نور الدين عاشور بمصادقة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة على الأمر المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية وتشكيل لجنة لإعداد قائمات في الممنوعين من الترشح للانتخابات يمكن القول أن هناك خطوة هامة قد قطعت في سياق الإعداد لانتخابات المجلس التأسيسي بينما مازالت العملية تتطلب تحقيق تقدم سواء فيما يتعلق بالمراقبين أو بالتسجيل في القائمات الانتخابية وغيرها من الاستعدادات للحدث. لكن من المؤسف أن الغموض مازال يحيط بتاريخ نهائي للانتخابات عبر وفاق من جانب كل مكونات الساحة السياسية ومختلف الأطراف المعنية.. فوضع الترقب والانتظار لا يخدم مصلحة البلاد بل يوحي بانعدام الرغبة الحقيقية في حسم المسألة وبمحاولة تنصل عديد الأطراف من المسؤولية وهي بالتأكيد مسؤولية جماعية لا يمكن أن تلقى على عاتق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. لقد كان يفترض أن تكون عملية الإعداد للانتخابات عبر التشاور والحوار المستمرين غير أن المأزق الذي وجدت البلاد نفسها فيه من شأنه أن يقلل من ثقة المواطن في مختلف الأطراف من أحزاب وهيئات وحكومة مؤقتة ويعرقل عملية تطبيع الأوضاع في وقت لا يشك أحد أن البلاد في حاجة أكيدة لإعادة بناء اقتصادها وتوفير ظروف مواتية للاستثمارات التونسية والأجنبية ومعالجة الأوضاع الاجتماعية. كل ذلك يجب أن لا يتم تأجيله إلى ما بعد الانتخابات التي نجهل موعدها النهائي فليس من مصلحة البلاد تعليق النظر في الملفات الهامة لأن فترة ما بعد الانتخابات ربما قد تستأثر بها مسائل هامة قد تثير نقاشات وجدلا خصوصا صياغة الدستور وتشكيل حكومة منبثقة عن المجلس التأسيسي. ولا يبدو أن هناك مفرا من تحديد موعد يحظى بالإجماع للانتخابات فلا بد من التوفيق بين ما هو تقني وما هو سياسي ولا بد بين هذا وذاك من وضع مصلحة التونسيين فوق ذلك..صحيح أنهم يريدون رؤية واضحة في كل ما يتعلق بالانتقال الديمقراطي لكن في الأثناء لا يجب إغفال مصالحهم العاجلة والآجلة فهم يريدون وضعا مطبعا كما يريد الآلاف الظفر بمواطن شغل تحفظ كرامتهم وتجعلهم مشاركين في العمل الإنمائي. الأمر لا يتطلب معجزة بقدر ما يتطلب الإسراع في توضيح الأمور لأن الغموض وضع لا يتماشى وطموحات التونسيين الذين ما زالوا ينتظرون أول الأخبار السارة بعد الثورة..فتحديد موعد نهائي للانتخابات من خلال وفاق أفضل من الوعود التي ولى عهدها ولن يعود.