نهاية الاسبوع المنقضي لم تخل من أخبار كثيرة من شأنها أن تزيد في قلق وانشغال المواطن العادي الذي بات ينام ويصحو على أخبار الاعتداءات اليومية المتكررة التي يتعرض لها في وضح النهار بكل ما يمكن أن تحمله تلك الاخبار من هواجس اضافية في هذه المرحلة الحساسة التي تستوجب تظافر كل الجهود من أجل تجاوز أزمة الثقة المتفاقمة بين الراي العام وبين الحكومة الانتقالية التي تقف على مفترق طرق بين سندان المطالب الشعبية المتفاقمة و بين مطرقة الارث المنهك لسنوات طويلة من الفساد والقمع و الظلم ...ولاشك أنه عندما تعلن وزارة الداخلية عن نجاحها في القبض عن متسللين اثنين الى الاراضي التونسية محملين بقنابل وحزام ناسف وربما أكثر من ذلك فان الامر لا يمكن أن يدعو المواطن البسيط الى الاطمئنان أوالارتياح, واذا كانت الوزارة اختارت القطع مع أساليب الماضي في التعتيم و دفع المواطن الى النبش عن أي معلومة تروي تعطشه للحقيقة على مواقع الفضائيات الاخرى فان الوزارة لم تقدم لهذا المواطن ما يكفي للحد من مخاوفه حتى أني أكاد أجزم أن السؤال الاكثر تداولا بين الجميع تمحور طوال نهاية الاسبوع حول حقيقة وجود القاعدة في تونس وحول حجم الخطر الذي يمكن أن تمثله في البلاد وماذا كان هناك علاقة بين تلك الوجوه التي تم ايقافها قبل أيام وبين من تم ايقافهما خلال اليومين الاخيرين وحول أهداف هذه المجموعة وحجم السلاح الذي لديها وهي تساؤلات مشروعة في ظل هشاشة الاوضاع الراهنة التي لايمكن تجاهلها أوالتقليل من أهميتها ...ومن المفارقات الحاصلة أنه في ظل غياب الاجوبة المقنعةالتي يمكن أن تزيل الكثير من الهواجس في النفوس أن يكون المواطن مرة أخرى على الموعد ليقف بالمرصاد لهؤلاء المتسللين ويكشف وجودهم في مناطق معينة على الحدود مع ليبيا. والارجح أن دورهذا المواطن اليوم المدعو للحذرسيكون حيويا في المساهمة في حماية الارض التي شهدت اندلاع أول ثورة في العالم العربي مع نهاية العقد الاول من القرن الواحد والعشرين و في حماية هذا البلد من كل المخاطرالتي تترصده في الداخل أو الخارج فليس سرا بالمرة أن أطرافا عديدة قريبة أو بعيدة عن حدودنا لا ترى فيما يحدث في تونس مثالا يحتذى وهي بالتأكيد لا تأمل في فشل هذه التجربة الفريدة فحسب ولكنها قد لا تتوانى في الدفع باتجاه اجهاضها ...واذا كانت شماعة التواطؤ والمؤامرات لغة الضعفاء في أغلب الاحيان فانها بالتأكيد سوف تجد لها في هذا الموقع أكثر من مبررلان المتربصين الذين يصرون عن الجذب الى الوراء هذه المرة كثر... أبو بطين وأبومسلم اتفقا على ترويع التونسيين و اجتمعا على أن يزيدا المشهد الراهن تعقيدا بما يدفع التونسيين الى الغرق في الشكوك والمخاوف و كل ما من شأنه أن يؤدي الى التيئيس والاحباط وقد فاتهما وفات من سبقهما أن أعين المواطن التونسي التي كانت بالمرصاد حتى الان لكل المناوئين والمراهنين على ارتداد الثورة وتراجعها هي نفسها التي تقف اليوم حارسا على الحدود لتكشف ما خفي من مخططات دنيئة ومحاولات للتخويف والترهيب للمواطن العادي . وسواء كان دخولهما بأمرمن أتباع القذافي الذي يبدو أنه يعيش حالة احتضار قادم في انتظارما يمكن أن تؤول اليه الساعات القليلة القادمة أو سواء كانت أيضا من تنظيم فلول ما يعرف بالقاعدة في المغرب الاسلامي فان الارجح أن في تونس شعب يصر بمختلف انتماءاته السياسية وشرائحه الاجتماعية على رفض التطرف بكل الوانه وأن هذا الشعب قد يختلف في الاراء والمواقف من القضايا البسيطة الى أكثرها تعقيدا الا أن هذا الشعب الذي لا يزال يبهر العالم بثورته المجيدة لا يمكن أن يقبل بمعاداة انسانية الانسان وحقه في الحرية والكرامة ولاأن يسمح بانتهاك سيادته فتلك خطوط حمراء لا تقبل المزايدات أو المساومات...ولهذا السبب فان القاعدة لا يمكن أن تجد لها بأي حال من الاحوال موقعا لها بين التونسيين أو حتى بين فئة منهم ...