اعتبرت د.ايزابيل شايفير الخبيرة الألمانية في العلاقات الدولية أن الثورتين الشعبيتين في تونس ومصر أقنعتا أوروبا بأخطاء رهانها على الدكتاتورية والأنظمة السياسية الاستبدادية وتنتهك حقوق الإنسان "مقابل ترويجها لصورة عنها تعرضها في موقف من يضمن أمن أوروبا ويمنع الهجرة غير القانونية ويتصدى للبديل السلفي المتطرف". وأوردت الخبيرة في العلوم السياسية الألمانية والباحثة في معهد العلوم الاجتماعية في برلين في حديث للصباح على هامش مشاركتها في ندوة نظمتها جمعية دراسات دولية بتونس أمس أن الحكومات الاستبدادية في تونس ومصر والمنطقة العربية كانت تسوق صورة مغلوطة عنها وعن خصومها ومعارضيها وكانت تحاول أن تقنع بكونها من يمثل تيار" الحداثة" المدعوم شعبيا مقابل" معارضة متطرفة تمارس العنف ومورطة في التطرف الديني أو متحالفة معه " لكن ما جرى ويجري من ثورات شعبية أكد عمق الفجوة بين الانظمة العربية الاستبدادية عامة والنظام التونسي خاصة وعموم الشعب الذي يبدو أن غالبيته ليست مسيسة ولا تنتمي ايديولوجيا الى التيارات المتطرفة". أخطاء استراتيجية وتعقيبا على سؤال ثان للصباح حول آفاق العلاقات الاوروبية التونسية والاوروبية العربية بعد ثورات الربيع اوردت الخبيرة الالمانية أن: "أوروبا مدعوة الى أن تقر أولا انها أخطأت في رهانها على الانظمة الدكتاتورية في تونس والمنطقة العربية . وعلى ساستها ان يعترفوا أنهم فوجئوا بهذه الثورات وبكون شعوب من المنطقة العربية نجحت في إزاحة حكامها الدكتاتوريين عبر ثورات شعبية سلمية رائعة فاجأت العالم اجمع...وبمنهجية تسجل لأول مرة في تاريخ المنطقة". واعتبرت مخاطبتنا أن "الثورة التونسية والثورات العربية دفعت أوروبا إلى إعادة النظر في عدد من المسلمات الخاطئة من بينها دعم الديكتاتورية مباشرة او غير مباشرة بسبب الخلط بين الإسلام والإرهاب ،الى جانب اعادة التفكير في مسلمات من بينها حاجة أوروبا الى إعطاء الأولوية في علاقاتها الدولية لأولوياتها الأمنية ومن بينها مكافحة الهجرة غير القانونية والارهاب والتاويلات السلفية للاسلام على حساب حق شعوب دول الجنوب في التنمية الاقتصادية والسياسية والانتخابات الديمقراطية ". ونوهت مخاطبتنا النموذح الاسلامي التركي الذي قدم قراءة تؤكد على التناغم بين الديمقراطية والقيم الاسلامية ومنطق احترام ارادة الشعب وسيادته والتعايش بين الاقلية والاغلبية..واعلنت ان اوروبا والعواصم الغربية ستحرض على انتشار هذا النموذج الاسلامي المعتدل في الدول العربية وليس التأويلات السلفية المتشددة للدين الاسلامي ". التخوفات من بروز "السلفيين" والعنف لكن الا تتخوف المانيا واوروبا وامريكا من بروز جديد للسلفيين المتشددين ومن نجاحهم في الانتخابات التعددية والديمقراطية التي ستنظم في المرحلة القريبة القادمة ؟ السيدة ايزابيل شايفر تعتبر ان "انتصار الثورة السليمة في تونس ومصر واندلاع الثورات في ليبيا واليمن ودول عربية اخرى كان اعلانا فعلا على انتهاء مرحلة الحركات المتشددة والتنظيمات المتطرف المسلحة ومن بينها حركة القاعدة . ويمكن ان نعتبر ان مقتل بن لادن حدثا رمزيا لنهاية دور "الحركات الجهادية المتشددة " وايذانا ببدء مسار التغيير السياسي السلمي.." لكن مخاطبتنا أقرت بوجود" تخوفات في اوروبا من ان تؤدي الثورات الديمقراطية الى صعود المتشددين الاسلاميين والى بروز اعمال عنف جديدة في المنطقة ومن ان تستفيد من الانتخابات الديمقراطية أساسا حركات مماثلة لحماس التي لم تقدم نموذجا مغريا للاعتدال السياسي..لذلك ستدعم اوروبا وحلفاؤها النموذج التركي وسترفض بروز التطرف والارهاب حولها..". الزواج المشترك والاندماج لكن ألا يكون بعض الساسة الغربيين يدعمون التطرف من خلال التقليل من اهمية حوار الثقافات ومن سيناريو "التعايش في مجتمعات متعددة الثقافات والديانات في اوروبا" ؟ الدكتورة ايزابيل شايفر أٌقرت بكون بعض الساسة البارزين في المانيا وفرنسا وبريطانيا اصدروا تصريحات تعلن "فشل مجتمع تعدد الثقافات" في اوروبا مع التركيز على فشل اندماج المسلمين ثقافيا في دولهم الجديدة التي يحملون جنسيتها وجوازها. لكنها قللت من مبررات التشاؤم وسجلت ما تكشفه الاحصائيات عن مزيد من الزيجات المشتركة والنجاحات بين انباء المهاجرين في وسائل الاعلام والمؤسسات الاقتصادية واعتبرت ان التجارب الايجابية كثيرة وان الفشل نسبي لان الاندماج الثقافي واقع معاش في اوساط المهاجرين والاجيال الجديدة منهم بالذات". واعتبرت أن "الحوار بين الثقافات مسار يتطور وليست حدثا ثابتا وأن صورة العربي في وسائل الاعلام الالمانية والغربية تحسنت كثيرا بعد ثورتي تونس ومصر والثورات العربية. واصبح العربي رمزا للنضال من اجل الديمقراطية والكرامة والحريات بعد ان كونت الصورة التي يحملها الغربيون عنه هي صورة الارهابي المتطرف". كمال بن يونس