعة على مختلف الجهات التونسية حسب عملية حسابية استندت إلى المعايير الدولية للتقليص من نسبة "هامش الخطأ" وفقا لما جاء في تقرير نتائج الإستطلاع واُحتسبت على عدد الناخبين المتوقع بالرجوع إلى إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء لسنة 2011 والمقدر ب 7ملايين و650 ناخبا. وحددت الأهداف الرئيسية لهذا المسح بتحديد محاور اهتمام التونسيين في الوقت الراهن، بالإضافة إلى استطلاع حول الإستعداد للمشاركة في الإنتخابات المقبلة للمجلس التأسيسي مع التعرف على آراء الناخبين حول طريقة الإقتراع وتمويل الحملات الإنتخابية وقياس نوايا المستجوبين حول التصويت واختياراتهم للمنتخبين وغيرها..
الثقافة السياسية
وأقرّ العديد من الملاحظين والمشاهدين أن اهتمامات وسائل الإعلام والسياسيين اتجهت نحو كل ماهو سياسي من خلال منابر الحوار التلفزية والإذاعية وصفحات الجرائد والندوات المنتظمة مؤخرا، في حين أن نتائج سبر الآراء بيّنت أن 13،8% فقط من المستجوبين يهتمون بالسياسة أغلبهم من النساء بنسبة 14،5 % مقابل 13،3 % بالنسبة للرجال وتراوحت أعمار الأكثر اهتماما بين 35 و44 سنة، وفي ذات السياق يصعب على أكثر من 31 % فهم "السياسة"، في حين فهم 57,3 % لهذا المجال يتوقف على الموضوع المطروح وفي المقابل يسهل على 11،4 % أن يعوا خفايا هذا الميدان. وقد قيّم 9،5 % فقط من المستجوبين معارفهم الجيدة حول الأحزاب والشخصيات السياسية، وعبّر أكثر من 53 % عن ضعف ثقافتهم بهم في حين بيّن قرابة ال40 % عن عدم درايتهم ردا على سؤال "مدى تقييمك لمعرفتك بالأحزاب والشخصيات السياسية؟" . وقد تكون نتائج هذا الاستطلاع تأكيدا على ما يبحث عنه الشارع التونسي ومناداته بما يجب الاهتمام به في هذه الفترة سواء فيما يهم الأحزاب أو الإعلام، فما يهم التونسي في هذه المرحلة هو الاقتصاد والتشغيل حيث عبّر 35،2 % وبدرجة أولى عن انشغالهم بهذين المجالين، في حين أنّ أكثر من 27 % منشغلون بالرياضة، يليه الاهتمام بالفنون والثقافة بنسبة تجاوزت ال 23%.
التونسي والمجلس التأسيسي
قد يثير إقرار قرابة ال75 % من المستجوبين -أن الهياكل المنبثقة عن الثورة ويتكلمون باسمهم لا يمثلونهم ولا يمثلون أفكارهم -حفيظة من سيطّلعون عليها خاصة منهم الأحزاب والأطراف السياسية والهيئات واللجان وغيرهم. كما أن نسبة أكثر من 83 % قد تعيد حسابات الكثير منهم ذلك أنها تمثل المستجوبين الذين ليس لهم أية فكرة عن الجهة التي سينتخبونها، وقد تفسر هذه النسبة قلة المهتمين بالسياسة وتوجيه انشغالاتهم نحو الاقتصاد والتشغيل، بالرغم من أن 20،5 % فقط لا يهتمون بانتخابات المجلس التأسيسي، وقرابة ال17 % فقط فكروا في الشخصية السياسية التي سينتخبونها أوكثر من 83% منهم لم يقرّروا بعد من هي، في حين أنّ 4،6 % اختاروا راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة لإنتخابه، واختار 3،6 % نجيب الشابي عن الحزب الديمقراطي التقدمي و1 % ممن حددوا شخصيتهم السياسية سيصوتون لمنصف المرزوقي عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية و0،9 % سيختارون مصطفى بن جعفر عن حزب التكتل من أجل العمل والحريات، في حين امتنع أكثر من 3 % من ذكر الأسماء. وما يثير الاهتمام حول الجدل القائم حول الإبقاء أو تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي، قد توجد له إجابة من خلال نتائج هذا الاستطلاع حول علاقة التونسيين بالسياسة والانتخابات المقبلة حيث شدّد 64،7 % على الإبقاء على موعد 24 جويلية وفي المقابل رأى 23،4 % تأجيل هذا التاريخ حيث علل قرابة 99 % منهم أن الإنتخابات تستوجب مدة زمنية أطول لخوضها أضف إلى ذلك نقص المعلومات حول برامج الأحزاب والمترشحين. وقد تعددت الأسباب المطروحة على الرافضين لهذا الموعد والبالغة نسبتهم ما يقارب ال98 %، من بينها أن التاريخ غير مناسب لإجراء الانتخابات لكونه توقيتا صيفيا يسبق حلول شهر رمضان بأيام، كما أن نقص المعلومات حول ظروف إجرائها إلى جانب اعتبار المدة وجيزة لا تمكن الأحزاب الجديدة من خوض غمار التجربة.
تباين حول طريقة الاقتراع
كما اعتبر أكثر من 45 % ممن شملهم سبر الآراء أن إقصاء التجمعيين من انتخابات المجلس التأسيسي له مبرراته، حتى أن 28 % يعتبرون هذا المقترح غير كاف، في المقابل قرابة 15 % اعتبروا القرار غير عادل في حين أن 12 % لم يقيّموا هذا القرار. أما عن مسألة المناصفة بين النساء والرجال في تمثيلية المجلس التأسيسي، فقد أيّد أكثر من 45 % هذا القرار، وعبر 41 % عن عدم ارتياحهم لهذا التمشي لعدة اعتبارات..فبين 95 و99 % أكدوا تخوفهم من استغلال حضور المرأة لضمان قوائم كاملة تخدم جهة دون أخرى، إلى جانب أن العديد من الأحزاب قد تواجه صعوبات في تمثيلية المرأة في القوائم، كما رأى أكثر من 99 % أن مبدأ المناصفة لا يعد ضمانا لتمثيلية عادلة للمرأة في المجلس التأسيسي. وبيّنت نتائج سبر الآراء حول التونسيين والسياسة والانتخابات، تذبذب آراء المستجوبين وتفاوت اختياراتهم حول الاقتراع على القوائم ذلك أنّ أكثر من 36 % يؤيدون هذا التمشي في حين أن قرابة 34 % يعارضون هذا القرار و30 % لا يعلمون. وقد علل الرافضون أن الاقتراع على القائمات قد لا يضمن تمثيلية كامل السكان كما أنه سيميّز الأقليات ويخلق تحالفات بين الأحزاب لضمان أغلبية تمثلهم في المجلس، كما أن هذا النظام قد لا يسمح بتمثيل جميع اتجاهات الناخبين. وفي نفس السياق وحول تنظيم الإنتخابات وسيرها وضوابط الإقتراع، بينت النتائج أنّ أكثر من 37 % لا يهتمون بشكل بطاقة الإنتخاب ولا مضمونها، في حين أن 34 % يقترحون بطاقات للأفراد أو للقائمات، أما البقية فاقترحوا بطاقة انتخابية تجمع كلّ المترشحين. ولم تغب عن سبر الآراء إشكالية تمويل الحملة الإنتخابية وتقنينها، فذهب 50 % من المستجوبين إلى ضرورة إقرار قوانين تضبط مراقبة التمويل، أما 38% فقد اقترحوا أن تكون المراقبة من قبل هيئة وطنية، في حين أن أكثر من 36 % يفضلون أن تكون عملية المراقبة من قبل الدولة، أما أكثر من 31 % خيروا أن تكون المراقبة مصادقا عليها من قبل خبير في المحاسبة.