كمال بن يونس التجمعات والمسيرات الشعبية التي نظمت أمس في مناطق مختلفة في العاصمة وجهت رسائل سياسية عديدة لصناع القرار ولزعامات النقابات والمجتمع المدني والاحزاب السياسية التي تستعد لخوض انتخابات 23 أكتوبر القادم. أهم تلك الرسائل اجماع النخب النقابية والسياسية والحزبية حول مجموعة من المطالب وعلى رأسها تكريس شعارات ثورة الكرامة لا سيما الحريات واستقلالية القضاء والاقرار بكون انصاف ضحايا العقود الماضية مسؤولية يتحملها أساسا القضاة الذين تمنحهم القوانين في تونس سلطات عليا لرد الحقوق لاصحابها فورا والزام المعتدين بالاعتذار للمظلومين واعادة ما اغتصبوه من عقارات واموال واملاك. وكان من بين الرسائل المشتركة التي رفعتها التجمعات والمسيرات دعوات الى التعجيل بالبت في القضايا السياسية والاقتصادية والاخلاقية التي اتهم بها مئات من اعضاء عائلة الرئيس المخلوع وزوجته ومقربين منه وعلى راسها ترويج المخدرات وغيرها من الممنوعات مثل تشجيع شبكات للاتجار في الرقيق الابيض ، الى جانب اعطاء الاوامر بالقتل والاستيلاء على ممتلكات عمومية وخاصة.. لكن الوفاق حول دور القضاء ومكافحة رموز العهد السابق المتهمين بالفساد والاستبداد لم يمنع بروز رسائل سياسية سلبية على راسها تشرذم الطبقة السياسية والنخب في بلادنا بشكل مبالغ فيه. لقد افرزت تحركات امس تناقضات صارخة بين أجندات بعض المجموعات التي قادت التحركات: المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل وبعض قادة الاحزاب السياسية تحركوا في بورصة الشغل وشارع محمد الخامس، ومجموعة نقابية نظمت تحركت موازيا انطلاقا من ساحة محمد علي وصل الى شارع بوقيبة قبل أن تفرقه قوات الامن بالقرب من وزارة الداخلية ، ومجموعة من المحامين والقضاة والناشطين تحركوا انطلاقا من مقر المحكمة الابتدائية في باب بنات مع التركيز على مطلب اصلاح قطاع القضاء والوفاء للشهداء والجرحى عبر انصافهم معنويا وتكريس التضامن مع ذويهم.. إن مابرز أمس من تشرذم بين النشطاء السياسيين والنقابيين وضعف تجاوب الشارع مع المتظاهرين يفسر ظواهر سلبية كثيرة برزت خلال الاسابيع الماضية من بينها ضعف التحمس للترسيم في الانتخابات (قبل التمديد الاول والثاني) وتضخم " الزعامات الحزبية التي تتنافس على الكراسي" ودخلت مبكرا في سباق " محاصصة "عساها تضمن بعض المواقع و"الحقائب" قبل أن يقول الشعب كلمته في 23 اكتوبر.. هذه المؤشرات تستحق وقفة تأمل ونقد ذاتي عسى المرحلة القادمة تشهد عودة للقبول بتشكيل تحالفات تؤدي الى تشكيل كيانات سياسية حقيقية فاعلة وناجعة بين ال100حزب.. تمهيدا لبلورة بديل سياسي محترم للطبقة السياسية التي حكمت البلاد وثرواتها طوال العقود الماضية..