بقلم آسيا العتروس في الوقت الذي كنا ننتظر فيه "هجمة" بشرية غير مسبوقة لابناء تونس في الخارج، وفي الوقت الذي كنا ننتظر أن تحطم لغة الاحصائيات كل الارقام القياسية للمهاجرين التونسيين، وفي الوقت الذي كنا نأمل أن نسجل اقبالا منقطع النظير للتونسيين في الخارج في هذا الموسم الصيفي جاءت الانباء لتؤكد العكس وتؤشرالى تراجع لا يستهان به في نسبة حجوزات التونسيين بالخارج مقارنة بالصائفة الماضية وذلك في الوقت الذي تتراجع فيه نسبة ايرادات السياحة بأكثر من أربعين بالمائة... طبعا نتفهم مخاوف المهاجرين التونسيين من العودة في الظروف الراهنة وهي مخاوف قد تختلف أسبابها بين تداعيات الازمة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على الجميع وتفاقم البطالة وارتفاع الاسعار تماما كما نتفهم انشغالهم بسبب الوضع الامني في البلاد وعدم المامهم بشكل موضوعي ومتكامل بمجريات الاحداث والتطورات المتسارعة بعد خمسة أشهر على هروب المخلوع ولجوئه الى السعودية وما يمكن أن يثيره هذا الوضع من احجام لدى الكثيرين خاصة لدى الاباء بشأن قضاء العطلة الصيفية في ربوع البلاد والتمتع بنسمات الحرية التي غيرت وجه تونس وأخرجت البلاد من حالة الجفاف والتصحر نتيجة الطوق المفروض على العقول والقلوب وحتى على المشاعر الى حالة لم نعهدها من قبل من التنافس بين مختلف الاراء والافكار والتوجهات السياسية والايديولوجية وغيرها... ندرك أنه لا أحد أيا كان موقعه بامكانه أن يفرض على أحد تغيير قناعاته ولكننا في المقابل ندرك أيضا َأن تونس اليوم بحاجة لكل أبنائها كل من موقعه من أجل دعم الاستثمارات وخلق المزيد من الفرص لتشغيل الشباب واحياء الامل في النفوس والحد من قوافل سفن الموت وسماسرة البشر والمتاجرين بأحلام الشباب كل ذلك بما يمكن أن يساعد على انقاذ ما يمكن انقاذه من الموسم السياحي وتعزيز المشهد الاقتصادي. أكثر من مليون تونسي يعيشون في الخارج وهؤلاء يمثلون نسبة لا يستهان بها من أصوات التونسيين الانتخابية في المستقبل ودورهم وكلمتهم أساسية في الحوار الوطني بكل تجاذباته ولكن أيضا بما سيؤول اليه من خيارات مستقبلية... لقد قدمت لنا تونس الكثير وهي اليوم تمنحنا بفضل ثورة أبنائها فرصة تاريخية لبناء المستقبل وقد استحقت تونس منا أن نرد لها بعض الجميل وألا نكون أقل من الرئيس الامريكي كينيدي عندما خاطب الامريكيين قبل نحو خمسة عقود ألا يسألوا ماذا ستقدم لهم أمريكا ولكن ماذا سيقدم كل أمريكي لبلاده...