انفردت «الصباح» يوم أمس بنشر نسخة من المنشور الداخلي الصادر عن وزير الثقافة في الحكومة المؤقتة السيد عزالدين باش شاوش والموجه الى كافة العاملين بالمعهد الوطني للتراث يعلمهم فيه بقرار سلطة الاشراف وضع نظام تسيير جديد في صلب المعهد يتولى بمقتضاه السيد وزير الثقافة بنفسه - مؤقتا - مهمة تسييره. «القرار جاء لاعتبارات مصلحية وطنية عديدة ومختلفة... وهو لا يستهدف شخصا أو مسؤولا اداريا بعينه»، بهذه العبارة افتتح السيد عزالدين باش شاوش حديثه لمجموعة الصحفيين الذين دعاهم الى مكتبه - صباح أمس - لمزيد توضيح دواعي القرار وأهدافه... ففضلا عن حالة الاهمال التامة والمؤسفة التي أصبحت عليها كبرى المواقع الأثرية في البلاد التونسية بفعل حركة الاضرابات والاحجتجاجات المطلبية المتتالية التي نظمها - على امتداد الفترة الماضية - العاملون في القطاع وخاصة منهم أولئك التابعين للمعهد الوطني للتراث من عملة وباحثين ومهندسين وموظفين والناتجة عن حالة التوتر في العلاقات الانسانية و»الشغلية» وانعدام الثقة التي أضحت قائمة بينهم وبين الادارة... فان من بين الدواعي الأخرى التي اقتضت اصدار هذا القرار - يقول وزير الثقافة - مراعاة المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى والمتمثلة أساسا في ضرورة الأخذ في الاعتبار ضمان الحقوق المادية للعاملين في القطاع - من جهة - وكذلك في الحفاظ على سلامة المواقع الأثرية الوطنية وحمايتها من كل أشكال الاعتداءات اللصوصية والاهمال - من جهة أخرى -... اذ لا يعقل - مثلا - والكلام دائما للسيد عزالدين باش شاوش أن يبقى أكثر من ألفي عامل في القطاع بين قارين وغير قارين موزعين على مختلف المواقع الأثرية عبر تراب الجمهورية - ومنهم من قضى أكثر من خمس سنوات في خطته - بدون ضمانات اجتماعية كما لا يعقل أيضا ألا يجد هؤلاء مخاطبا لدى ادارة المعهد الوطني للتراث يرتاحون اليه ويستثيقونه ليبسطوا عليه انشغالاتهم الملحة...
كي لا يتواصل العبث بالرصيد الأثري لبلادنا
أيضا سيكون من العبث واللامسؤولية أن تتواصل حالة الاهمال والتسيب وغض الطرف عن جرائم العبث بالرصيد الأثري لبلادنا بالسرقة واقامة البناءات على الأراضي الأثرية ولا تحرك سلطة الاشراف ساكنا... ولأن جزءا من حالة الاهمال هذه - يضيف وزير الثقافة - هي ناتجة عن توتر العلاقة الانسانية والشغلية القائمة اليوم بين اطارات المعهد الوطني للتراث من عملة واداريين ومهندسين وباحثين... تصوروا مثلا - يقول السيد عزالدين باش شاوش - أن عملة وحراس أحد المواقع الأثرية منعوا حافلات لسياح أجانب قدمت لزيارة هذا الموقع الأثري بدعوى أنهم ينفذون اعتصاما احتجاجيا بالموقع لأن ادارة المعهد الوطني للتراث لم تستمع اليهم ولم تقبل التحاور معهم... أمام هذا الوضع المتأزم واللاطبيعي - يضيف وزير الثقافة - كان لابد لسلطة الاشراف أن تتحرك من أجل ايجاد حل لهذه الوضعية القائمة بهدف اعادة الثقة بين الاطار العامل في القطاع بمختلف رتبه ومستوياته والادارة - من جهة - ومن أجل اعادة الطمأنينة للنفوس - من جهة أخرى - حتى ينصرف كل الى أداء مهمته الوطنية المقدسة المتمثلة في الحفاظ على كنوزنا وثرواتنا الأثرية وحمايتها من كل أشكال العبث... تلكم هي دواعي اصدار المنشور المتعلق باحداث نظام تسيير جديد في صلب المعهد الوطني للتراث والكلام دائما للسيد عزالدين باش شاوش - والذي بمقتضاه سأتولى شخصيا وبصفة مؤقتة مهمة تسيير المعهد... لا أكثر ولا أقل...