محسن الزغلامي لا ندري - حقيقة - ما اذا كان السيد الباجي قائد السبسي - وهو "يلمح" في اللقاء الصحفي الذي جمعه منذ أيام قليلة بممثلي القنوات التلفزية التونسية الى امكانية تأخير انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المقررة بتاريخ 24 جويلية القادم الى موعد لاحق - قد قدر وبدقة نسبة الوقع السيء وحجم الاحباط الذي يمكن أن يحدثه مثل هذا "التلميح" في نفوس ومعنويات عموم التونسيين... وسواء كان قد قدر أو لم يقدر فالمطلوب اليوم -وقد عاد السيد الباجي قائد السبسي نفسه ليؤكد على "تمسك" الحكومة المؤقتة بتاريخ 24 جويلية كموعد ثابت لاجراء هذه الانتخابات- أن يعي الجميع ( حكومة وهيئات وطنية ومنظمات مهنية وأحزاب سياسية ) أهمية الوفاء بالالتزامات السياسية والأخلاقية تجاه ثورة 14 جانفي المجيدة وشهدائها الأبرار - من جهة - وتجاه عملية الانتقال الديمقراطي وبناء تونس ما بعد الثورة ، تونسالجديدة والمستقرة والآمنة والديمقراطية - من جهة أخرى - نقول هذا الكلام اعتبارا لواقع "المعارك" والتجاذبات السياسية في مفهومها المصلحي الايديولوجي الأناني الضيق التي طبعت المشهد السياسي الوطني على امتداد الأسابيع القليلة الماضية والتي كادت تتحول بهذا المشهد الى حلبة للتهريج السياسي والمزايدات والتراشق بالتهم... وهي "السمة" التي طبعت - وياللمهزلة - حتى بعض جلسات أشغال ما يسمى بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي... وما من شك أن مشهدا سياسيا بهذه "المواصفات" والمكونات مضافا اليه مظاهر انفلات أمني متواترة خطيرة ومريبة لا يمكن الا أن يفرز "حالة" من الاحباط العميق وخيبة الأمل الشديدة لدى عموم المواطنين بمختلف شرائحهم وفئاتهم وانتماءاتهم.. وهي الحالة التي كانت - ربما - ستبلغ ذروتها - مع ما يعنيه ذلك من محاذير ومخاطر جمة أمنيا واجتماعيا - لولا "التحركات" الانقاذية التي قادها رئيس الحكومة المؤقتة في الأيام القليلة الماضية... فأن يعقد السيد الباجي قائد السبسي - وفي نفس اليوم - ( أمس الأول ) سلسلة لقاءات مع بعض قيادات الأحزاب السياسية ومع رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ومع رؤساء هيئات ومنظمات وطنية مهنية ونسوية لتأكيد التزام الحكومة المؤقتة بموعد 24 جويلية كأجل محدد وثابت لاجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي فذلك يعني - من بين ما يعني - أن "غيمة" اللبس والغموض بل والخوف قد بدأت تنقشع - ولو نسبيا... ان انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المقررة بتاريخ 24 جويلية القادم والتي توفرت لها كل الأطر القانونية الضرورية ( مشروع المرسوم الانتخابي وتشكيل اللجنة العليا المستقلة للانتخابات ) هي موعد وطني مع التاريخ - بأتم معنى الكلمة - وجب على كل التونسيين التحلي بروح المسؤولية من أجل تأكيده وانجازه بعيدا عن أية حسابات حزبية أو ايديولوجية ضيقة - لا فقط - اكراما للشهداء الأبرار بل ووفاء بالعهد... "وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا".