بعد أن هدأ وطيس الجدل الذي احتدم صلب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي للأسف لم نحدّد أهدافها بدقة لنحققها بشفافية حول إقصاء «التجمعيين» من الشأن السياسي الوطني وبعد عمليات شدّ وجذب بين الهيئة والحكومة لتقرير مصير المتواطئين مع نظام بن علي لسحق الشعب استقر ّرأي أولي الأمر منّا من أعضاء الهيئة الموقرة والحكومة المؤقتة حرمان أعضاء الحكومة من الترشح إلى انتخابات المجلس التأسيسي باستثناء من لم ينتم إلى التجمع الدستوري الديمقراطي طيلة فترة حكم الرئيس المخلوع. ويحرم أيضا من الترشح من تحمل مسؤوليات صلب هياكل التجمع طيلة فترة حكم الرئيس السابق على ان تضبط قائمة في هؤلاء المسؤولين بأمر رئاسي وباقتراح من الهيئة العليا.كما يمنع من الترشح من ناشد الرئيس المخلوع لانتخابات 2014.
مناشدون ولكن..
وقد أثارت مسألة المناشدة الكثير من الإشكالات خاصّة على مستوى ضبط قوائمها النهائية؛ فحملة المناشدة التي أطلقها أزلام النظام التحق بها الكثير من الشخصيات التونسية من أكاديميين ومثقفين ورجال أعمال ومدراء مؤسسات عمومية وخاصّة ونشرت أسماؤهم في الكثير من الصحف والنشريات أشهر عدة قبل الثورة إلا أنه بسقوط بن علي وخوفا من ردود الفعل الشعبية سارع الكثير من المناشدين الى الاحتجاج على إدراج أسمائهم بقائمات المناشدة وخطب «ودّ النظام» متعللين تارة بجهلهم للمسألة أو بالخوف من تبعات اعتراضهم.. ولئن تعكف اليوم لجنة التليلي المنبثقة عن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة على ضبط قوائم المناشدة وسط أجواء متوترة ومشاحنات يومية داخل الهيئة وخارجها فان مصطفى التليلي يقول إن العملية صعبة لاعتبارات أهمها تبرّأ الكثير من «المناشدين» من المناشدة مدعين جهلهم للأمرأو تشابه أسمائهم مع أسماء أخرى في حين أكّد أغلبهم أن مردّ صمتهم يعود إلى بطش النظام وخوفهم من أن يلحق بهم الأذى..وبالطبع هنا لن نناقش كثيرا المسألة لاعتبارات عدة أهمّها أن أغلب هؤلاء كانوا يصطفون في طوابيرالولاء والطاعة لبن علي حتى قبل المناشدة لسبب وجيه وبسيط هو أن لهم مصالح ومآرب متعلقة بنظام بن علي.. ولئن يبدو أمرالمتملصون من المناشدة منطقي ومبرّر فان اعتراف رئيس لجنة «المناشدة» بصعوبة حصر القائمات والوصول للوثائق الأصلية للمناشدين التي تبرز التزاما فرديا بما يقتضيه ذلك من وجود إمضاءات..مع تأكيده على أن أعضاء من اللجنة توجهوا الى الصحف التي نشرت قائمات المناشدة لمحاولة الوصول الى الوثائق الأصلية لكن تعذّرعليهم ذلك..مع اعترافه بأن القائمات كان يشرف عليها مسؤولون من قصر قرطاج. واذا تمعّنا في كلام الدكتور مصطفى التليلي الذي لا نشكّك في نزاهته-سنجد أن قائمات المناشدة يجب أن تكون بالنسبة اليه مرتبطة بإمضاء أصحابها وهذا منطقيا يبرّئ ذمة الكثيرون ممّا استغل قائمات الكترونية وأضاف إسمه عن طيب خاطر أما حكاية الصحف التي رفضت مدّ اللجنة بالقائمات فهذا شيء مستغرب ومستبعد ولا ندري هل أن تأكيده على أن عملية الإشراف عن المناشدة كانت تتم من قصر قرطاج هل هوإتهام أم تبرير لبعض الأشخاص..
لجنة فاقدة للثقة..
وسعيا منّا لوضع الأمور في نصابها القانوني والمنطق اتصلنا بالأستاذ فتحي الصغروني لمعرفة الدفوعات القانونية الممكنة في هذه المسألة الذي أكّد «بداية لا بدّ أن نشير الى أن الفصل 15 صدر بصيغة الإقصاء لكل من ناشد بن علي للترشّح 2014 وترك عملية اقتراح الطريقة المثالية لذلك للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة..وهنا لا بدّ أن أسجّل احترازي ضدّ هذه الهيئة العليا برئاسة عياض بن عاشور التي حادت عن مسار تحقيق أهداف الثورة وانحرفت عن القضايا الأساسية التي ناضل من أجلها الشعب التونسي وبالتالي فكل اللجان التي انبثقت عنها منها لجنة التليلي فانه تغيب عنها الثقة والمصداقية واعتقد أن سبب كل ذلك فئة ربطها المصالح مع نظام بن علي وهي ترفض اليوم الخروج ومغادرة المناصب والامتيازات وهي تطرق الشبابيك عساها تدرك منفذا للدخول.. وحول المناشدين الذين برّروا صمتهم وعدم احتجاجهم على إدراج أسمائهم بعامل الخوف فأنا أؤكّد أن هذا العامل غير موجود وليس إلا مطية لتبرير مباركتهم لنظام فاسد لأن الأمر لا يتعلّق بقرار سياسي خطير له تداعيات خاصّة».
حق الرد المهدور..
ويضيف الأستاذ العيوني «واذا عدنا للفصل 27 من القانون المنظّم لمهنة الصحافة سنجد أن هذا الفصل فتح الباب على مصراعيه للاعتراض على كل مقال صدرولم يستجب لرغبة صاحبه من خلال حق الردّ المكفول قانونا وذلك بصيغة ميسرة في الاعتراض ولم يعترض هنا أي شخص منهم بالقول أنه ضحية إكراه.. وأعتقد أن هناك مؤامرة سياسية خطيرة تحاك داخل الهيئة محكومة بتحالفات وقواعد معينة في اطارصفقة فيها الكثيرمن الالتباس والمغالطة فاذا فرضنا جدلا أن ادراج أسماء المناشدين كان غياب رضاهم فان عدم اعتراضهم الآني هو في حد ذاته اعتراف ضمني بالمصادقة الضمنية على ما ورد في القائمات وهو ما يصطلح عليه قانونا بالإجازة اللاحقة والتي تساوي المصادقة الأولية وهي يبنى عليها قانونا ولا تبرّأ صاحبها وهي بمثابة الموافقة الضمنية والصريحة».