هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    تعرفش شكون أكثر لاعب سجل حضوره في دربي الترجي والإفريقي؟    سحب وأمطار بالشمال وانخفاض طفيف في الحرارة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    إعداد منير الزوابي .. غيابات بالجملة والبدائل جاهزة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الاقتصادية العالمية وتد اعياتها على تونس
عزام محجوب أستاذ جامعي وخبير دولي
نشر في الشعب يوم 03 - 04 - 2010

عندما نتحدث عن الأزمة العالمية الراهنة وتداعياتها على اقتصاديات البلدان لا بدّ أن نقر في البداية بأنّ الأزمة ليست مفردا وإنما هي أزمات تتالت وتلاحقت من حيث التأثيرات في السنوات القليلة الماضية: أزمة غذائية، أزمة الطاقة التي خلفت بآثارها خاصة سنة 2008 أزمة مالية وأزمة اقتصادية واشتدّت إنعكاساتهما السلبية خلال 2009 ولا زالت تداعياتهما متواصلة ولو بصفة أقل نسبيا ومتفاوتة سنة 2010...
سنركّز المداخلة على تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة مع التذكير بأنّ أزمة الغذاء وأزمة الطاقة [ارتفاع شديد للأسعار] أثرتا في الاقتصاد التونسي سنة 2008 حيث نظرا للعجز [العرض أو الإنتاج لا يلبي الطلب أو الاستهلاك] واللجوء إلى الاستيراد تفاقم العجز في ميزان المدفوعات الجارية (مع الخارج) Balance des paiements courants فتضاعف تقريبا حجم العجز كنسبة من إجمالي الناتج المحلي من 2،6% إلى 4،6%. كما أنّ نسبة التضخم ارتفعت [مؤشر الأسعار للاستهلاك] إلى 5% سنة 2008 في حين أنها كانت 3،1% سنة 2007. وعموما تقلّص نسبيا نسق النمو الاقتصادي من 6،3% إلى 4،6% بين 2008 و2007. وهذا بالتأكيد قد أثر سلبا على إحداثات الشغل التي تقلصت بما يقارب 10000 حيث مرّت من 80200 إلى 70300. أمّا الأجر الأدنى SMIG فلقد مرّ من 239،824 دينار إلى 251،800 دينار بين 2008 و2007. وإذا أخذنا بعين الاعتبار التضخّم فنجد أنّ الزيادات تأتي غالبا بعد ما تضرّرت الطاقة الشرائية للأجير لاسترجاعها Rattrapage وبالتالي استقر الأجر الأدنى الحقيقي سنة 2008 في حدود 195 دينار تقريبا (إذا اعتمدنا على مرجعية أسعار 2000). أمّا الأجر الأدنى في الزراعة فقد تقلصت نسبيا قيمته الحقيقية (حسب مرجعية أسعار 2000) من 6.313 دينار سنة 2007 إلى 6.018 دينار سنة 2008.
أمّا الأزمة المالية العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، فتداعياتها على تونس كانت ضعيفة جدّا لقلة أو انعدام ارتباط الجهاز المالي والمصرفي التونسي بالمنظومة المالية الدولية من جهة وضعف سوق المال (البورصة) الداخلية من جهة أخرى.
أما القناة التي رشحت لتمرير انعكاسات الأزمة المالية [تجفيف أو تعسير الاقتراض من طرف المؤسسات المالية الخاصة] هي لجوء البنك المركزي إلى الاقتراض سنويا لدى المؤسسات المالية الخاصة لتغطية نسبة من موارد ميزان الحسابات المالية Recettes de la balance des opérations de capital et financières ولتفادي الوقوع تحت شروط اقتراض مجحفة عدل البنك المركزي في 2008 و2009 (وربما سنة 2010) إلى اللجوء إلى الممولين الخواص.
هذا ومن المعلوم أنّ نسب الهشاشة والطاقة الذاتية للتكيف والتعامل مع مثل هاته الصدمات مرتبط بعدّة عوامل ومن بينها على المستوى المالي: حجم الاحتياطي من العملة الصعبة وحجم عجز ميزان الدفعات الجارية وحجم عجز ميزانية الدولة، يعني بقدر ما يكون الاحتياطي من العملة مرتفعا ومستويات العجز في الدفعات الجارية وميزانية الدولة ضعيفة كانت نسبة التعامل مع التأثيرات السلبية قوية نسبيا.
أما على المستوى الاجتماعي فكلما كانت نسبة البطالة مرتفعة إبان اندلاع الأزمة كلما كانت الهشاشة أشدّ وبالتالي إمكانية تخفيف حدّة الانعكاسات الاجتماعية أقل.
فعلى الصعيد المالي سجل منذ سنة 2008 كما ذكرناه التدهور في ميزان الدفوعات الخارجية حيث أصبح العجز يمثل 4،3% من إجمالي الناتج المحلي. في حين أنّ ميزانية الدولة سجلت تقلصا سنة 2008 بالمقارنة ب 2007 حيث أصبحت نسبة العجز تمثل 1،1% من إجمالي الإنتاج المحلي في حين كانت بمعدل 3% في السنوات السابقة. أما الاحتياط من العملة فكان يقدر بأكثر من 13 مليار دينار سنة 2009 (184 يوم استيراد) مقابل 9،6 مليار تقريبا في أواخر 2007. بالاعتماد على هاته المعطيات الكمية فمواقع الهشاشة مرتبط أساسا بعجز ميزان الدفوعات الجارية ومستوى البطالة سنة 2007 (14،1%).
في حين أنّ لتونس هامشا للتعامل مع الأزمة بالنظر إلى مستوى عجز ميزانية الدولة المنخفض نسبيا وحجم الاحتياط من العملة سنة 2008 المرضي نسبيا.
الأزمة الاقتصادية: 4 قنوات لتمريرها
عموما هناك 4 قنوات لانتقال الأزمة إلى بلادنا:
1. التجارة الخارجية
2. الاستثمار الخارجي المباشر
3. عائدات السياحة
4. تحويلات المقيمين بالخارج
إن نسب هشاشة الاقتصاد وطاقته الذاتية للتعامل والتكييف مع الأزمة [تخفيف أو تجنب الآثار] مرتبطة بحجم الدور التي تلعبه هاته العناصر الأربعة في الاقتصاد [تأثيرها على نسق النمو والموازنات الاقتصادية الكبرى]. من هذا المنظور فإنّ تأثر أو قابلية التأثر بالأزمة في تونس متأتي أوّلا من النسبة المرتفعة في الانفتاح التجاري يعني في دور التجارية الخارجية حيث تمثّل كل من الصادرات والواردات كنسب من إجمالي الناتج المحلي بين 50% و60% وبالتالي هناك حساسية مرتفعة جدا بالنسبة لعامل التصدير (ثم التوريد) زد على ذلك أنّ 70% وأكثر من التجارة الخارجية التونسية مرتبطة بالاتحاد الأوروبي وكلما عرف هذا الأخير ظرفا اقتصاديا إنكماشيا إلاّ ونتج عنه هبوط في الصادرات وبالتالي في نسق النمو. وهذا بالضبط ما حصل نظرا أنّ الإتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأساسي قد تضرّر بشدة بالأزمة وتداعياتها الاقتصادية، وهو الذي بالمقارنة يجد في الوقت الحالي صعوبات كبيرة لاسترجاع نسق النمو ما قبل الأزمة. فمن هاته الزاوية فإن الصادرات التونسية عرفت خلال 2009 تراجعا كبيرا بنسبة 17،7% [ 19،5 مليار دينار سنة 2009 مقابل 23،6 مليار دينار سنة 2008].
وبدوره هبط حجم الواردات بنسبة 15،7% [ 25،7 مليار سنة 2009 مقابل 30،2 مليار سنة 2008]. فتراجع التجارة الخارجية أثّر بدوره على نسق النمو حيث نزل هذا الأخير إلى 3،1% سنة 2009 مقابل 4،6 % سنة 2008.
علما أنّ الصادرات المعملية manufacturières تمثّل الجزء الأكبر من الصادرات التونسية. فبالتالي عرفت هاته الصادرات من المنتوجات المعملية انهيارا مرافقا لتراجع إنتاج قطاع الصناعات المعملية. فعرف هذا الأخير هبوطا بنسبة 5،9%. وكان قطاع النسيج والملابس المتأثر الأكبر حيث كان النمو سلبيا بقدر 15،2 - % في حين كان 8،9 - % بالنسبة للصناعات الكهربائية ولميكانيكية.
إنّ بوادر استرجاع الانتعاش الاقتصادي وإن كان بالمقارنة بطيئا ومعتدلا في الإتحاد الأوروبي خلال 2010 و2011 قد يؤثر إيجابيا على تونس حيث يتوقع أن ترتفع نسب النمو من 3،1% سنة 2009 إلى 4،1% سنة 2010. وهو بالتالي دون معدلات 2006 (5،4%) و 2007 (6،3%) و 2008 (4،6%). وهنا لا بدّ من الإشارة أنه لو قارنا نسق النمو الحاصل في 2008 و2009 والمتوقع ل2010 بما تم رصده في المخطط الحادي عشر (2011 ? 2007) 6،1% كمعدل نرى وأننا خسرنا من جراء الأزمات ما يزيد عن نقطتين من النمو ولهذا الأمر تأثير قوي على سوق الشغل حيث وكما سلف ذكره فإن الهشاشة الاجتماعية عند حدوث صدمات مرتبطة بنسبة البطالة. فمن المعلوم أنّ نسبة البطالة الجملية كانت 14،3% [2002-2006] و 14،2% سنة 2007. ومنوال التنمية في المخطط الحادي عشر كان يتوقع تقليص مستوى البطالة الجملية إلى 13،4% [ أقل من نقطة] بالاعتماد على نسق نمو متوسط ب 6،1% مع رفع عدد مواطن الشغل الجديدة من 74400 كمعدل [2002-2006] إلى 82400 [2007-2010].
علما وأنّه من المتأكد أن نسق النمو المتوسط منذ سنة 2008 في حدود 4% فقط فما من شك أنّ نسبة البطالة مرجحة للارتفاع وأنّ نسبة تغطية طلب الشغل الإضافي ستتراجع إذ تفيد الأرقام الرسمية خلال 2008 أنّ عدد مواطن الشغل الجديدة نزلت إلى حدود 58000 ]بالمقارنة بما رصد في المخطط الحادي عشر 82400].
هذا وكما أعلن رسميا فقد خسرت تونس خلال (2009) 38000 موطن شغل في الصناعات التحويلية لأسباب ظرفية مرتبطة بتداعيات الأزمة مما جعل نسبة البطالة في ازدياد سنة 2009، 14،7 % مقارنة ب 14،2 % في 2008 و14،1% كمعدل بين 2004 ? 2007.
نعم إنّ تداعيات الأزمة ليست على المدى القصير بل المتوسط أيضا حيث أنّ هدف الارتفاع إلى نسبة نمو 6% للتخفيض و لوبصفة متواضعة في البطالة يبتعد أكثر جراء الأزمة.
أمّا القنوات الأخرى لانتقال الأزمة فهي تلك المتعلقة بالاستثمار الخارجي المباشر والسياحة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج.
الاستثمار الخارجي المباشر
تفيد الأرقام الرسمية الأخيرة والصادرة عن البنك المركزي أنّ الاستثمار الخارجي المباشر قد انخفض بشدة بين 2008 و2009 من 3،4 مليار دينار وأصبح 2،3 مليار وهو تقريبا حجم سنة 2007. وكما كشفت عنه بعض المصادر الإعلامية فإنّ الرجة المالية التي هزّت ظُبَيْ أثرت على وضع المشاريع الكبرى التي كانت مبرمجة لتونس حيث تمّ تجميد أو تأخير أو إلغاء عدد من هاته المشاريع العملاقة التي تقدّر بعشرات المليارات1.
فيما يخص القطاع السياحي
ففي حين شهدت سنة 2009 تراجعا طفيفا في عدد الوافدين الغير مقيمين من 7049،7 ألف إلى 6901،4 ألف، فقد عرفت العائدات بالدينار التونسي ارتفاعا طفيفا ومرّت من 3،39 مليار إلى 3،46 مليار. ويمكن القول أنّ هناك شبه استقرار في قطاع السياحة خلال 2009 أو تراجعا محدودا إذا احتسبنا العائدات بالأورو. ولا من شك أنّ قطاع السياحة قد تضرّر من تداعيات الأزمة خاصّة عندما نقارن نسق نمو العائدات في السنوات الماضية بما حصل سنة 2009 [2% فقط مقارنة ب 9% بين 2005 و2008]. ولكن كان هذا الضرر أقل حدة مقارنة بالصناعات المحلية التصديرية حيث كان نسق النمو سلبيا.
أمّا تحويلات التونسيين بالخارج
فهي لم تشهد تراجعا رغم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي سادت خاصة بأوروبا حيث يعمل أغلبية المهاجرين التونسيين فمن 2،4 مليار دينار ارتفعت التحويلات إلى 2،6 مليار دينار بين 2008 و2009 أي بنسبة 8%. في حين كان معدل نمو التحويلات 10،4% بين 2005 و2008 ،لو احتسبنا بالأورو لوجدنا كذلك أنّ 2009 عرفت تراجعا نسبيا بالمقارنة بالسنوات التي سبقت.
وخلاصة الأمر نرى أنّ القطاعات التي المتضررة من الأزمة هي أساسا القطاعات المعملية المصدرة [الملابس، النسيج، الكهرباء، الميكانيك] حيث كان نسق النمو سلبيا. كما أنّ الاستثمار الخارجي المباشر تراجع حجمه بنسبة 32% . أما قطاع السياحة فعرف استقرارا يعكس إنتكاشه بالمقارنة بنسق نموه في السنوات السابقة. كما أنّ تحويلات المهاجرين وإن لم تتقلّص في حجمها بالدينار، غير أنّها تراجعت نسبيا بالمقارنة بنسق ارتفاعها في السنوات السابقة.
كنا قد بيّنا مؤخرا أنّ الآثار الاجتماعية تمثلت في ارتفاع حجم ونسبة البطالة. هذا وعمدت الدولة لتطويق هاته الآثار إلى عدّة تدابير ومن أهمها جملة الإجراءات الظرفية [قانون 79 لسنة 2008] ذات الصبغة المالية وذات الصبغة الاجتماعية وذلك لفائدة المؤسسات المصدرة.
أما الإمتيازات المالية فتتعلّق ب:
* تكفل الدولة بالفارق بين نسبة فائض قرض الجدولة ونسبة السوق النقدية في حدود نقطتين بالنسبة إلى عمليات إعادة جدولة القروض.
* التمديد في مدّة إعادة جدولة القروض بالنسبة للمؤسسات المصدّرة التي شهدت تأخيرا في استرجاع مستحقاتها المتأتية من التصدير وذلك من جرّاء فقدان أسواقها الخارجية على أن لا تتجاوز مدّة إعادة الجدولة 5 سنوات.
* التوسيع في أقساط القروض المعنيّة بهذا الإجراء ليشمل أقساط القروض التي حلّ أو يحلّ أجلها بداية من غرّة أكتوبر 2008 إلى 31 ديسمبر 2009.
* وكذلك الأمر بالنسبة للشرط المتعلّق بأن لا تكون لديها مستحقات لدى مؤسسات القرض غير خالصة منذ مدّة تفوق 9 أشهر في غرّة أكتوبر 2008.
وتمثّلت الاجرائات الجديدة ذات الأبعاد الاجتماعية في:
* توسيع الانتفاع بتكفل الدولة بنسبة 50% أو 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للعمال الذين يشملهم التنقيص في ساعات العمل أو الذين تتم إحالتهم على البطالة الفنية.
قد بلغ عدد الملفات الواردة على وزارة الصناعة 333 ملف مؤسسة خلال سنة 2009 تشغل 81916 عاملا، وتتوزع الملفات حسب نوعية الإجراء كما يلي:
* 284 ملف يتعلّق بتكفل الدولة بنسبة 50% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان التقليص في ساعات العمل.
* 41 ملف بتكفل الدولة بنسبة 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان البطالة الفنية.
* 08 ملفات تتعلّق بالإمتيازين في نفس الوقت.
وصادقت اللجنة الاستشارية التابعة لوزارة الصناعة على 319 ملفا تشمل 73613 عاملا وتتوزع كما يلي:
* 273 ملف مؤسسة يتعلّق بتكفل الدولة بنسبة 50% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي.
o عدد العمال المنتفعين في ساعات العمل 67.199 عاملا.
* 38 ملف مؤسسة يتعلق بتكفل الدولة بنسبة 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي.
o عدد العمال الذين تمّ وضعهم في حالى بطالة فنية 5.059 عاملا.
* 08 ملف مؤسسات يتعلّق بالإمتيازين في نفس الوقت عدد العمال المعنيين 1435 عاملا .
ما من شكّ أنّ لهاته الإمتيازات وقع إجابي في التخفيض من شدّة الأضرار لكن يجب الإشارة إلى أنّ التقليص من ساعات العمل مكّن الأجير من مواصلة الشغل والتمتّع بالضمان الاجتماعي لكن بدخل أقل .. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة الإجراء في الصناعات المعملية المصدرة التي تتحصّل على الأجر الأدنى ودونه وهي نسبة عالية فالتقلص الناجم عن تخفيض ساعات العمل تأثير حقيقي قد يدخل الأجير وعائلته في حقبة الهشاشة الاقتراب من خط الفقر .
وهاته ظاهرة عالمية لا بدّ أن تؤخذ بعين الاعتبار في سياسات التدخل الاجتماعي.
أمّا عدد العمال في حالة بطالة فنية 5059، فهو مقارنة بما هو مألوف حسب الإحصائيات الرسمية، عدد مرتفع نسبيا؟ وإذا أضفنا العدد الجملي للمسرحين 380002 لا بدّ هنا أن نلمس أهمية هذا الوضع الاجتماعي المرشّح إلى العودة والاستمرار من حقبة إلى أخرى نظرا للتقلبات الاقتصادية العالمية وشدّة ارتباط تونس بها وبالتالي تصبح قضية صندوق البطالة أمرا ملحا يجب وضعه على جدول الأعمال لطرحه وإيجاد الحلول الوفاقية الملائمة في كنف المسؤولية المشتركة.
1 في إعلان لوزير التنمية كان الانخفاض بالنسبة للاستثمار الخارجي المباشر من 1،9 مليار أورو إلى 1،3 مليار أورو بين 2009 و2008 وهذا يعزي إلى تراجع الاستثمار الخارجي المباشر في قطاع الطاقة [انخفاض ب 28%.
2 قدّر حجم المشتغلين في القطاع الصناعي ب 4888000 سنة 2009 بحيث يمثل عدد المسرحين ما يقارب 8% من هذا المجموع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.