اقتنع جل أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في الجلسة الاخيرة التي جمعتهم بأعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بأن اجراء انتخابات 24 جويلية أمر مستحيل وأن التأجيل الى 16 أكتوبر يمكن من احترام الروزنامة الضرورية بما يكفل اجراءها طبقا للشروط في كنف الشفافية. وتتمثل الموانع التي تعللت بها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في حجم التحديات القانونية والضغوطات الزمنية التي تواجهها الهيئة وأيضا معطيات موضوعية ترتبط أساسا بعدم استيفاء الشروط الفنية والبشرية واللوجيستية.. وإذا كان الوزير الأول الباجي قائد السبسي قد أعلن في فرنسا بمناسبة مشاركته في قمة الثماني أنه يمكن تأجيل الانتخابات بضعة أسابيع أخرى بعد موعد 24 جويلية، فإن هذه الفترة المقصودة قد تصل الشهرين مما يعني أن النية متجهة الى تأجيل الانتخابات لكن ليس تحديدا الى 16 أكتوبر بل سيقع اقتراح موعد آخر رغم تمسك الهيئة العليا المستقلة بالتاريخ الذي قررته.. ولاحظ رضا بوزريبة عضو الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أن موعد 24 جويلية يمكن اعتماده في حال اجراء انتخابات رئاسية لكن انتخابات المجلس التأسيسي تستدعي وقتا أطول من حيث اعداد القوائم اذ يقول: «إن تكوين المراقبين المستقلين للانتخابات يتطلب الوقت وأما الاختيار عليهم فهو أصعب مرحلة لأنهم سيكونون متواجدين في 27 دائرة انتخابية تنتمي اليها مكاتب اقتراع وفي كل مكتب يجب توفر 3 مراقبين يشترط ألا يكون لأي منهم انتماء سياسي أو ميل لهذا الطرف أو ذاك وألا يكونوا تجمعيين أيضا.. اي عمليا، من الصعب توفير 21 ألف مراقب في 7 آلاف مكتب اقتراع يشترط في البداية حسن اختيارهم والتثبت من الطعونات في شأن البعض منهم ثم تكوينهم في طريقة مراقبة الانتخابات.. كما أن المسألة متعلقة أساسا بتوفير آليات العمل من حواسيب وشبكة معلوماتية كاملة لضمان نجاح العملية الانتخابية».. المهام والمصاعب وبما أنه من مهام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اعداد القائمات الانتخابية وضبط قائمة الناخبين والاعلان عن حلول آجال تعليق القائمات الانتخابية ومراقبة ضبط القائمة الانتخابية بتونس والخارج وقبول مطالب الاعتراضات والطعون المتعلقة بقائمات الناخبين فإنه لا مناص من التأجيل إذ يقول محدثنا:« من أصعب المسائل الاخرى اعداد قائمات الناخبين والمترشحين، ورغم أن بطاقات التعريف الوطنية تحتوي أرقاما فإن المشكل القائم يتمثل في عناوين الناخبين المترشحين في الآن ذاته والتثبت من عناوينهم ومهنهم مع سحب الممنوعين من الترشح.. كما أن الاشكال القائم أيضا يتعلق بمواطنينا بالخارج فأكثر من مليون شخص متواجدون بالخارج وعناوين أغلبهم المضمنة في بطاقة التعريف الوطنية في تونس مما يعني أن تسجيلهم معقد... بالإضافة الى أن نشر القائمات والتثبت منها يستدعي وقتا طويلا فضلا عن المدة اللازمة لتسجيل الاعتراضات والتثبت منها.. وكل هذه الاجراءات تحتاج لمدة زمنية هامة».. لا شرعية إلا للوفاق وحول مصير الحكومة المؤقتة بعد 24 جويلية قال رضا بوزريبة «الحكومة الحالية كان من المفترض أن ترحل منذ 15 مارس ولما كان بمقدورها المواصلة حتى 24 جويلية فإنه بمقدورها البقاء في اطار الوفاق وطبيعة المرحلة وإذ ستطلب الاحزاب مزيد تشريكها فإنه في مثل هذه الحالة لا يمكن الحديث عن الشرعية ولا أي شيء آخر غير الوفاق.. وبينما ترى بعض الاطراف أن تأجيل الانتخابات سيكون له انعكاس سلبي على عديد المجالات الاقتصادية فإنه لأغلب المهتمين بالشأن السياسي رأي مخالف ومنهم رضا بوزريبة الذي يؤكد أنه من مصلحة تونس اجراء انتخابات شفافة وديمقراطية لضمان جلب الاستثمار لأن عديد المستثمرين الأجانب والمحليين كانوا يعرضون عن بعث مشاريع بسبب غياب الشفافية.. وفي الاطار ذاته أشار فاضل موسى عميد كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية الى أن المخاطر التي يمكن أن تنجر عن موعد 24 جويلية اكبر بكثير ممّا يمكن أن تحدث في 16 أكتوبر حيث يقول:« صحيح أن بعض الاطراف ربطت بعث بعض المشاريع الاستثمارية بنتائج الانتخابات لكن من حيث المنطق لكل انتخابات مضار وفوائد مهما كان التاريخ الذي ستجرى فيه كما أن المنطق ذاته يفرض علينا عدم الدخول في عملية انتخابية نحن غير جاهزين لها.. كما أنه حتى الهيئة المستقلة للانتخابات لا تقبل على نفسها المجازفة حتى لو تم جلب مختصين وما إلى ذلك من الامكانيات فإن موعد 24 جويلية لا يمكن أن يتحقق واعتقد أن الشعب الذي قام بالثورة عليه أن يتحمّل ليعطيها فرصة النجاح كما يجب فحتى المواطنين الذين سينتخبون لا يمكن حصرهم الا بعد التثبت من بطاقات التعريف الوطنية زيادة عن كل ذلك نحن لا نعرف عدد المنتخبين فالعدد المصرّح به في السابق في حدود 4 ملايين لكن تبين أنه رقم مغلوط وعدد الناخبين في حدود 7 ملايين إذن علينا التثبت من 3 ملايين ناخب لم نكن نعرفهم في السابق أو لم يمارسوا حقوقهم.. ثم لا ننسى الضغط الذي سيسجل على مصالح استخراج بطاقات التعريف الوطنية وهذا الأمر لا يمكن ان يحصل بين ليلة وضحاها.. إذن المسائل ليست بالسهولة التي نتصورها...