تونس-الصباح : تواجه اليوم الصناعات التقليدية جملة من التحديات لعل أهمها ارتفاع أسعار المواد الأولوية في الأسواق العالمية نتيجة عوامل عديدة في مقدمتها ارتفاع أسعار النفط الأمر الذي يجعل التوفيق بين التكلفة والسعر أمرا عسيرا خاصة وأن خيار الترفيع في الأسعار لتغطية تكاليف المواد الأولية قد لا يخدم مصلحة بعض القطاعات في مجال الصناعات التقليدية التي تواجه بطبيعتها عزوفا ونقصا في الإقبال والاستهلاك من قبل المواطن... نذكر كذلك أن تسويق المنتوج وترويجه في ظل غياب التجمعات الحرفية القادرة على اقتحام الأسواق يعد من بين التحديات الأخرى التي تواجه الحرفيين لا سيما الصغار منهم...زد على ذلك بعض الصعوبات في مجال التكوين والإقبال على الحرف التقليدية من قبل المتكونين بالاضافة إلى مزاحمة المنتوجات الصينية التي غزت الأسواق واحتلت مكانها حتى في المدينة العتيقة وأسواق الحرف والصناعات التقليدية جنبا إلى جنب مع الجبة والنحاس والخزف والحرام والبخنوق والزربية والمرقوم... قطاع الشاشية أو صناعة الشاشية التي تعتبر الصناعة الوحيدة في العالم من نوعها تعتبر من القطاعات التي تواجه اليوم صعوبات عديدة منها ما يندرج في نطاق التحديات التي ذكرناها ومنها ما يتصل بجودة المنتوج والدخلاء أو السمسارة و"تجار الشنطة" الذين أضروا بسمعة القطاع في الخارج . وقد مثلت الندوة المشتركة التونسية الليبية حول التجديد في الصناعات التقليدية وسبل دفع الشراكة بين البلدين الملتئمة بالقيروان أيام 7و8و9 ديسمبر الجاري ،في نسختها الثانية بعد أن احتضنت طرابلس نسختها الأولى ، مناسبة للتحاور حول تحديات قطاع الصناعات التقليدية في مجمله وقطاع الشاشية بصفة خاصة لا سيما وأن ليبيا تأتي في المتربة الأولى في الأسواق المستهلكة للشاشية التونسية.وقد خصصت للغرض جلسة عمل مع معلمي الشاشية بالتوازي مع المداخلات وأشغال الندوة المشتركة.من جهتها سلطت "الصباح" الضوء على واقع قطاع الشاشية من خلال اللقاء مع أهل المهنة والتعرف على موقف الديوان الوطني للصناعات التقليدية وماذا عن الحلول المقترحة للنهوض والمحافظة على القطاع الذي يشغل حاليا حوالي 5 آلاف حرفي ويضم 28 منتجا من الحاصلين على نشان أو ترخيص ممارسة المهنة هذا بالاضافة إلى المساهمة في التصدير الذي بلغ خلال السنوات الثلاث الأخيرة حوالي 500 مليون كل سنة وفقا لتصريحات التصدير المعلنة لأن هذا الرقم لا يمثل سوى 35 إلى 45 بالمائة من الحجم الحقيقي للصادرات . نقص المواد الأولية خلال اللقاء مع السيد نور الدين الغرياني أمين صناعة الشاشية ومحمد على الطرودي ولسعد العزاوي تحدثوا عن جملة من مشاغل المهنيين في القطاع لا سيما صغار الحرفيين وفي مقدمة هذه المشاغل ارتفاع المديونية في القطاع مع قطاع الضمان الاجتماعي ومع البنوك ووجود أزمة مالية صلب تعاضدية المهنة التي تنظم القطاع إلى جانب مشاكل على مستوى توفر المواد الأولية وهو الصوف الذي يتم توريده من فرنسا حيث أشار محمد الطرودي إلى توقف عملية توريد الصوف الضروري لصناعة الشاشية منذ 2005 هذا إلى جانب تقادم معمل التلبيد وحاجته الضرورية للتأهيل...وقد أشار أمين الشاشية إلى وجود مساع مع وزارة الاشراف لإيجاد حلول لتأهيل القطاع وتجديد المعمل وتمنى أن تتم هذه الإجراءات في أسرع وقت... التجارة السوداء تحد آخر ورد على لسان الحرفيين ويهدد بشكل جدي مستقبل القطاع وسمعته في الأسواق المستهلكة للشاشية التونسية ويتمثل في تفشي ظاهرة "الغش" من ذلك أن بعض تجار الشنطة والمتطفلين يقومون بانتحال بعض الماركات المعروفة في مجال الشاشية وصنع صناديق مقلدة في الصين لتلك الماركات واستغلالها في تصدير نوعيات متواضعة من الشاشية إلى السوق الليبية التي تشتريها على أساس أنها أصلية للسوق المحلية الليبية وكذلك لتصديرها على ذاك الأساس إلى الأسواق الإفريقية لتكتشف بعد ذلك أنها ليست نوعية جيدة.وقد أبدى الحرفاء الليبيون تذمرهم من هذه الممارسات وقد يضر ذلك بمردودية القطاع وبسمعته في الخارج ... من جهتها أشارت مصادر الديوان الوطني للصناعات التقليدية إلى قلقها من هذه الممارسات وأشارت في المقابل إلى أن التصدي لهذه الظاهرة يكون من طرف أهل المهنة أنفسهم بالتعاون مع الديوان للحفاظ على سمعة القطاع. وفي لقاء مع السيد لطفي حدادة أمين عام النقابة العامة للصناعات التقليدية في ليبيا أشار إلى بعض الحلول للتصدي إلى مثل هذه الممارسات وذلك عبر العمل على تقنين أكثر عملية التبادل بين البلدين في مجال التصدير إلى جانب العمل على المحافظة على الجودة والمواصفات ودعا السيد لطفي حدادة إلى العمل على إيجاد صناعة واستثمار مشترك بين البلدين في مجال الصناعات التقليدية وكذلك على مستوى التسويق إلى الخارج...