لماذا بقي قطاع توريد السيارات يعمل بعقلية ما قبل 14 جانفي؟ من المعروف ان قطاع توريد السيارات كان في العهد السابق حكرا على عائلة الرئيس المخلوع وأصهاره، لما لهذا القطاع من فوائد وأرباح مالية كبرى. حتى أن الرئيس المخلوع كان يمنع الشركات المتعاملة مع اليابان مثلا من استيراد أنواع السيارات التي تزاحم ماركات عائلته بممارسات تعسفية تخالف القانون الذي ينظم القطاع. واليوم بعد رحيل النظام السابق، يبدو أن بعض ممارساته ظلت قائمة من ذلك أن الفيتو الذي رفعه أمام استيراد السيارات اليابانية دون موجب أو سند ما زال قائما في الوقت الذي خلنا فيه أن القطع مع الماضي قد تم. فأرقام مبيعات السيارات في تونس خلال الأربعة أشهر الأخيرة من سنة 2011 أي في الفترة التي تلت مباشرة رحيل بن علي تدل بما لا يدع للشك أن الإدارة مازالت محافظة على نفس الإجراءات والتراتيب والأوامر السابقة حيث لم تتعد مبيعات "تويوتا" مثلا ال 250 عربة من بين 10500 سيارة جديدة بيعت خلال أشهر جانفي وفيفري ومارس وأفريل من السنة الحالية الشيء الذي يجعلها تحتل المرتبة العاشرة والأخيرة من بين الماركات الأخرى الفرنسية والألمانية والإيطالية بالرغم من إحتلالها المرتبة الأولى عالميا. وبالرجوع الى كراس الشروط الخاص بتجارة وسائل النقل البري المصنوعة محليا أو الموردة، فان الفصل الثالث من القرار المؤرخ في 10 أوت 1995 ينص على أن السيارات الموردة تخضع لترخيص مسبق من اللجنة الوزارية المشتركة مدته سنة. لكن تم تنقيح كراس الشروط بمقتضى القرار المؤرخ في 5 فيفري 1999 وهو ما يعني إلغاء الترخيص المسبق وتحرير عملية التوريد. وتمت دعوة الشركات المعنية للإمضاء على كراس الشروط الجديد وهو ما يعني دخوله حيز التنفيذ وهو ما تم تنفيذه بالنسبة لشركة "النقل" التي إنتفعت بعد إنتقال ملكيتها إلى صهر الرئيس المخلوع بامتياز توريد سيارات كورية الصنع من نوع Kia. ولكن ما راع الشركات الموردة للسيارات اليابانية إلا تواصل تجاهل التنقيح ومواصلة العمل بالفصل الثالث من القرار المؤرخ في 10 أوت 1995 رغم حذفه سنة 1999. وإن كان الأمر مفهوما قبل الثورة، فان اليوم لا بد من فتح سوق السيارات وتحقيق العدل في التوريد وفسح المجال أمام المنافسة الشريفة من خلال الانفتاح على الأسواق الاسياوية مثلما هو حال الأسواق الأوروبية.وهو ما يخدم الاقتصاد التونسي ويخدم المواطن خاصة أن السيارات اليابانية عرفت بانخفاض أسعارها وطول حياة قطع غيارها. وتؤكد الشركات الممثلة للماركات اليابانية اليوم في تونس أنها مهددة في وجودها بحكم الصعوبات التي تمر بها القطاعات الإقتصادية ذات الصلة وخاصة السياحة إذ أنها تورد أنواعا محددة من السيارات موجهة إلى قطاعي السياحة وسيارات الأجرة والنقل العمومي الجماعي، وهي قطاعات تشهد صعوبات ظرفية انعكست سلبا على نشاطها بحيث تراجعت مبيعاتها منذ مطلع السنة الحالية بنسبة تناهز المائة بالمائة. يضاف إلى ذلك احتداد المنافسة مع الشركات المتعاملة مع مصنعين أوروبيين في مجال السيارات ذات الدفع الرباعي والذي كان ترويجها مقتصرا في السوق التونسية على الماركات اليابانية بما يجعلها في وضع منافسة غير متكافئة حيث يفسح المجال لمؤسسات لترويج كل أنواع السيارات، وأخرى تقتصر على أنواع دون غيرها.