بين حتمية تصويب أدائها.. و«افتكاك» موقع ضمن مسار المرحلة الانتقالية علمت "الصباح" أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي ستستأنف بداية الأسبوع (يومي الاثنين والثلاثاء) مناقشة مسودة "العهد الجمهوري"، ومشروع أمر يتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية وبضبط عدد المقاعد المخصصة لها لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي. وفق ما افاد به السيد غازي الغرايري الناطق الرسمي باسم الهيئة. واستنادا إلى أن مسألة تأجيل الانتخابات باتت مؤكدة على الأقل في ما يتعلق بفرضية التأجيل في انتظار حسم موعد الانتخابات نهائيا عبر اصدار أمر تصحيحي يعوض الأمر الأول، يبدو أن هيئة تحقيق أهداف الثورة سيتواصل عملها اسابيع أخرى باعتبار ان وجودها مرهون بتاريخ تنظيم الانتخابات، وفق ما ينص عليه مرسوم تأسيسها الذي ينص على أن مهام الهيئة تنتهي عند تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي. إذن ستجد الهيئة التي ارتقت في مهامها إلى ما يشبه الهيئة البرلمانية في بعض صلاحياتها (اقتراح ومناقشة مشاريع المراسيم وبعض الأوامر التطبيقية، مناقشة أداء الحكومة الانتقالية او المؤقتة، وما يقع من مستجدات وأحداث في البلاد خاصة الأمنية منها والسياسية..) أمام واقع تمطيط وجودها ومهامها لأسابيع أخرى تتجاوز تاريخ 24 جويلية كما كان محددا لها في بداية تأسيسها، وهو نفس حال الحكومة الانتقالية الحالية في صورة عدم استقالتها او قبول مواصلة عملها..
مهام الهيئة في الفترة المقبلة
وينتظر الهيئة عمل كثير في الفترة المقبلة وسط دعوات ملحة من قبل اعضائها إلى إعادة تصويب أدائها خاصة بالنظر في رغبة البعض اضفاء شرعية او صلوحية مراقبة الهيئة لعمل الحكومة، او تفعيل التشاور معها، واستدعاء اعضائها لمناقشة المسائل الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الملحة وتنظيم مهامها من خلال تشكيل لجان داخلية متخصصة، مع امكانية الإسراع بوضع نظامها الداخلي (الهيئة تعمل دون نظام داخلي منذ إحداثها).
افتكاك موقع في مسار المرحلة الانتقالية
وبالنظر إلى أن "الوفاق" بات أمرا حتميا وعنوانا ملحا لا مفر منه للمرحلة المقبلة المرتبطة بتاريخ تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي، ومخرجا يفرض نفسه بعد ميلاد هيكل جديد على الساحة الوطنية خطف الأضواء وشغل الراي العام ونعني به الهيئة المستقلة للانتخابات التي سيكون لها باع وشأن في تشكيل ملامح مستقبل البلاد وتأمين مسار الانتقال الديمقراطي المأمول إلى جانب الحكومة الانتقالية..فإن هيئة تحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي كما يوحي اسمها ستجد نفسها أمام خيار لا محيد عنه وهو محاولة افتكاك "موقع" يضمن لها المساهمة في تشكيل خيارات المرحلة الانتقالية التي تسبق موعد الانتخابات.
علاقة غير مستقرة
جدير بالذكر أن الجدل الذي رافق عمل الهيئة خلال الفترة المنقضية خاصة في ما يهم طبيعة علاقتها مع الحكومة والتي شابها نوع من التوتر في بعض الأحيان، كان في الحقيقية من بين عدة أسباب ساهمت في هدر الوقت والكثير من الجهد حتى بات من الصعب ومن شبه المستحيل تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي في 24 جويلية. وهنا نستذكر أبرز محطات الجدل والتوتر والأخذ والرد بين الحكومة والهيئة ابرزها تركيبة الهيئة في بداية انطلاق عملها، ثم الجدل الذي رافق تأويل مهامها وطبيعة صلاحياتها حسب المرسوم المحدث لها. ثم جاء حدث إقالة فرحات الراجحي وزير الداخلية السابق لتثير وتغذي التوتر الحاصل بين الحكومة والهيئة بعد أن طالب عدد من اعضائها اقالة وزير الداخلية الجديد..ولم تخفت حدة التوتر إلا بعد حضور السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة الانتقالية في جلسة نقاش مع أعضاء الهيئة..كما يتذكر الجميع حادثة التصريحات المثيرة لوزير الداخلية السابق وما تسببت فيه من توترات أمنية ونقاشات حول مضمونها ما تزال تداعياتها ونتائجها تلقي بظلالها إلى اليوم، بالتوازي مع الجدل الناشئ حول الفصل 15 من مرسوم انتخابات المجلس التأسيسي بين الحكومة والهيئة لم ينته الا بعد اعداد صيغة توافقية لهذا الفصل.. إذن وأمام حتمية البقاء ربما حتى 16 اكتوبر المقبل، سيستمر عمل هيئة تحقيق أهداف الثورة التي ستناقش قريبا مشاريع مراسيم حول الأحزاب والجمعيات، تمويل الأحزاب، الإعلام..وإعداد قائمات الممنوعين من الترشح للمجلس التأسيسي من مسؤولي التجمع المنحل ومن المناشدين للرئيس المخلوع. هيئة تحقيق اهداف الثورة هي اليوم أمام فرصة سانحة ليس فقط للتموقع من جديد ضمن المشروع الديمقراطي ولكن أيضا لإقناع الرأي العام بجدوى مهامها خاصة في ما يهم تحقيق اهداف الثورة فعلا وعملا مهما الوان التيارات السياسية او الفكرية الممثلة داخل الهيئة..
مقاعد المجلس التأسيسي..
تجدر الاشارة الى أنه ضبط مقاعد المجلس التأسيسي سيتم على أساس احصائيات السكان في غرة جانفي 2011، وحدد العدد الجملي للمقاعد بالمجلس الوطني التأسيسي ب215 مقعدا منها 199 مقعدا موزعة على الدوائر الانتخابية داخل تونس و16 أو 20 مقعدا للتونسيين بالخارج خاصة وأن هناك مقترحين اثنين مقدمان في هذا الخصوص فالمقترح الأول ينص على 5 دوائر تضم 16 مقعدا والمقترح الثاني ينص على 8 دوائر انتخابية تضم 20 مقعدا. وفي كلا المقترحين تستأثر فرنسا بدائرتين و10 مقاعد تليها ايطاليا بدائرة انتخابية واحدة و3 مقاعد ثم ألمانيا بدائرة واحدة ومقعدين اثنين.