القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة فلامينغو    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    عاجل : ترامب يدعو إلى الإجلاء الفوري من طهران    كاس العالم للاندية 2025: تشلسي يفوز على لوس انجلس بثنائية نظيفة    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    انطلاق الحملة الانتخابية بدائرة بنزرت الشمالية    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يفوز وديا على المنتخب الايطالي الرديف 3 - 1    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود".. وتطالب السلطات التونسية والجزائرية بالتدخل    طقس الليلة    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    اتحاد الشغل يدعو النقابيين الليبيين الى التدخل لإطلاق سراح أفراد قافلة "الصمود"    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    189 حريق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية….    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الاقتصادية العالمية وتد اعياتها على تونس
عزام محجوب أستاذ جامعي وخبير دولي
نشر في الشعب يوم 03 - 04 - 2010

عندما نتحدث عن الأزمة العالمية الراهنة وتداعياتها على اقتصاديات البلدان لا بدّ أن نقر في البداية بأنّ الأزمة ليست مفردا وإنما هي أزمات تتالت وتلاحقت من حيث التأثيرات في السنوات القليلة الماضية: أزمة غذائية، أزمة الطاقة التي خلفت بآثارها خاصة سنة 2008 أزمة مالية وأزمة اقتصادية واشتدّت إنعكاساتهما السلبية خلال 2009 ولا زالت تداعياتهما متواصلة ولو بصفة أقل نسبيا ومتفاوتة سنة 2010...
سنركّز المداخلة على تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة مع التذكير بأنّ أزمة الغذاء وأزمة الطاقة [ارتفاع شديد للأسعار] أثرتا في الاقتصاد التونسي سنة 2008 حيث نظرا للعجز [العرض أو الإنتاج لا يلبي الطلب أو الاستهلاك] واللجوء إلى الاستيراد تفاقم العجز في ميزان المدفوعات الجارية (مع الخارج) Balance des paiements courants فتضاعف تقريبا حجم العجز كنسبة من إجمالي الناتج المحلي من 2،6% إلى 4،6%. كما أنّ نسبة التضخم ارتفعت [مؤشر الأسعار للاستهلاك] إلى 5% سنة 2008 في حين أنها كانت 3،1% سنة 2007. وعموما تقلّص نسبيا نسق النمو الاقتصادي من 6،3% إلى 4،6% بين 2008 و2007. وهذا بالتأكيد قد أثر سلبا على إحداثات الشغل التي تقلصت بما يقارب 10000 حيث مرّت من 80200 إلى 70300. أمّا الأجر الأدنى SMIG فلقد مرّ من 239،824 دينار إلى 251،800 دينار بين 2008 و2007. وإذا أخذنا بعين الاعتبار التضخّم فنجد أنّ الزيادات تأتي غالبا بعد ما تضرّرت الطاقة الشرائية للأجير لاسترجاعها Rattrapage وبالتالي استقر الأجر الأدنى الحقيقي سنة 2008 في حدود 195 دينار تقريبا (إذا اعتمدنا على مرجعية أسعار 2000). أمّا الأجر الأدنى في الزراعة فقد تقلصت نسبيا قيمته الحقيقية (حسب مرجعية أسعار 2000) من 6.313 دينار سنة 2007 إلى 6.018 دينار سنة 2008.
أمّا الأزمة المالية العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، فتداعياتها على تونس كانت ضعيفة جدّا لقلة أو انعدام ارتباط الجهاز المالي والمصرفي التونسي بالمنظومة المالية الدولية من جهة وضعف سوق المال (البورصة) الداخلية من جهة أخرى.
أما القناة التي رشحت لتمرير انعكاسات الأزمة المالية [تجفيف أو تعسير الاقتراض من طرف المؤسسات المالية الخاصة] هي لجوء البنك المركزي إلى الاقتراض سنويا لدى المؤسسات المالية الخاصة لتغطية نسبة من موارد ميزان الحسابات المالية Recettes de la balance des opérations de capital et financières ولتفادي الوقوع تحت شروط اقتراض مجحفة عدل البنك المركزي في 2008 و2009 (وربما سنة 2010) إلى اللجوء إلى الممولين الخواص.
هذا ومن المعلوم أنّ نسب الهشاشة والطاقة الذاتية للتكيف والتعامل مع مثل هاته الصدمات مرتبط بعدّة عوامل ومن بينها على المستوى المالي: حجم الاحتياطي من العملة الصعبة وحجم عجز ميزان الدفعات الجارية وحجم عجز ميزانية الدولة، يعني بقدر ما يكون الاحتياطي من العملة مرتفعا ومستويات العجز في الدفعات الجارية وميزانية الدولة ضعيفة كانت نسبة التعامل مع التأثيرات السلبية قوية نسبيا.
أما على المستوى الاجتماعي فكلما كانت نسبة البطالة مرتفعة إبان اندلاع الأزمة كلما كانت الهشاشة أشدّ وبالتالي إمكانية تخفيف حدّة الانعكاسات الاجتماعية أقل.
فعلى الصعيد المالي سجل منذ سنة 2008 كما ذكرناه التدهور في ميزان الدفوعات الخارجية حيث أصبح العجز يمثل 4،3% من إجمالي الناتج المحلي. في حين أنّ ميزانية الدولة سجلت تقلصا سنة 2008 بالمقارنة ب 2007 حيث أصبحت نسبة العجز تمثل 1،1% من إجمالي الإنتاج المحلي في حين كانت بمعدل 3% في السنوات السابقة. أما الاحتياط من العملة فكان يقدر بأكثر من 13 مليار دينار سنة 2009 (184 يوم استيراد) مقابل 9،6 مليار تقريبا في أواخر 2007. بالاعتماد على هاته المعطيات الكمية فمواقع الهشاشة مرتبط أساسا بعجز ميزان الدفوعات الجارية ومستوى البطالة سنة 2007 (14،1%).
في حين أنّ لتونس هامشا للتعامل مع الأزمة بالنظر إلى مستوى عجز ميزانية الدولة المنخفض نسبيا وحجم الاحتياط من العملة سنة 2008 المرضي نسبيا.
الأزمة الاقتصادية: 4 قنوات لتمريرها
عموما هناك 4 قنوات لانتقال الأزمة إلى بلادنا:
1. التجارة الخارجية
2. الاستثمار الخارجي المباشر
3. عائدات السياحة
4. تحويلات المقيمين بالخارج
إن نسب هشاشة الاقتصاد وطاقته الذاتية للتعامل والتكييف مع الأزمة [تخفيف أو تجنب الآثار] مرتبطة بحجم الدور التي تلعبه هاته العناصر الأربعة في الاقتصاد [تأثيرها على نسق النمو والموازنات الاقتصادية الكبرى]. من هذا المنظور فإنّ تأثر أو قابلية التأثر بالأزمة في تونس متأتي أوّلا من النسبة المرتفعة في الانفتاح التجاري يعني في دور التجارية الخارجية حيث تمثّل كل من الصادرات والواردات كنسب من إجمالي الناتج المحلي بين 50% و60% وبالتالي هناك حساسية مرتفعة جدا بالنسبة لعامل التصدير (ثم التوريد) زد على ذلك أنّ 70% وأكثر من التجارة الخارجية التونسية مرتبطة بالاتحاد الأوروبي وكلما عرف هذا الأخير ظرفا اقتصاديا إنكماشيا إلاّ ونتج عنه هبوط في الصادرات وبالتالي في نسق النمو. وهذا بالضبط ما حصل نظرا أنّ الإتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأساسي قد تضرّر بشدة بالأزمة وتداعياتها الاقتصادية، وهو الذي بالمقارنة يجد في الوقت الحالي صعوبات كبيرة لاسترجاع نسق النمو ما قبل الأزمة. فمن هاته الزاوية فإن الصادرات التونسية عرفت خلال 2009 تراجعا كبيرا بنسبة 17،7% [ 19،5 مليار دينار سنة 2009 مقابل 23،6 مليار دينار سنة 2008].
وبدوره هبط حجم الواردات بنسبة 15،7% [ 25،7 مليار سنة 2009 مقابل 30،2 مليار سنة 2008]. فتراجع التجارة الخارجية أثّر بدوره على نسق النمو حيث نزل هذا الأخير إلى 3،1% سنة 2009 مقابل 4،6 % سنة 2008.
علما أنّ الصادرات المعملية manufacturières تمثّل الجزء الأكبر من الصادرات التونسية. فبالتالي عرفت هاته الصادرات من المنتوجات المعملية انهيارا مرافقا لتراجع إنتاج قطاع الصناعات المعملية. فعرف هذا الأخير هبوطا بنسبة 5،9%. وكان قطاع النسيج والملابس المتأثر الأكبر حيث كان النمو سلبيا بقدر 15،2 - % في حين كان 8،9 - % بالنسبة للصناعات الكهربائية ولميكانيكية.
إنّ بوادر استرجاع الانتعاش الاقتصادي وإن كان بالمقارنة بطيئا ومعتدلا في الإتحاد الأوروبي خلال 2010 و2011 قد يؤثر إيجابيا على تونس حيث يتوقع أن ترتفع نسب النمو من 3،1% سنة 2009 إلى 4،1% سنة 2010. وهو بالتالي دون معدلات 2006 (5،4%) و 2007 (6،3%) و 2008 (4،6%). وهنا لا بدّ من الإشارة أنه لو قارنا نسق النمو الحاصل في 2008 و2009 والمتوقع ل2010 بما تم رصده في المخطط الحادي عشر (2011 ? 2007) 6،1% كمعدل نرى وأننا خسرنا من جراء الأزمات ما يزيد عن نقطتين من النمو ولهذا الأمر تأثير قوي على سوق الشغل حيث وكما سلف ذكره فإن الهشاشة الاجتماعية عند حدوث صدمات مرتبطة بنسبة البطالة. فمن المعلوم أنّ نسبة البطالة الجملية كانت 14،3% [2002-2006] و 14،2% سنة 2007. ومنوال التنمية في المخطط الحادي عشر كان يتوقع تقليص مستوى البطالة الجملية إلى 13،4% [ أقل من نقطة] بالاعتماد على نسق نمو متوسط ب 6،1% مع رفع عدد مواطن الشغل الجديدة من 74400 كمعدل [2002-2006] إلى 82400 [2007-2010].
علما وأنّه من المتأكد أن نسق النمو المتوسط منذ سنة 2008 في حدود 4% فقط فما من شك أنّ نسبة البطالة مرجحة للارتفاع وأنّ نسبة تغطية طلب الشغل الإضافي ستتراجع إذ تفيد الأرقام الرسمية خلال 2008 أنّ عدد مواطن الشغل الجديدة نزلت إلى حدود 58000 ]بالمقارنة بما رصد في المخطط الحادي عشر 82400].
هذا وكما أعلن رسميا فقد خسرت تونس خلال (2009) 38000 موطن شغل في الصناعات التحويلية لأسباب ظرفية مرتبطة بتداعيات الأزمة مما جعل نسبة البطالة في ازدياد سنة 2009، 14،7 % مقارنة ب 14،2 % في 2008 و14،1% كمعدل بين 2004 ? 2007.
نعم إنّ تداعيات الأزمة ليست على المدى القصير بل المتوسط أيضا حيث أنّ هدف الارتفاع إلى نسبة نمو 6% للتخفيض و لوبصفة متواضعة في البطالة يبتعد أكثر جراء الأزمة.
أمّا القنوات الأخرى لانتقال الأزمة فهي تلك المتعلقة بالاستثمار الخارجي المباشر والسياحة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج.
الاستثمار الخارجي المباشر
تفيد الأرقام الرسمية الأخيرة والصادرة عن البنك المركزي أنّ الاستثمار الخارجي المباشر قد انخفض بشدة بين 2008 و2009 من 3،4 مليار دينار وأصبح 2،3 مليار وهو تقريبا حجم سنة 2007. وكما كشفت عنه بعض المصادر الإعلامية فإنّ الرجة المالية التي هزّت ظُبَيْ أثرت على وضع المشاريع الكبرى التي كانت مبرمجة لتونس حيث تمّ تجميد أو تأخير أو إلغاء عدد من هاته المشاريع العملاقة التي تقدّر بعشرات المليارات1.
فيما يخص القطاع السياحي
ففي حين شهدت سنة 2009 تراجعا طفيفا في عدد الوافدين الغير مقيمين من 7049،7 ألف إلى 6901،4 ألف، فقد عرفت العائدات بالدينار التونسي ارتفاعا طفيفا ومرّت من 3،39 مليار إلى 3،46 مليار. ويمكن القول أنّ هناك شبه استقرار في قطاع السياحة خلال 2009 أو تراجعا محدودا إذا احتسبنا العائدات بالأورو. ولا من شك أنّ قطاع السياحة قد تضرّر من تداعيات الأزمة خاصّة عندما نقارن نسق نمو العائدات في السنوات الماضية بما حصل سنة 2009 [2% فقط مقارنة ب 9% بين 2005 و2008]. ولكن كان هذا الضرر أقل حدة مقارنة بالصناعات المحلية التصديرية حيث كان نسق النمو سلبيا.
أمّا تحويلات التونسيين بالخارج
فهي لم تشهد تراجعا رغم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي سادت خاصة بأوروبا حيث يعمل أغلبية المهاجرين التونسيين فمن 2،4 مليار دينار ارتفعت التحويلات إلى 2،6 مليار دينار بين 2008 و2009 أي بنسبة 8%. في حين كان معدل نمو التحويلات 10،4% بين 2005 و2008 ،لو احتسبنا بالأورو لوجدنا كذلك أنّ 2009 عرفت تراجعا نسبيا بالمقارنة بالسنوات التي سبقت.
وخلاصة الأمر نرى أنّ القطاعات التي المتضررة من الأزمة هي أساسا القطاعات المعملية المصدرة [الملابس، النسيج، الكهرباء، الميكانيك] حيث كان نسق النمو سلبيا. كما أنّ الاستثمار الخارجي المباشر تراجع حجمه بنسبة 32% . أما قطاع السياحة فعرف استقرارا يعكس إنتكاشه بالمقارنة بنسق نموه في السنوات السابقة. كما أنّ تحويلات المهاجرين وإن لم تتقلّص في حجمها بالدينار، غير أنّها تراجعت نسبيا بالمقارنة بنسق ارتفاعها في السنوات السابقة.
كنا قد بيّنا مؤخرا أنّ الآثار الاجتماعية تمثلت في ارتفاع حجم ونسبة البطالة. هذا وعمدت الدولة لتطويق هاته الآثار إلى عدّة تدابير ومن أهمها جملة الإجراءات الظرفية [قانون 79 لسنة 2008] ذات الصبغة المالية وذات الصبغة الاجتماعية وذلك لفائدة المؤسسات المصدرة.
أما الإمتيازات المالية فتتعلّق ب:
* تكفل الدولة بالفارق بين نسبة فائض قرض الجدولة ونسبة السوق النقدية في حدود نقطتين بالنسبة إلى عمليات إعادة جدولة القروض.
* التمديد في مدّة إعادة جدولة القروض بالنسبة للمؤسسات المصدّرة التي شهدت تأخيرا في استرجاع مستحقاتها المتأتية من التصدير وذلك من جرّاء فقدان أسواقها الخارجية على أن لا تتجاوز مدّة إعادة الجدولة 5 سنوات.
* التوسيع في أقساط القروض المعنيّة بهذا الإجراء ليشمل أقساط القروض التي حلّ أو يحلّ أجلها بداية من غرّة أكتوبر 2008 إلى 31 ديسمبر 2009.
* وكذلك الأمر بالنسبة للشرط المتعلّق بأن لا تكون لديها مستحقات لدى مؤسسات القرض غير خالصة منذ مدّة تفوق 9 أشهر في غرّة أكتوبر 2008.
وتمثّلت الاجرائات الجديدة ذات الأبعاد الاجتماعية في:
* توسيع الانتفاع بتكفل الدولة بنسبة 50% أو 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للعمال الذين يشملهم التنقيص في ساعات العمل أو الذين تتم إحالتهم على البطالة الفنية.
قد بلغ عدد الملفات الواردة على وزارة الصناعة 333 ملف مؤسسة خلال سنة 2009 تشغل 81916 عاملا، وتتوزع الملفات حسب نوعية الإجراء كما يلي:
* 284 ملف يتعلّق بتكفل الدولة بنسبة 50% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان التقليص في ساعات العمل.
* 41 ملف بتكفل الدولة بنسبة 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان البطالة الفنية.
* 08 ملفات تتعلّق بالإمتيازين في نفس الوقت.
وصادقت اللجنة الاستشارية التابعة لوزارة الصناعة على 319 ملفا تشمل 73613 عاملا وتتوزع كما يلي:
* 273 ملف مؤسسة يتعلّق بتكفل الدولة بنسبة 50% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي.
o عدد العمال المنتفعين في ساعات العمل 67.199 عاملا.
* 38 ملف مؤسسة يتعلق بتكفل الدولة بنسبة 100% من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي.
o عدد العمال الذين تمّ وضعهم في حالى بطالة فنية 5.059 عاملا.
* 08 ملف مؤسسات يتعلّق بالإمتيازين في نفس الوقت عدد العمال المعنيين 1435 عاملا .
ما من شكّ أنّ لهاته الإمتيازات وقع إجابي في التخفيض من شدّة الأضرار لكن يجب الإشارة إلى أنّ التقليص من ساعات العمل مكّن الأجير من مواصلة الشغل والتمتّع بالضمان الاجتماعي لكن بدخل أقل .. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة الإجراء في الصناعات المعملية المصدرة التي تتحصّل على الأجر الأدنى ودونه وهي نسبة عالية فالتقلص الناجم عن تخفيض ساعات العمل تأثير حقيقي قد يدخل الأجير وعائلته في حقبة الهشاشة الاقتراب من خط الفقر .
وهاته ظاهرة عالمية لا بدّ أن تؤخذ بعين الاعتبار في سياسات التدخل الاجتماعي.
أمّا عدد العمال في حالة بطالة فنية 5059، فهو مقارنة بما هو مألوف حسب الإحصائيات الرسمية، عدد مرتفع نسبيا؟ وإذا أضفنا العدد الجملي للمسرحين 380002 لا بدّ هنا أن نلمس أهمية هذا الوضع الاجتماعي المرشّح إلى العودة والاستمرار من حقبة إلى أخرى نظرا للتقلبات الاقتصادية العالمية وشدّة ارتباط تونس بها وبالتالي تصبح قضية صندوق البطالة أمرا ملحا يجب وضعه على جدول الأعمال لطرحه وإيجاد الحلول الوفاقية الملائمة في كنف المسؤولية المشتركة.
1 في إعلان لوزير التنمية كان الانخفاض بالنسبة للاستثمار الخارجي المباشر من 1،9 مليار أورو إلى 1،3 مليار أورو بين 2009 و2008 وهذا يعزي إلى تراجع الاستثمار الخارجي المباشر في قطاع الطاقة [انخفاض ب 28%.
2 قدّر حجم المشتغلين في القطاع الصناعي ب 4888000 سنة 2009 بحيث يمثل عدد المسرحين ما يقارب 8% من هذا المجموع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.