باستثناء الفنان المسرحي محمد ادريس وبعض اعضاء «حاشيته» فان اجماعا يكاد يبدو قائما خاصة في صفوف النقاد والاعلاميين بأن الدورة 13 المنقضية من أيام قرطاج المسرحية تعدّ الأسوأ والأردأ والأكثر خفوتا في تاريخ هذه التظاهرة المسرحية الدولية.. الطريف هنا وان كان المجال ليس مجال طرافة و«ظرافة» وتندّر ان وسائل الاعلام الوطنية المكتوبة مثلا بمختلف توجهاتها (رسمية ومستقلة ومعارضة) اشارت بصيغ مختلفة الى هذا المعنى.. ولكن، وحتى لا نتجنّى على أحد لا بد من الاشارة بالمقابل وقبل أن نخوض في بعض التفاصيل الى أن الدورة 13 لأيام قرطاج المسرحية قد أمكنها مع ذلك ومن خلال استيفائها لبرنامج عروضها كاملا وفي آجاله المحددة وهو البرنامج الذي اشتمل على ما يزيد عن ستين عرضا مسرحيا وفرجويا بمشاركة تسعة بلدان عربية وخمسة بلدان اجنبية أن تحافظ على الاقل على «استمرارية» وتواصل انتظام هذه التظاهرة التي تعدّ في حد ذاتها مكسبا ثقافيا وطنيا لا بد من المحافظة عليه واثرائه. والواقع، ان مسألة المحافظة على تظاهرة ايام قرطاج المسرحية و«حماية» توجهاتها الثقافية التي تأسست عليها تاريخيا بوصفها تظاهرة مسرحية فنية «تنتصر» اساسا للحركة المسرحية الناشئة في البلدان العربية والافريقية وتعمل على التقريب بين المسرحيين العرب والافارقة والتعريف بابداعاتهم لدى الجمهور التونسي واتاحة الفرص لهم للالتقاء والتحاور فيما بينهم هي التي مثلت محور «الخلاف» المستجد بين فريق من المسرحيين والنقاد وبين هيئة ادارة تظاهرة ايام قرطاج المسرحية بادارة الفنان المسرحي محمد ادريس وهو «الخلاف» الذي يبدو أنه بلغ اوجه خلال الدورة 13 المنقضية الى درجة ان اصواتا مسرحية تونسية وعربية هذه المرة ارتفعت عاليا خلال هذه الدورة تنادي بضرورة وقف مسار التدهور الذي آلت اليه أيام قرطاج المسرحية التي لم تعد في رأيهم بفعل ما لحقها من «تعديلات» على مستوى التنظيم والتوجهات خاصة خلال الدورتين 12 (قبل الاخيرة) و13 (الاخيرة) قادرة حتى على «صنع الحدث الفني فضلا عن كونها لم تعد تبدو من خلال توجهاتها «الجديدة» وفية لاهدافها الثقافية والحضارية التي بعثت من أجلها. وحتى لا نكون كمن ينتصر لهذا الفريق او ذاك فاننا سنكتفي في هذه الورقة بالاشارة الى بعض المظاهر و«الاختيارات» التي رافقت انتظام الدورة 13 المنقضية من ايام قرطاج المسرحية والتي تبدو وكأنها تؤشر بالفعل لنوع من التدهور ومن «النكوص» بالتظاهرة الى درجات دنيا من الجودة والحرفية.. ومن بين هذه «المظاهر» غياب الاحتفالية في معناها الفرجوي في حفلي الافتتاح والاختتام وكذلك الغاء عنصر المسابقة من الايام وبالتالي الجوائز.. هذا فضلا عن المستوى المتواضع فنيا لاغلب العروض المسرحية للدورة بما فيها عرض الافتتاح وهذا بشهادة اغلب النقاد.. زد على ذلك المستوى الهزيل الذي بدت عليه كتابات ونصوص نشرية المهرجان والغاء حصص مناقشة العروض مع الجمهور والفنانين. هل تكون ايام قرطاج المسرحية في حاجة بالفعل لحركة انقاذ.. قطاع عريض من الجمهور والنقاد والمسرحيين يعتقدون ذلك..