الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    المسرحيون يودعون انور الشعافي    أولا وأخيرا: أم القضايا    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    نابل.. وفاة طالب غرقا    مدنين: انطلاق نشاط شركتين اهليتين ستوفران اكثر من 100 موطن شغل    كاس امم افريقيا تحت 20 عاما: المنتخب ينهزم امام نظيره النيجيري    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    منتخب أقل من 20 سنة: تونس تواجه نيجيريا في مستهل مشوارها بكأس أمم إفريقيا    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عيد الشغل.. مجلس نواب الشعب يؤكد "ما توليه تونس من أهمية للطبقة الشغيلة وللعمل"..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    كأس أمم افريقيا لكرة لقدم تحت 20 عاما: فوز سيراليون وجنوب إفريقيا على مصر وتنزانيا    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    ترامب يرد على "السؤال الأصعب" ويعد ب"انتصارات اقتصادية ضخمة"    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    كرة اليد: الافريقي ينهي البطولة في المركز الثالث    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    عاجل/ اندلاع حريق ضخم بجبال القدس وحكومة الاحتلال تستنجد    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الاقتصادية العالمية وتد اعياتها على تونس
عزام محجوب أستاذ جامعي وخبير دولي
نشر في الشعب يوم 03 - 04 - 2010

عندما نتحدث عن الأزمة العالمية الراهنة وتداعياتها على اقتصاديات البلدان لا بدّ أن نقر في البداية بأنّ الأزمة ليست مفردا وإنما هي أزمات تتالت وتلاحقت من حيث التأثيرات في السنوات القليلة الماضية: أزمة غذائية، أزمة الطاقة التي خلفت بآثارها خاصة سنة 2008 أزمة مالية وأزمة اقتصادية واشتدّت إنعكاساتهما السلبية خلال 2009 ولا زالت تداعياتهما متواصلة ولو بصفة أقل نسبيا ومتفاوتة سنة 2010...
سنركّز المداخلة على تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة مع التذكير بأنّ أزمة الغذاء وأزمة الطاقة [ارتفاع شديد للأسعار] أثرتا في الاقتصاد التونسي سنة 2008 حيث نظرا للعجز [العرض أو الإنتاج لا يلبي الطلب أو الاستهلاك] واللجوء إلى الاستيراد تفاقم العجز في ميزان المدفوعات الجارية (مع الخارج) Balance des paiements courants فتضاعف تقريبا حجم العجز كنسبة من إجمالي الناتج المحلي من 2،6% إلى 4،6%. كما أنّ نسبة التضخم ارتفعت [مؤشر الأسعار للاستهلاك] إلى 5% سنة 2008 في حين أنها كانت 3،1% سنة 2007. وعموما تقلّص نسبيا نسق النمو الاقتصادي من 6،3% إلى 4،6% بين 2008 و2007. وهذا بالتأكيد قد أثر سلبا على إحداثات الشغل التي تقلصت بما يقارب 10000 حيث مرّت من 80200 إلى 70300. أمّا الأجر الأدنى SMIG فلقد مرّ من 239،824 دينار إلى 251،800 دينار بين 2008 و2007. وإذا أخذنا بعين الاعتبار التضخّم فنجد أنّ الزيادات تأتي غالبا بعد ما تضرّرت الطاقة الشرائية للأجير لاسترجاعها Rattrapage وبالتالي استقر الأجر الأدنى الحقيقي سنة 2008 في حدود 195 دينار تقريبا (إذا اعتمدنا على مرجعية أسعار 2000). أمّا الأجر الأدنى في الزراعة فقد تقلصت نسبيا قيمته الحقيقية (حسب مرجعية أسعار 2000) من 6.313 دينار سنة 2007 إلى 6.018 دينار سنة 2008.
أمّا الأزمة المالية العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، فتداعياتها على تونس كانت ضعيفة جدّا لقلة أو انعدام ارتباط الجهاز المالي والمصرفي التونسي بالمنظومة المالية الدولية من جهة وضعف سوق المال (البورصة) الداخلية من جهة أخرى.
أما القناة التي رشحت لتمرير انعكاسات الأزمة المالية [تجفيف أو تعسير الاقتراض من طرف المؤسسات المالية الخاصة] هي لجوء البنك المركزي إلى الاقتراض سنويا لدى المؤسسات المالية الخاصة لتغطية نسبة من موارد ميزان الحسابات المالية Recettes de la balance des opérations de capital et financières ولتفادي الوقوع تحت شروط اقتراض مجحفة عدل البنك المركزي في 2008 و2009 (وربما سنة 2010) إلى اللجوء إلى الممولين الخواص.
هذا ومن المعلوم أنّ نسب الهشاشة والطاقة الذاتية للتكيف والتعامل مع مثل هاته الصدمات مرتبط بعدّة عوامل ومن بينها على المستوى المالي: حجم الاحتياطي من العملة الصعبة وحجم عجز ميزان الدفعات الجارية وحجم عجز ميزانية الدولة، يعني بقدر ما يكون الاحتياطي من العملة مرتفعا ومستويات العجز في الدفعات الجارية وميزانية الدولة ضعيفة كانت نسبة التعامل مع التأثيرات السلبية قوية نسبيا.
أما على المستوى الاجتماعي فكلما كانت نسبة البطالة مرتفعة إبان اندلاع الأزمة كلما كانت الهشاشة أشدّ وبالتالي إمكانية تخفيف حدّة الانعكاسات الاجتماعية أقل.
فعلى الصعيد المالي سجل منذ سنة 2008 كما ذكرناه التدهور في ميزان الدفوعات الخارجية حيث أصبح العجز يمثل 4،3% من إجمالي الناتج المحلي. في حين أنّ ميزانية الدولة سجلت تقلصا سنة 2008 بالمقارنة ب 2007 حيث أصبحت نسبة العجز تمثل 1،1% من إجمالي الإنتاج المحلي في حين كانت بمعدل 3% في السنوات السابقة. أما الاحتياط من العملة فكان يقدر بأكثر من 13 مليار دينار سنة 2009 (184 يوم استيراد) مقابل 9،6 مليار تقريبا في أواخر 2007. بالاعتماد على هاته المعطيات الكمية فمواقع الهشاشة مرتبط أساسا بعجز ميزان الدفوعات الجارية ومستوى البطالة سنة 2007 (14،1%).
في حين أنّ لتونس هامشا للتعامل مع الأزمة بالنظر إلى مستوى عجز ميزانية الدولة المنخفض نسبيا وحجم الاحتياط من العملة سنة 2008 المرضي نسبيا.
الأزمة الاقتصادية: 4 قنوات لتمريرها
عموما هناك 4 قنوات لانتقال الأزمة إلى بلادنا:
1. التجارة الخارجية
2. الاستثمار الخارجي المباشر
3. عائدات السياحة
4. تحويلات المقيمين بالخارج
إن نسب هشاشة الاقتصاد وطاقته الذاتية للتعامل والتكييف مع الأزمة [تخفيف أو تجنب الآثار] مرتبطة بحجم الدور التي تلعبه هاته العناصر الأربعة في الاقتصاد [تأثيرها على نسق النمو والموازنات الاقتصادية الكبرى]. من هذا المنظور فإنّ تأثر أو قابلية التأثر بالأزمة في تونس متأتي أوّلا من النسبة المرتفعة في الانفتاح التجاري يعني في دور التجارية الخارجية حيث تمثّل كل من الصادرات والواردات كنسب من إجمالي الناتج المحلي بين 50% و60% وبالتالي هناك حساسية مرتفعة جدا بالنسبة لعامل التصدير (ثم التوريد) زد على ذلك أنّ 70% وأكثر من التجارة الخارجية التونسية مرتبطة بالاتحاد الأوروبي وكلما عرف هذا الأخير ظرفا اقتصاديا إنكماشيا إلاّ ونتج عنه هبوط في الصادرات وبالتالي في نسق النمو. وهذا بالضبط ما حصل نظرا أنّ الإتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأساسي قد تضرّر بشدة بالأزمة وتداعياتها الاقتصادية، وهو الذي بالمقارنة يجد في الوقت الحالي صعوبات كبيرة لاسترجاع نسق النمو ما قبل الأزمة. فمن هاته الزاوية فإن الصادرات التونسية عرفت خلال 2009 تراجعا كبيرا بنسبة 17،7% [ 19،5 مليار دينار سنة 2009 مقابل 23،6 مليار دينار سنة 2008].
وبدوره هبط حجم الواردات بنسبة 15،7% [ 25،7 مليار سنة 2009 مقابل 30،2 مليار سنة 2008]. فتراجع التجارة الخارجية أثّر بدوره على نسق النمو حيث نزل هذا الأخير إلى 3،1% سنة 2009 مقابل 4،6 % سنة 2008.
علما أنّ الصادرات المعملية manufacturières تمثّل الجزء الأكبر من الصادرات التونسية. فبالتالي عرفت هاته الصادرات من المنتوجات المعملية انهيارا مرافقا لتراجع إنتاج قطاع الصناعات المعملية. فعرف هذا الأخير هبوطا بنسبة 5،9%. وكان قطاع النسيج والملابس المتأثر الأكبر حيث كان النمو سلبيا بقدر 15،2 - % في حين كان 8،9 - % بالنسبة للصناعات الكهربائية ولميكانيكية.
إنّ بوادر استرجاع الانتعاش الاقتصادي وإن كان بالمقارنة بطيئا ومعتدلا في الإتحاد الأوروبي خلال 2010 و2011 قد يؤثر إيجابيا على تونس حيث يتوقع أن ترتفع نسب النمو من 3،1% سنة 2009 إلى 4،1% سنة 2010. وهو بالتالي دون معدلات 2006 (5،4%) و 2007 (6،3%) و 2008 (4،6%). وهنا لا بدّ من الإشارة أنه لو قارنا نسق النمو الحاصل في 2008 و2009 والمتوقع ل2010 بما تم رصده في المخطط الحادي عشر (2011 ? 2007) 6،1% كمعدل نرى وأننا خسرنا من جراء الأزمات ما يزيد عن نقطتين من النمو ولهذا الأمر تأثير قوي على سوق الشغل حيث وكما سلف ذكره فإن الهشاشة الاجتماعية عند حدوث صدمات مرتبطة بنسبة البطالة. فمن المعلوم أنّ نسبة البطالة الجملية كانت 14،3% [2002-2006] و 14،2% سنة 2007. ومنوال التنمية في المخطط الحادي عشر كان يتوقع تقليص مستوى البطالة الجملية إلى 13،4% [ أقل من نقطة] بالاعتماد على نسق نمو متوسط ب 6،1% مع رفع عدد مواطن الشغل الجديدة من 74400 كمعدل [2002-2006] إلى 82400 [2007-2010].
علما وأنّه من المتأكد أن نسق النمو المتوسط منذ سنة 2008 في حدود 4% فقط فما من شك أنّ نسبة البطالة مرجحة للارتفاع وأنّ نسبة تغطية طلب الشغل الإضافي ستتراجع إذ تفيد الأرقام الرسمية خلال 2008 أنّ عدد مواطن الشغل الجديدة نزلت إلى حدود 58000 ]بالمقارنة بما رصد في المخطط الحادي عشر 82400].
هذا وكما أعلن رسميا فقد خسرت تونس خلال (2009) 38000 موطن شغل في الصناعات التحويلية لأسباب ظرفية مرتبطة بتداعيات الأزمة مما جعل نسبة البطالة في ازدياد سنة 2009، 14،7 % مقارنة ب 14،2 % في 2008 و14،1% كمعدل بين 2004 ? 2007.
نعم إنّ تداعيات الأزمة ليست على المدى القصير بل المتوسط أيضا حيث أنّ هدف الارتفاع إلى نسبة نمو 6% للتخفيض و لوبصفة متواضعة في البطالة يبتعد أكثر جراء الأزمة.
أمّا القنوات الأخرى لانتقال الأزمة فهي تلك المتعلقة بالاستثمار الخارجي المباشر والسياحة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج.
الاستثمار الخارجي المباشر
تفيد الأرقام الرسمية الأخيرة والصادرة عن البنك المركزي أنّ الاستثمار الخارجي المباشر قد انخفض بشدة بين 2008 و2009 من 3،4 مليار دينار وأصبح 2،3 مليار وهو تقريبا حجم سنة 2007. وكما كشفت عنه بعض المصادر الإعلامية فإنّ الرجة المالية التي هزّت ظُبَيْ أثرت على وضع المشاريع الكبرى التي كانت مبرمجة لتونس حيث تمّ تجميد أو تأخير أو إلغاء عدد من هاته المشاريع العملاقة التي تقدّر بعشرات المليارات1.
فيما يخص القطاع السياحي
ففي حين شهدت سنة 2009 تراجعا طفيفا في عدد الوافدين الغير مقيمين من 7049،7 ألف إلى 6901،4 ألف، فقد عرفت العائدات بالدينار التونسي ارتفاعا طفيفا ومرّت من 3،39 مليار إلى 3،46 مليار. ويمكن القول أنّ هناك شبه استقرار في قطاع السياحة خلال 2009 أو تراجعا محدودا إذا احتسبنا العائدات بالأورو. ولا من شك أنّ قطاع السياحة قد تضرّر من تداعيات الأزمة خاصّة عندما نقارن نسق نمو العائدات في السنوات الماضية بما حصل سنة 2009 [2% فقط مقارنة ب 9% بين 2005 و2008]. ولكن كان هذا الضرر أقل حدة مقارنة بالصناعات المحلية التصديرية حيث كان نسق النمو سلبيا.
أمّا تحويلات التونسيين بالخارج
فهي لم تشهد تراجعا رغم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي سادت خاصة بأوروبا حيث يعمل أغلبية المهاجرين التونسيين فمن 2،4 مليار دينار ارتفعت التحويلات إلى 2،6 مليار دينار بين 2008 و2009 أي بنسبة 8%. في حين كان معدل نمو التحويلات 10،4% بين 2005 و2008 ،لو احتسبنا بالأورو لوجدنا كذلك أنّ 2009 عرفت تراجعا نسبيا بالمقارنة بالسنوات التي سبقت.
وخلاصة الأمر نرى أنّ القطاعات التي المتضررة من الأزمة هي أساسا القطاعات المعملية المصدرة [الملابس، النسيج، الكهرباء، الميكانيك] حيث كان نسق النمو سلبيا. كما أنّ الاستثمار الخارجي المباشر تراجع حجمه بنسبة 32% . أما قطاع السياحة فعرف استقرارا يعكس إنتكاشه بالمقارنة بنسق نموه في السنوات السابقة. كما أنّ تحويلات المهاجرين وإن لم تتقلّص في حجمها بالدينار، غير أنّها تراجعت نسبيا بالمقارنة بنسق ارتفاعها في السنوات السابقة.
كنا قد بيّنا مؤخرا أنّ الآثار الاجتماعية تمثلت في ارتفاع حجم ونسبة البطالة. هذا وعمدت الدولة لتطويق هاته الآثار إلى عدّة تدابير ومن أهمها جملة الإجراءات الظرفية [قانون 79 لسنة 2008] ذات الصبغة المالية وذات الصبغة الاجتماعية وذلك لفائدة المؤسسات المصدرة.
أما الإمتيازات المالية فتتعلّق ب:
* تكفل الدولة بالفارق بين نسبة فائض قرض الجدولة ونسبة السوق النقدية في حدود نقطتين بالنسبة إلى عمليات إعادة جدولة القروض.
* التمديد في مدّة إعادة جدولة القروض بالنسبة للمؤسسات المصدّرة التي شهدت تأخيرا في استرجاع مستحقاتها المتأتية من التصدير وذلك من جرّاء فقدان أسواقها الخارجية على أن لا تتجاوز مدّة إعادة الجدولة 5 سنوات.
* التوسيع في أقساط القروض المعنيّة بهذا الإجراء ليشمل أقساط القروض التي حلّ أو يحلّ أجلها بداية من غرّة أكتوبر 2008 إلى 31 ديسمبر 2009.
* وكذلك الأمر بالنسبة للشرط المتعلّق بأن لا تكون لديها مستحقات لدى مؤسسات القرض غير خالصة منذ مدّة تفوق 9 أشهر في غرّة أكتوبر 2008.
وتمثّلت الاجرائات الجديدة ذات الأبعاد الاجتماعية في:
* توسيع الانتفاع بتكفل الدولة بنسبة 50% أو 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للعمال الذين يشملهم التنقيص في ساعات العمل أو الذين تتم إحالتهم على البطالة الفنية.
قد بلغ عدد الملفات الواردة على وزارة الصناعة 333 ملف مؤسسة خلال سنة 2009 تشغل 81916 عاملا، وتتوزع الملفات حسب نوعية الإجراء كما يلي:
* 284 ملف يتعلّق بتكفل الدولة بنسبة 50% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان التقليص في ساعات العمل.
* 41 ملف بتكفل الدولة بنسبة 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان البطالة الفنية.
* 08 ملفات تتعلّق بالإمتيازين في نفس الوقت.
وصادقت اللجنة الاستشارية التابعة لوزارة الصناعة على 319 ملفا تشمل 73613 عاملا وتتوزع كما يلي:
* 273 ملف مؤسسة يتعلّق بتكفل الدولة بنسبة 50% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي.
o عدد العمال المنتفعين في ساعات العمل 67.199 عاملا.
* 38 ملف مؤسسة يتعلق بتكفل الدولة بنسبة 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي.
o عدد العمال الذين تمّ وضعهم في حالى بطالة فنية 5.059 عاملا.
* 08 ملف مؤسسات يتعلّق بالإمتيازين في نفس الوقت عدد العمال المعنيين 1435 عاملا .
ما من شكّ أنّ لهاته الإمتيازات وقع إجابي في التخفيض من شدّة الأضرار لكن يجب الإشارة إلى أنّ التقليص من ساعات العمل مكّن الأجير من مواصلة الشغل والتمتّع بالضمان الاجتماعي لكن بدخل أقل .. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة الإجراء في الصناعات المعملية المصدرة التي تتحصّل على الأجر الأدنى ودونه وهي نسبة عالية فالتقلص الناجم عن تخفيض ساعات العمل تأثير حقيقي قد يدخل الأجير وعائلته في حقبة الهشاشة الاقتراب من خط الفقر .
وهاته ظاهرة عالمية لا بدّ أن تؤخذ بعين الاعتبار في سياسات التدخل الاجتماعي.
أمّا عدد العمال في حالة بطالة فنية 5059، فهو مقارنة بما هو مألوف حسب الإحصائيات الرسمية، عدد مرتفع نسبيا؟ وإذا أضفنا العدد الجملي للمسرحين 380002 لا بدّ هنا أن نلمس أهمية هذا الوضع الاجتماعي المرشّح إلى العودة والاستمرار من حقبة إلى أخرى نظرا للتقلبات الاقتصادية العالمية وشدّة ارتباط تونس بها وبالتالي تصبح قضية صندوق البطالة أمرا ملحا يجب وضعه على جدول الأعمال لطرحه وإيجاد الحلول الوفاقية الملائمة في كنف المسؤولية المشتركة.
1 في إعلان لوزير التنمية كان الانخفاض بالنسبة للاستثمار الخارجي المباشر من 1،9 مليار أورو إلى 1،3 مليار أورو بين 2009 و2008 وهذا يعزي إلى تراجع الاستثمار الخارجي المباشر في قطاع الطاقة [انخفاض ب 28%.
2 قدّر حجم المشتغلين في القطاع الصناعي ب 4888000 سنة 2009 بحيث يمثل عدد المسرحين ما يقارب 8% من هذا المجموع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.