حول الخطوط العريضة لحركة «مواطنة» وتقييم المشهد السياسي في تونس بعد 14 جانفي وموقفه من الأحداث الأخيرة والاتهامات المتبادلة والجدل القائم بين الأحزاب على الساحة السياسية اليوم كان لنا الحديث التالي مع السيد فوزي بن سالم الأمين العام ل"الحركة". بداية أين تجدون حركتكم من تشعب الخارطة السياسية وكثرة الأحزاب اليوم في تونس ما بعد الثورة؟ حركة «مواطنة» هي حركة سياسية وسطية اجتماعية تعمل وفق روح العصر والتصور الجديد لدور الدولة والمجتمع. أماّ عن كثرة الأحزاب فهذه الظاهرة ليست طبيعية فقط بل هي ظاهرة صحيّة باعتبار ما تعكسه من واقع تحرريّ وديمقراطيّ وقد أظهرت التجارب انه بعد كل ثورة تتكاثر الأحزاب لتبدأ في تقليص إرساء النظام الديمقراطي. وفي اعتقادي أن لكل حزب ابعاده السياسية الخاصة وتصور للحياة السياسية ولمنوال التنمية. إذن ما هي الخطوط العريضة لعمل الحركة في المرحلة القادمة؟ حركة «مواطنة» حديثة المولد وهي بصدد تركيز مكاتب بمختلف مناطق الجمهورية, كما ستعرض الحركة قريبا على موقعها على الانترنت «الكتاب الأبيض» الذي تعرض فيه رؤيتها ومقترحاتها بشان المرحلة الانتقالية القادمة بعد موعد 23 أكتوبر والنظام الجمهوري الأنسب للبلاد. وترى الحركة أن نظام الحكم الواجب التأسيس له وإقراره هو نظام يمزج بين الرئاسي والبرلماني ويقتصر دور المجلس التأسيسي فيه على اقتراح «دستور المواطنة « الذي يعرض على استفتاء شعبي تواصل فيه الحكومة الانتقالية مسؤوليتها بموجب استفتاء شعبي ينعقد بالتوازي مع انتخابات أعضاء المجلس التأسيسي حرصا على تجسيم ومتابعة الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية العاجلة. جدل كبير قائم حاليا حول تمويلات الأحزاب، ما هو رأيكم في هذا الموضوع وما هي مصادر تمويل حركتكم؟ وما رأيكم في توظيف الدين في السياسة؟ الحركة تقتات من مساهمات متواضعة لهيئتها التأسيسية وليس لها أيّة مصادر أخرى سوى منخرطيها الذين يساهمون في الحراك السياسي للبلاد. أمّا بالنسبة لملف المال السياسي فيبقى من اختصاص أحزاب دون أخرى وعلى الدولة إرساء آليات كفيلة بمراقبة تمويل الأحزاب. وبخصوص الجدل القائم حول توظيف الدين في السياسة فانه أمر مرفوض حيث لا يجوز حشر الدين في الخلافات والصراعات السياسية. وهذا الجدل يقع تغذيته من أطراف لا تخدم سوى مصالحها الذاتية وعلى بعض الأحزاب أن تعي بان عليها أن تلتقي في ثوابت الهوية العربية الإسلامية وان تقطع مع توظيف الدين في العمل السياسي الحزبي. هل تعتبرون أن هذه التوجهات والايديولوجيات وراء أحداث العنف الاخيرة؟ الصراع بين الأحزاب أمر طبيعي إلا أن الظرف الراهن لا يحتاج إلى صراعات بقدر ما يحتاج إلى توافق حول أساسيات المرحلة الانتقالية التي تتطلب الحوار النزيه والبناء بعيدا عن الحسابات الانتخابية والخطير أن تحريك الإشاعات اليوم بصدد إحداث فرقة داخل ابناء الشعب وتقسيمه إلى «سلفي» و»حداثي «حتى لا يعي التحركات السياسية في البلاد. ومن جهتنا تدين الحركة كل السلوكيات العنيفة التي شهدتها البلاد على غرار ماحصل في «سينما افريكا ارت». الهيئة العليا لحماية الثورة، هل نجحت في المهمة المنوطة بعهدتها؟ وهل نجحت فعلا في حماية الثورة وارساء الديمقراطية؟ رغم ما طغى على الهيئة العليا ومن العديد ومن أعضائها من تحركات حزبية وإيديولوجية في المقام الأول ومن تكريسها لمنطق الإقصاء والانتهازية باسم الإرادة الشعبية. إلاّ أنها ساهمت في التقليص من وطأة الفراغ المؤسساتي الذي خلّفه النظامان الفرديان اللذان حكما تونس طيلة 55 سنة. وقد مكنت البلاد من قانون انتخابي ومن نصوص قانونية ستساهم بتنظيم أفضل للحياة السياسية.ولعل اكبر دليل على التجاذبات والحسابات السياسية داخل الهيئة هو انسحاب اثنين من الأحزاب وعديد المستقلين مما أحدث فراغا داخلها.