من حق المحامين أن يدافعوا عن مهنتهم ، و من حق غيرهم أن يدافعوا عن مهنهم و أن يذودوا عن سلطتهم. و لكن ليس من حق أي طرف أن يبيح لنفسه ما يريد إنكاره على غيره. و لا يغيب عن أحد أن سلطة القضاء لا تعني القضاء بمفهومه الضيّق، و إنّما تعني منظومة تتحرّك بعدّة آليات في سبيل إقامة العدل و إعلاء كلمة الحق. و المس من إعتبار و هيبة هذه المنظومة هو مس بكل مكوّنات مؤسّسة العدالة. فإن لم يكن لبعض الأطراف القضائية أن تكيل التهم للمحاماة و تنعت سعيها إلى تغيير قانون ثبتت مساوئه، بأبشع النعوت، فإنّه الرد على الخطإ بخطإ مماثل، لا يحل أي إشكال بل سيعمّق الإختلاف، و يدفع نحو التأزّم .وقد سبق أن أشرت يوم الثلاثاء 2 ماي على أعمدة الصباح إلى أنه " إذا كان القول بأنّ سياسة "فرّق تسد" كانت هي السّائدة بين لسان الدّفاع والقضاء، بتغذية السّلطة، فإنّه لا شيء يبرّر الآن عدم الجلوس إلى طاولة واحدة للتّباحث حول الشّأن القضائي وعقد ندوات مشتركة للبحث عن سبل الإقلاع بمؤسّسة القضاء وإرساء أسس جديدة تعيد للقضاء سُؤدده..." و لكنّ ما صدر في الأيام الأخيرة كان عكس المنتظر. و دون الدّخول في المجادلات العقيمة ، فإنّه يجب التوقّف عن إشعال فتائل الخلاف ،في فترة تحتاج فيها البلاد إلى الإستقرار و إلى الإنصراف إلى العمل الجادّ دون السّقوط في معارك هامشية، فلنبادر بعقد ندوة حول الحصانة و سيفاجأ الجميع بالتوصّل إلى أن حصانة القضاء في حصانة المحاماة و أنّ الهدف الأسمى من هذه وتلك هي إيصال الحقوق إلى أصحابها و إقامة العدل ودحر الظّلم مهما كان مأتاه بإعتماد قوانين تضمن حماية الحقوق والحرّيات والممتلكات والذّوات وكذلك القيم النّبيلة .